قدم الفنان التشكيلي زهير مليباري في مسيرته التشكيلية التي امتدت نحو 20 عاما أعمالا تشكيلية جرد بها عناصر التراث البيئي المشتق من حضارة وتاريخ مكةالمكرمة. مليباري استطاع في أعماله وأسلوبه المعاصر أن يحقق توافقا وانسجاما بين الأصالة والأسلوب الحديث في التلوين، حيث ملامس السطوح والتأثيرات اللونية تشكل هاجسا للفنان الذي حتما تميز عن غيره وأقرانه بارتباطه الوثيق بالفرشاة واللون حتى في عمله. لم يكن احتراف مليباري للفن هو سر تميزه بل لأنه خاض في مجال الفنون سنين طويلة مقدما تجارب فنية شكلت منها منهجا وأنموذجا يحتذى به في تدريس مواد التربية الفنية على مستوى تعليم مكة. الحداثة عند مليباري تركزت في توزيع اللون ليحتوي جماليات الواقع بمفرداتها وعناصرها ورموزها معيدا ترتيب الأشكال بأسلوب واحد وبأكثر من اتجاه، وذلك بتبسيط العناصر وأبعادها عن حقيقتها في الطبيعة. في معرضه الأخير رباعيات جسد مليباري بيئة مكةالمكرمة بلوحات تأثيرية أدهشت المتلقي، حيث تمكن في طرحه بالتحرك ضمن إطار اللوحة البيضاء من خلال رؤيته الفنية والفكرية، حيث كان يملأها بنماذج من عناصر تراثية أثرت فيه كفنان عاش وترعرع بين حواري مكة القديمة، فكانت الرواشين والأبواب والنوافذ شاهدة على تاريخ فنان، إضافة إلى أزقة وحواري مكة القديمة والتي ذكرت الكثير من زوار المعرض بماضي طفولتهم والتصاقهم فكريا وثقافيا بتلك الأماكن بنماذج متنوعة في العمق ومتوحدة في الشكل. لقد نسج مليباري تلك الذكريات وبقايا صور الطفولة المحفورة في ذاكرته على ألواح الكانفوس ليخرج أعمالا مختلفة في التناول مستمدا ألوانه من عبق التراث والتاريخ المكي القديم.. محلقا في سماء الحرية الفنية ببحثه المستمر عن الجديد في الفنون تاركا التكرار في الطرح والبعد عن التقليد، لإيمانه أن العلاقة الديناميكية الكائنة ما بين العناصر التراثية المتنوعة وبين العنصر الإنساني هو ما يؤكد على مقدار ارتباط البشر الوثيق بالبيئة المحلية، مذكرا المتلقي بسحرها وجاذبيتها وجمالها الحي في حياتنا اليومية. زهير مليباري هو إحدى الشخصيات الفنية البارزة في المشهد التشكيلي السعودي وصاحب بصمة واضحة في التجديد الفني، استطاع من خلال دراسته الأكاديمية أن يبتكر أساليب جديدة للفنون كان من أهمها الأسلوب الفني بين التلقائية والتجديد وأسلوب الريليف بالرمل، له عدة أبحاث محكمة في طرائق الفن التجديدي. شارك في الكثير من المعارض المحلية والعالمية، حصل على العديد من الجوائز، وعضو الجمعية السعودية للثقافة والفنون.