«من فيض».. من دواخل الأسماء التي يستضيفها هذا الفضاء، نحاول مقاربة جوانب مخزونها الثقافي والمعرفي، واستكناه بواطنها لتمطر، ثم تقديمها إلى الناس، مصطحبين تجاربهم، ذكرياتهم، ورؤاهم في الحياة ومن حولهم، وذلك على شاكلة أسئلة قصيرة وخفيفة في آن معا. هو من جيل وسيط جيل امتهن العمل الصحافي بكل ما أوتي من قوة، وله من اسمه نصيب لأنه كان في الغالب يدهشنا بأعماله الصحفية وبحضوره في بلاط صاحبة الجلالة.. هو علي مدهش نائب رئيس تحرير «عكاظ» في فترة ما، وقبل ذلك هو مدير تحرير «عكاظ» والصحافي الميداني والمصحح اللغوي وأشياء كثيرة تكون شخصية الصحافي في دنيا الصحافة. علي مدهش الذي يحل ضيفا علينا في غيض من فيض، هذا الأسبوع حاولنا أن نتناول كل ما له علاقة بجوهر ومحيط العمل الصحافي في فترة توهجه كصحافي وكمسؤول في نفس الوقت، علي مدهش الذي يوزع إقامته حاليا بين المملكة ومصر، عاش النشاط الثقافي والإعلامي في كل مكان، وخرج بخلاصة يقول لنا فيها إنني الصحافي المكتمل العناصر، ومن هنا كانت بدايتنا مع علي مدهش: • رغم فوارق الأجيال إلا أنك قريب من الجميع، هل اختصرت المراحل، أم تمرست بالحب في إبقاء هذه العلاقات؟! هي شهادة غالية أعتز بها وأثمن قيمتها عاليا.. ولكن كوني على مسافة واحدة وقريبة جداً من الأحبة الذين أسروني بتوادهم وتواصلهم وتراحهم، فليست بالحدث الأعظم ولا وليدة صدفة لحالة استثنائية.. وإنما هناك الكثير من البشر وهم الأجدر بهذه الميزة أجزم أنهم يفوقونني صلة بالغير، بل على علاقة أكثر حميمية وتلاحما مع الأجيال السابقة واللاحقة.. انظروا مثلا لصديق الصبا عمدة المحبة بحق المرحوم محمد صادق دياب، إنه خير من يمثل هذا النمط من الأغنياء بالحب والعطاء.. وهذا يعني أن محبة الناس ليست بحاجة إلى وصفة سحرية.. ومستحيل إنتاجها من معامل تصدر الدمعة والبسمة والموقف.. وببساطة شديدة فإن قيم الإنسان وأصالته ومسلكه النوعي هو الذي يصير قدرته التلقائية على بناء جسور الثقة والمصداقية والشفافية لخلق تعامل نقي وانفتاح على الآخر.. لا أن يكون سببا في إحاطة نفسه بأسوار من الخصوم.. هذا إذا أدرك أصحاب الجاه وأهل المناصب المتحكمة بتصريف شؤون الأعمال وهموم الناس أن كراسيها ليست غاية أو جزءا من ممتلكاتهم الخاصة.. وإنما هي حالة عارضة وجدت للخدمة العامة و«إنما الأمم الأخلاق». • بدأت حداثيا قبل الحداثة، أين أنت منها الآن بعد أن صارت موضة للكثيرين؟ دعني أقول لك أن مصطلح «الحداثة» لم تتبلور قوته أو يعلو صوته إلا بعد مرحلة قطعتها في بداية ممارستي الكتابة.. حيث كانت البيئة الثقافية مهيأة أكثر، بل ومتأثرة بالعديد من التيارات والمذاهب الأدبية السائدة في منتصف الستينيات الميلادية، وبالذات «الرمزية» التي أشاعها «بودلير» وانسجم معها شعراء وكتاب دانوا له بالريادة أمثال رامبو ومالارميه وفاليري، ومن ثم فاقت الرمزية أطرها الزمانية والمكانية وغدت لغة إبداعية ملهمة استوعب ثقافتها رواد الحداثة الشعرية في عالمنا العربي أمثال بدر شاكر السياب وصلاح عبد الصبور وأحمد حجازي، ولم يغيب عن الذهن ما فعلته «الرمزية» في أعمال أديبنا الكبير محمد حسن عواد شعرا ونثرا ودراسة.. ولست أنا وحدي الذي تأثر بهذا اللون الأدبي، بل إن المناخ العام كان مهيأ للعديد من الكتاب والأدباء العاملين في الصحافة وخارجها، أغنوا الساحة الثقافية بعطاءات تنوعت أشكالها وتناولت كافة الأجناس الأدبية شعراء ونثرا وقصصا ورواية أبرزهم المرحوم الأديب عبد الله الجفري ومشعل السديري والسالمي ود. هاشم عبده هاشم وسباعي عثمان وعبد الله الماجد وفواز عيد وعلوي الصافي وسواهم. وأعترف أن الحداثة التي حملت أفكار البنيوية والألسنية من خلال الحراك الثقافي الذي خاض غماره زميلنا الدكتور سعيد السريحي والمرحوم محمد الثبيتي والدكتور عبد الله الغذامي وسعد الحميدين وفايز أبا وعبد الله الصيخان وباهيثم والحميد وسواهم، الأمر الذي أدى إلى احتدام صراع طال أمده مع دعاة الحفاظ على التراث وحماة التقليد الأدبي، كان أشرسهم المرحوم الأستاذ محمد عبد الله مليباري والاستاذ المفرجي.. هذه الحداثة المعاصرة ظللت متفرجا وليس لي أية شراكة فيها لا لشيء إلا لأن المهنية الصحافية استنزفت كل وقتي، بل كانت كفيلة أيضا بنسيان الحنين لماضي الرمزية الأثير. • ماذا تبقى من الصفحة السابعة في ذاكرة العكاظي علي مدهش؟ ذلك كان شيئا من ماضي الزمن الجميل.. ولم يتبق من «السابعة» التي كانت وقتها بمثابة «الحضانة» لكثير من الأقلام الساطعة في رحاب صحافة اليوم.. أبرزهم مشعل السديري وعبد الله باجبير.. من ذلك كله لم يتبق إلا الذكريات التي تدق أجراس صداها الحاكي. • أين المرأة من سيرة حياة الإنسان والصحافي والكاتب علي مدهش؟ شخصيا لا أقدر على احتمال حياة يمكن أن تستقيم بدون وجود امرأة.. سر وجود الحب في قبضة امرأة.. رقي الحياة ونموها من نبع امرأة.. ينبوع الحب الذي عبر عنه نزار قباني في قوله «الحب في الأرض بعض من تخيلنا.. لو لم نجده عليها لاخترعناه».. فهل يصح لنزار أو غيره التفكير في اختراع حب لا وجود للمرأة فيه ما لم تكن في الأصل هي وطن الرجل؟! • ترحل الأمكنة وتبقى الوجوه.. هل قلبنا الدليل أم هذا هو الواقع الآن؟ في تقديري كلاهما باقٍ.. لا الأمكنة راحلة.. ولا الوجوه ماضية.. إنهما حقيقتان متلازمتان ومتأصلتان لا تنفصمان عن بعضهما البعض حتى لو انمحى أثرهما من الواقع؛ لكنهما حيان كالأطلال ينبضان بالتصور والخيال. • من الذي رحل ولازالت صورته تلوح في ذاكرة «أبو فيصل»؟ لأن والدي رحلا قبل أن أعرف أو أرى أي ملامح من ملامح صورهما.. تذوقت بغيابهما وبال اليتم.. إلا أن إحساسي الحقيقي باليتم آخذ بالتضخم من خلال مضخة الحزن التي يتعاظم أنينها إثر فقد غوالينا الأخيار. اليتم برحيل أستاذنا الكبير معلم الصبيان محمد حسين زيدان. اليتم برحيل رفيق المهنة صديق العمر الأديب عبد الله الجفري. اليتم برحيل وزير الناس بلا وزارة معالي الدكتور محمد عبده يماني. اليتم بفقد أستاذ الصحافة عبد الغني قستي. اليتم بفقد صديق الصبا والمدرسة ابن الحارة وعمدة تاريخ جدة محمد صادق دياب، ذلك قدري أن يعيش اليتم هاجسا يحيي الدعوات للراحلين بالغفران والرحمة. • يسعد صباحك.. زاويتك اليومية في «عكاظ»، أين اختفت؟ لا أظن أن زاوية «يسعد صباحك» ذهبت مع الريح.. وإن كان عنوانها قد تلاطمته الأمواج وتناوشته «الفضائيات» من جهة، وطار مع أغاني «عبادي الجوهر» من جهة ثانية، وإنما تركتها «وديعة» في ذمة التاريخ.. فإن هي أوقظت من سباتها فلا مجال لإحيائها إلا في «عكاظ» بيتي الأول والأخير، لا لشيء إلا لأنها ولدت في «عكاظ» ولن تخرج من «قماط» صحيفة عكاظ حتى اللحد.. لكن متى (؟!) الله أعلم. • يقال إن «يسعد صباحك» ستغرد مثلك في القاهرة وسنراها في واحدة من الصحف المصرية.. هل هذا صحيح؟ هذا ليس صحيحا.. لأني لست من هواة «حمل الرفش» لأمشي حسب إلهام شيخنا المرحوم أحمد السباعي.. وبالتالي فإن «مصر التي في خاطري» هي بالنسبة لي محطة متحركة، وإنها لغنية بأقلام كتابها الرائعين وليست في أجندتي على الإطلاق. • ما هي قصة اختيارك اسم الزاوية، ولماذا لا تجمع مقالات زاويتك «يسعد صباحك» في كتاب مطبوع؟ لا قصة ولا حاجة.. الشاهد أنه بعد قرار عودتي الثانية ل«عكاظ» مفرطا بوظيفة محترمة درجتها التاسعة في تحلية المياه في الرياض باستدعاء من أخي الدكتور هاشم في أعقاب تعيينه رئيسا لتحرير هذه الصحيفة مباشرة وكمدير للتحرير.. أذكر أنني بادرته صباح مباشرتي للعمل مبكرا بتحية «يسعد صباحك»؛ لكن بحسه الصحفي العالي حولها إلى «عنوان» علقه يومها على يمين الصفحة الأخيرة وقال لي أكتب فهذه زاويتك اليومية.. أما مسألة إصدار مؤلف لبعض ما كتبت تحت ذلك العنوان فلم يخطر في بالي أن أقدم على مثل هذه الخطوة.. قد تسألني لماذا؟! أقول لك لا أدري.. لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا. • لماذا اختفى علي مدهش عن الساحة بعد تقاعده؟ منذ أن لذت بالرحيل عن «عكاظ» بدعوى التقاعد.. تبدت لي حقيقة أنني تعجلت في طلب الحرية فقادتني إلى الانعزال والنأي بنفسي عن الاقتراب من بلاط الصحافة مرة جديدة.. ولك أن تتخيل كيف تهيأ لي أنني محشور داخل كبسولة انفصلت عن مدارها.. لتبقى معلقة في الهواء لا هي في السماء ولا هي في الأرض، ولا ملاذ إلا بالنجوى حفاظا على الهيبة والتوازن النفسي. صحيح أن الحرية والانعتاق من المهنة كانتا حلما أتوق بكل الوسائل والطواعية لتحقيقه.. لكن الأصح هو أنني سقطت في الخطأ عندما تعجلت في طلب الراحة والقناعة بلا عودة عن سبق إصرار وترصد.. مكررا ذلك الخطأ الذي كدت أقع فيه في التسعينيات الهجرية عندما أقدمت بالضرورة على ترك الصحافة في مقابل عمل الأسوأ كسائق «للتاكسي»، وذلك أملا في طلب الحرية والكرامة.. وبمنة المولى لم تستمر التجربة أكثر من أسبوع واحد، أذن لي فيها بحتمية الانتقال لوظيفة الميري في تحلية المياه المالحة. • ابتعادك عن الوسط الإعلامي.. هل يعد موقفا أم احتجابا؟ الباحثون عن الأدوار هم الذي لا تكف أقدامهم وألسنتهم وأيديهم عن السعي وراء الأهداف والغايات، وهو حق مشروع.. لكني بعد تقاعدي آثرت الراحة دونما بحث عن الأكل من خارج الصحن.. فالقناعة كنز لا يفنى وأجملها الزهد والتقوى. • تقطن حاليا في القاهرة.. ولكنك هناك منعزل عن الناس.. لماذا؟ «مشيئة الله.. فوق كل النوايا والطموحات ولا راد لقضائه». • قال لي أحد الأصدقاء أنك بعد تقاعدك ووجودك في القاهرة عرفت من هو الصديق الأصلي من غيره.. ماذا تقول؟ «الناس معادن.. وصداقة الأصلاء تلمع كالذهب في أوقات الشدة.. أما الصداقة «الفالصو» فلا يساوي ثمنها إلا حفنة من التراب.. ولأن الحياة تجارب فلا بد أن تصدمك حالات من النوع الذي تتكشف أمامك حقائقهم كأكوام من الوحل والطين والتراب. • من هم الأصدقاء الذين ما زلت تعتز بهم؟ أفديك بعمري دون أن أعد لك اسماءهم.. فهم الأعز والأغلى من أن يذكروا سواء من داخل هذه الصحيفة التي تركت بصمة لا تنسى في تاريخ حياتي أو خارجها فأنا مدين لهم بالوفاء والعرفان بالجميل، بحكم تواصلي وتواصلهم معي في ذهابي وايابي وفي ضعني وترحالي.. والفضل كله لما بنيناه معاً من قيم الاحترام.. فجزاهم الله علي خير الجزاء وللمحبة حسن الدوام. • قل لي بصراحة.. ما هي هواياتك؟ وهل تمارس الرياضة؟ لم يعد في العمر بقية إلا ممارسة الاطلاع والقراءة.. ورياضة المشي والتنزه في الرحلات إذا ما تيسر الأمر.. والأحلى والأجمل من كل هذا مؤانسة الأحفاد. • كيف تقضي يومك.. وهل أنت سعيد في حياة ما بعد التقاعد؟ إن قلت إنني سعيد في حياتي بعد التقاعد فذلك يعني أن الكذب مهنتي؛ لأن السعادة نسبية نفتقدها حين نريدها ونشتهيها.. وتزورنا أحيانا في غمضة عين لكي تختفي وكأنما تلعب معي لعبة «الاستغماية» شهودها هم الصغار. • أنت إعلامي أصيل، مارست الصحافة حتى الأخير فهل تتابع الصحف السعودية أثناء تواجدك في القاهرة.. وكيف تتابعها؟ أجل.. تواصلي معها لا ينقطع، وخاصة صحافتنا الإلكترونية التي توافينا يوميا بالجديد الذي يصدر عن صحفها الورقية.. إضافة إلى مشاهدة قنواتنا الفضائية.. بحيث تضعنا هذه الإصدارات في أجواء ما يحدث في الوطن الحبيب من حراك سياسي وثقافي واجتماعي وتنموي وتعوض كثيرا عن الشعور والإحساس بالغربة.. أما الصحف الورقية فمن النادر أن نجدها في مدينة نصر.. وكنت مثلا أسعى للبحث عنها في وسط القاهرة. • أنت من أوائل من احترفوا الصحافة في المملكة.. كيف تراها سابقا وكيف تراها حاليا؟ الفارق هائل.. والبون شاسع ورهيب بين صحافة الماضي وصحافة اليوم.. ففي أول عهدي بالصحافة وقبل 48 عاما من الآن كنا نجمع أحرف العناوين بالأيدي حرفا حرفا.. أما حروف صفحات الصحيفة الملونة من ست أو ثماني صفحات، فكانت عبارة عن كتلة من أحرف الرصاص اسمها «الليونتيب» أما العناوين الكبيرة فكانت تسحب «بالزنكوغراف» بحيث يستغرق أداء عمل الصحيفة من بدئه ونهايته وقتا يفوق ال 16 ساعة في اليوم الواحد هذا إذا لم تطرأ عوارض أخرى تؤثر على مواعيد صدور الصحيفة. أما اليوم وبفضل ما حدث من تطور تقني رهيب في وسائل الطباعة، فقد أخذ وقته السريع في التدرج من مرحلة إلى أخرى أكثر حداثة، وصولا للشبكة العنكبوتية التي اختصرت كل المراحل وربطت الأداء التحريري الذي تديره قدرات وكفاءات عالية المهارة باستخدام أدوات الطباعة السريعة؛ ليكتمل معها رقم الصدور في وقت قياسي وبأعداد هائلة يطالعها المتلقي وقتما يشاء ودون عناء.. تلك النواحي التقنية اعطت مؤشرات تسمح بتكوين وإعداد صحيفة ما في عاصمة شرق أوسطية لطباعتها في أقصى نقطة بالعالم في شرق الكرة الأرضية أو غربها، والبقية تأتي ما دام هناك شيء اسمه «ميكروسوفت» و«جوجل» وبناتهما الجميلات التويتر والفيس بوك واليوتيوب والحبل على الجرار. • وكيف ترى مساحة الحرية سابقا وحالياً؟ يبدو أن هامش الحرية اتسع بقدر كبير.. ولكن الرقابة الذاتية كما يبدو أيضا أنها تضيّق الواسع إلى حد ما. • وما رأيك في صحافة الإنترنت؟ بلا شك.. لا أحد يراهن إلا على أن الصحافة الإلكترونية هي صحافة المستقبل.. ذلك أن بوادر نجاحها ظاهر للعيان من خلال استقطاب مواقعها لمئات الزوار الذين يطرقون أبوابها ويجدون فيها ما يروي عطشهم من أحداث وآراء وقضايا لها علاقة بهموم الناس، وما يعتور هواجسهم من شؤون وشجون.. وهي وإن ظهر في بعضها الوهن والضعف وعشوائية الأداء إلا أن ذلك مرحلة مكتوب لها النهاية ولا يصح بعدها إلا الصحيح. • ومن من الكتاب الذي ترى أنه أعاد للعمود الصحافي رونقه والزمن الجميل للكتابة؟ لدي أكثر من كاتب أعجب بطروحاتهم اليومية.. وآخرين أقرأ لهم.. ولست ملوماً إن كنت أتحفظ بعض الشيء أحيانا على ما يكتبون.. منهم خالد السليمان وخلف الحربي ود. هاشم عبده هاشم ومحمد عمر العامودي وعامر الأحمدي والدكتور فؤاد عزب والدكتور عبد الله الفوزان وبشرى السباعي.. أما كتاب الزمن الجميل فهما الراحلان عبد الله الجفري ومحمد صادق دياب. • صحافي أو كاتب تنبأت به، وأصبح له شأن في الصحافة، وآخر في الوقت الحالي تتنبأ له بمستقبل زاهر؟ قد لا أدعي لنفسي الفطنة في التنبؤ بصحفي أو كاتب أصبح له عظيم الشأن في صحافتنا.. ولكن الذي استطيع قوله هو إنني لست إلا مجرد داعم أو محفز لكل من عمل معي عن قرب أو تعامل معي من بعد.. ولكم أن تسألوا الدكتور فهد العرابي الحارثي.. وأخيرا بشرى السباعي. • ما هي علاقتك حاليا مع الصحافيين ورؤساء التحرير؟ ومن من هؤلاء تعتز بهم؟ احتفظ بقدر كبير من الود لكل رؤساء التحرير الذين تربطني بهم علاقة قائمة على الاحترام، وبلا استثناء بدءا بكبيرهم رئيس هيئة الصحفيين تركي السديري ونائبه خالد المالك وانتهاء بأصغر رئيس تحرير أو من الذين سبقونا بمغادرة كراسيهم ومن لحق بهم من بوابة الخروج.. وأستطيع القول إنني لم أقابل بعضهم إلا في مناسبات متباعدة وبمحض الصدفة.. أما الاقتراب من المتبوئين لكراسيهم غير المتحركة.. أجزم أنهم الأقرب لنياط القلب؛ ولكني الأبعد عن أية علاقة بكراسيهم.. أعانهم الله. • أثناء أحداث الثورة المصرية كنت متواجدا في القاهرة، ولكنك لم تعد مثل البقية، ثم اضطررت للعودة.. مِنْ مَنْ خفت وقررت العودة؟ مكثت عشرة أيام في القاهرة بعد الثورة.. ملتزما البقاء في مقر إقامتي وبقرارات الحظر في انتظار عودتي إلى أرض الوطن طبقا لموعد الحجز الذي صادف وإن أكدته قبل أحداث الثورة بيوم واحد.. وفوق رباطة الجأش فإن الإحساس بالأمان تزايد من خلال تواجدي في موقع سكني الذي تقيم فيه شخصية سعودية تشغل منصبا قياديا مرموقا في جامعة الدول العربية، حيث ألقت ظلالا من الأمن والأمان فضلا عن بعدها عن موقع الأحداث في ميدان التحرير حتى كتبت لي العودة بعد الزحام. • رسائل لمن توجهها؟ عبد المقصود خوجة: إن كان ثمة مدرسة في العالم تسمى مدرسة التكريم فهي مدرسة الاثنينية التي تطاول بنيانها حتى بلغت مشرق الشمس ومغربها.. وقدمت علماء أجلاء لا تبارى إبداعاتهم وفنونهم ورقي جهودهم فيما قدموه من خدمات إنسانية وتاريخية وعلمية كل في مجال تخصصه وعلو كعبه فيما أنتجه من أجل تنمية وترقية الإنسان وتطوير الشعوب.. وسواء من أبناء هذا البلد المعطاء أو من خارج الديار العربية والإسلامية.. ولعلها إسهامات مقدرة تحسب لأهلها وتحسب لكم في إظهارها وإلقاء الضوء على أثرها وتأثيرها.. إزاء عظائم التكريم تلك.. أليس من حقك علينا أن تحظى بالجائزة التي تستحقها؟! ولأننا لا نقوى على تقديمها كأفراد فإن للجنادرية دورها في تفعيل مبدأ التكريم لكم من خلال مهرجاناتها المقبلة.. ودمت أهلا لكل معاني الجائزة. * الدكتور أيمن حبيب: بعد استراحة محارب عدت فرس رهان أثق بقدراته على إعادة «عكاظ» لسابق عهد عشناه سويا قلبا وقالبا حيوية ووهجا، في ظل مناخ لم تعد الظروف ملائمة لاستنساخه وإنما بروح جديدة تدعو لإيلاف اللحمة كأولوية استثنائية داخل «بنية التحرير»، ومتى ما توفر لك الدعم الإداري والمالي فإن ذلك كفيل لكسب الرهان مع أخذ الاعتبار والاستفادة من دروس الماضي خصيصة أهل الأبصار أعانك الله. * صالح الشيحي: لمسة رائعة منك إذا سرت لهيئة الدواء والغذاء عاطر الثناء.. كاستحقاق لجهودها الملموسة في تثبيت تسعيرة الدواء بكافة صيدليات مدن المملكة.. إلا أن القراءة الفورية لفاتورة الدواء الحالية تجعلني اتساءل عن عدم حدوث فارق في تسعيرة اليوم، وبعد أن أخذ الدولار عافيته قياسا لسعر اليورو الذي تسبب في إحداث فورة سعرية في قيمة الأدوية قبل عامين من الآن أمام الدولار الضعيف.. هذا ما كانت تدعيه شركات الأدوية الأوروبية.. أما وقد زال السبب فلم لا تستأصل الهيئة ورم الزيادة في أسعار ذلك الوقت وتعيدها لمسارها الصحيح.. ومن ثم يكون لإطراء الهيئة ثمن وقيمة. * عبد العزيز قاسم: لا قيمة لصحافي اعتمد المغالطة والإثارة الصحافية أسلوبا لتعامله على حساب النزاهة وشرف المهنة.. فأنت لم تكن محقا حين وظفت اسمي معبرا لمكاشفتك مع رئيس تحرير «عكاظ» وقتذاك الدكتور هاشم عبده هاشم ودونته في كتابك «مكاشفات» لتقول له في المواجهة إنك احتفظت بالحلقة الأضعف علي مدهش وسعيد السريحي وهذا الزعم مغلوط من أساسه؛ لأن علاقتي ب«عكاظ» انتهت في منتصف عام 1424ه وقبل شهرين من ترك د. أيمن حبيب للصحيفة التي عاد إليها أخيرا وأصبح المكلف برئاسة تحريرها.. وأحمد الله أنني أمضيت 36 عاما في خدمة الصحيفة دون أن أطأطئ رأسي لأحد شاكرا لأخي الدكتور هاشم الذي ظل يذكرني بموعد تقاضٍ حتى قضي الأمر.