جدة - شاكر عبدالعزيز تصوير- خالد الرشيد .. وسط محيط اعلامي واسع وفي اثنينية الأستاذ عبدالمقصود خوجة اللامعة تحدث الاعلامي الدكتور بدر أحمد كريم فقدم للحضور من الاعلاميين والمثقفين والادباء عرضاً شيقاً عن مسيرتنا الاعلامية في مجالات الاذاعة والتليفزيون وعرج أيضا على الصحافة.. كيف كانت البدايات الأولى ومن هم فرسان هذه المرحلة وقدم وثيقة اعلامية تخللتها العديد من المواقف والمحن نعرضها اليوم والحديث للإعلامي الدكتور بدر أحمد كريم: في بعض المناسبات تقف الكلمات عاجزة عن التعبير، ولا تقدر الأفواه على التلفظ بها.وهنا يقف الإنسان امام اختبار صعب. لا اريد أن أتفلسف. الشكر كل الشكر لصاحب هذه الاثنينية «المثقف الواعي عبدالمقصود خوجه» فلولاه لما كان اللقاء مع هذه النخبة، ولولاه لظل تراث التكريم في حاجة إلى تأهيل، وإعادة تأهيل. الماثل أمامكم، ينبعي المولد، مديني النشأة، جدي الشباب، رياضي الإقامة. لم أمض من عمري في ينبع إلا خمس سنوات، وعندما توفيت والدتي «زبيدة حامد عبدالرؤوف الخطيب» حضنتني خالتي «جميلة» ومن بعد زوجة عمي حامد «السيدة رقية حمزة بخيت» وبعد مضي سنوات، انتقلت مع والدي إلى جدة، وفي منزل الشيخ «محمود عبدالغفار الأنصاري» والد أخي «عواد» الذي انتقل إلى رحمة الله «الاربعاء الماضي 19 صفر 1431ه « وأخي «منصور» الذي انتقل إلى رحمة الله العام الماضي، في هذا المنزل، احتضنتني زوجة الشيخ محمود «زينب أحمد نقادي» وفيه كان سكني واقامتي «إنما نطعمكم لوجه الله». عملت بلا أجر محدد جابياً عند الشيخ «محمود» الذي كان تاجرا، ومن متجره استقل دراجة، وأطوف بها على المشترين، التقط منهم ما تيسر من النقود، وقبل المغرب أعود إلى الشيخ محمود عبدالغفار لأسلمه الحصيلة. محطات من حياتي أولاً- محطة ما قبل الإذاعة: - عملت مخلصا جمركياً مع أبي، في جمرك جدة. - عينت في ادارة الجوازات والجنسية بجدة «مقيد صادر ووارد» وعملتُ مع رجال أتذكر منهم: عبدالفتاح عبدربه، عبدالعزيز أولياء، عمر شمس، علي مختار، عبدالله عبد ربه، عباس عبدالجواد، حسن حفني، يوسف شابو، يوسف شاولي، عمر راجخان، عبدالله الرابغي، حسن سلطان، أحمد نشار. - اشتريتُ من راتبي في الجوازات «كان 370 ريالاً» أول سيارة في حياتي «مستعملة بمبلغ ألف ومائتي ريال». - أنفقتُ جزءاً من مرتبي في الجوازات في شراء: بعض الصحف، والمجلات، والكتب، وعكفتُ على قراءتها. - شاركت خلال عملي في الجوازات، في برامج الإذاعة بوصفي مستمعا، وكان اسمي يذاع في برنامج «بريد المستمعين» حيث كنتُ اختار نماذج مما اقرأ. - من بين ما قرأتُ في تلك المرحلة: صحيفة البلاد، ومجلة المنهل، ومجلات مصرية، وروايات الهلال، وكتاب العبرات والنظرات للمنفلوطي، وكتاب المستطرف من كل فن مستظرف للأبشيهي، ودوواين بعض شعراء الجاهلية، وما بعد الإسلام، والعصر الحديث، وكان يستهويني شعر الغزل. - زاملتُ في ادارة مراقبة المطبوعات في جدة كلاً من: حمزة بوقري، حسن اشعري، الشاعر المعروف محمد فقيه، ومحمد الرميح، ويوسف شطا. ثانياً- محطات إذاعية: - أول عمل إذاعي قمت به «مذيع ربط» فقارئ مواجز الأخبار، فنشرات الأخبار، فمقدما للبرامج. - أول برنامج إذاعي قدمته كان «ركن الصحة». - أول مقابلة إذاعية أحدثت هلعا بين الناس في جدة، مقابلتي لحفار قبور في برنامج «في الطريق». - أول كارثة إذاعية حلت بي، كانت بسبب تهنئة رجل من أهالي جدة في برنامج «ألف مبروك» بمناسبة زفافه، فغضب غضباً شديداً، وكتب للإذاعة موضحا أنه رجل متزوج، وسعيد في حياته، وله أبناء وبنات وأحفاد، فحققت الإذاعة معي، فأحضرتُ الرسالة التي تلقيتها، واطلع عليها الرجل، وعرف أنها مقلب من أحد أصدقائه. - أول شخصية إعلامية سعودية تعاملت معها كان «حمزة بوقري» رحمه الله ومن بعد استاذي عباس فائق غزاوي رحمه الله ومن بعده معالي الشيخ عبدالله بلخير رحمه الله يوم أن كان مشرفا عاما على المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر، وفي مكتبه شاهدت لأول مرة صاحب هذه الاثنينية «الصديق الكبير الأستاذ عبدالمقصود محمد سعيد خوجه» الدمث الأخلاق، المهذب الطباع، الحسن التعامل. - أهم نقلة نوعية في حياتي حصولي على الشهادة الابتدائية، يوم كنت مذيعاً، ومقدما للبرامج. - أول دورة تدريب اذاعي خارج المملكة، كانت في عهد «الشيخ عبدالله بلخير» ومن بين الذين تدربوا في معهد التدريب الاذاعي في القاهرة عبدالله راجح، محمد مشيخ، يحيى كتوعه، بدر كريم، فضلا عن فنيين أتذكر من بينهم: أحمد كتامي، أحمد نوري، سالم باوزير، محمود فوده، محمد الغامدي. - قابلتُ في برامجي الإذاعية الحوارية، كثيرا من الشخصيات المعروفة أتذكر من بينهم «مع حفظ الألقاب» عبدالله السليمان الحمدان، عبدالله الفيصل، سلمان بن عبدالعزيز، أحمد بن عبدالعزيز، محمد حسين زيدان، حسين سرحان، محمد حسن عواد، احمد السباعي، أحمد قنديل، حسن عبدالله القرشي، عبدالله بن خميس، عبدالقدوس الأنصاري، عبدالله عريف، عبدالله بن إدريس، أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري، احمد محمد جمال، محمد عبده يماني، عبدالله خياط، عبدالله جفري، عبدالمجيد شبكشي، حسين شبكشي، ياسين طه، عثمان حافظ، علي حافظ، عبدالفتاح أبو مدين، عبدالحميد مشخص، زياد أحمد زيدان، حسن صيرفي، فيصل البشير، خديجة عبدالقادر جزار، تحية بن حمد، مزنة العماري، والفنانين: محمد عبدالوهاب، عبدالحليم حافظ، فيروز، وديع الصافي، طارق عبدالحكيم، طلال مداح، محمد عبده، عبدالله محمد، فوزي محسون، محمد علي سندي، وابتسام لطفي، وصباح، وسميرة توفيق، وهيام يونس، وفرقة المريعانية في مكة. - أصعب موقف في حياتي الإذاعية ، حين رماني أحدهم بتهمة استغلال الوظيفة، إذ زعم أنني أكتب برنامج «دعوة الحق» باسم هاشم عبده هاشم واستلم مكافأته، فتحرى وزير الاعلام آنذاك «ابراهيم بن عبدالله العنقري» عن الموضوع، وثبتت براءتي، فقرني إليه، وعهد إلي بكتابة تقارير اجتماع لجان البرامج في الاذاعة والتلفاز، ومن بعد اختارني مديرا عاما مؤقتا لمكتبه في وزارة الاعلام. - أول معركة اذاعية خضتها كانت بسبب برنامج «دعوة الحق» عام 1386ه حيث منعت من دخول القاهرة، وتعرض والدي المريض آنذاك للتحقيق الاستخباراتي. - اول شخص أبكاني في حياتي الاذاعية كان الشيخ «حمد الجاسر» رحمه الله، حين طالب بإبعادي عن الاذاعة بسبب كثرة أخطائي اللغوية. - أول خطأ لغوي ارتكبته في حياتي الاذاعية، حين أحللت كلمة «أعلام» محل «إعلام» فاتصل بي الأستاذ عباس غزاوي، وأنبني، ومن أطرف ما احتفظ به عن هذا الموقف، أن وصفني بشيء له أذنان طويلتان، يمشي على أربع، صوته من أنكر الأصوات. - أول مهمة إذاعية خارج المملكة، كانت سفري إلى: بيروت، وايطاليا، وألمانيا، لتسجيل مقابلات مع الطلبة السعوديين هناك في برنامج «تحية وسلام» أتذكر من بينهم: على نصيف، فهد الشبيلي، أسامة شبكشي، توفيق رحيمي، فيصل البشير، خديجة جزار، تحية بن حمد، مزنة العماري، خالد الكويتي، محمد أسعد رحيمي، أنور عبد ربه، عبدالرحمن الفريح، عثمان الفريح. - أصبت أثناء عملي في الاذاعة بمرض التدرن الرئوي «السل» وتقرر علاجي في الخارج، فأقام لي ناديا، الوحدة من مكة والاتحاد من جدة، مباراة خصص ريعها للإنفاق علي علاجي. - اشتريت خلال عملي في الاذاعة أول ارض في حياتي، كانت في مخطط السليمانية التابع لال السليمان في جدة « مقر جامعة الملك عبدالعزيز حاليا» بمبلغ اثنى عشر الف ريال، وبالتقسيط المريح ، ألفا ريال مقدما، ومتئا ريال شهريا. - اول امراة سعودية قرأت نشرة أخبار في الإذاعة كانت : شيرين شحاته «ابنة الشاعر الكبير حمزة شحاته». - أول أغنية اذيعت من الاذاعة السعودية كانت « يا الله توكلنا على الله « لفريد الاطرش. -أول وزير اعلام قرر تحديد نسب مئوية لبرامج الاذاعة كان «إبراهيم بن عبد الله العنقري». - أول كتاب إذاعي ألفته في حياتي كان « نشأة وتطور الإذاعة في المجتمع السعودي» وآخر ما ألفت كتاب « الإعلام أدوار ومسؤوليات». - أول رحلة إذاعية داخلية لي، بدأت من المدينةالمنورة ، وانتهت بالمنطقة الشرقية ، وكانت رحلة برية زاملني فيها المهندس الاذاعي آنذاك «محمود فودة» وفي هذه الرحلة سجلت برامج اذاعية في كل من المدينةالمنورة، حائل ، بريدة ، عنيزة، الرس، البكيرية، حوطة بني تميم، رياض الخبراء، الرياض، الاحساء، الخبر ، الظهران، الدمام ، القطيف ، دارين، رأس تنورة، سيهات. - أوقفني وزير الإعلام «جميل الحجيلان» عن الاذاعة لضعف مهاراتي اللغوية، فأردت تقويتها باللجوء إلى كل من ابوتراب الظاهري، محمد حسين زيدان، ضياء الدين رجب ، مطلق الذيابي. ثالثا - محطات تلفزيونية: - اول عمل زاولته في التلفاز السعودي كان مذيع ربط ، ثم قرأت مواجز الاخبار، فالاخبار، فقدمت بعض البرامج التلفازية ، كان من ابرزها برنامج «طلابنا في الميدان». - عملتُ في التفلزيون مع زملاء كثر اتذكر من بينهم : محمد مشيخ، محمد صبيحي ، عبد الرحمن الشبيلي، يحيى كتوعه ، محمد نور كاتب، طلعت قطان، احمد باجابر ، حسين صبان ، عبد الكريم ابو خضير، نهاد ادريس ن ماجد الشبل ، خالد اليوسف ، محي الدين القابسي، عبد الرحمن يغمور، سعد الفريح ، طارق ريري، فيصل غزاوي. - أول برنامج تلفزيوني قدمته كان « إعرف منهتي» من إخراج بشير مارديني. - كنت سببا في فصل الطالبة آنذاك « وفاء محمود طيبة» من احدى مدارس البنات في الرياض، بعد ان ظهرت في برنامج « اعرف مهنتي» وهي ابنة تسع سنوات تقريبا، تختار احد ارقام المشاركين من الجمهور ، ثم عادت الى الدراسة بأمر من الملك فيصل بن عبدالعزيز. -كان برنامج «طلابنا في الميدان» التلفزيوني ، وهو من اعداد عبد الله بوقس الذي كان انذاك مديرا للتعليم في جدة، وتقديمي ، واخراج طارق ريري ، من اوائل برامج المسابقات التلفزيونية التي نجحت جماهيرياً. - قرأتُ ليلة في التلفاز خبر اعفاء وزير الصحة آنذاك د. يوسف هاجري وبعد ان انتهت النشرة ، كان من الصدف الغريبة ان اذيعت اغنية «ياهاجري ماذا حصل؟» للفنان سعد إبراهيم ، ويعلم الله ان ذلك لم يكن مقصودا ، فهيكل برامج التلفزيون كان يعد قبل اسبوع، وقد جاء خبر الاعفاء اثناء قراءتي للنشرة. - كلفتُ في التلفاز بكتابة التعليق على زيارات الملك فيصل خارج المملكة، في اطار دعوته للتضامن الاسلامي، وكنت اجهل الكتابة للصورة التلفزيونية ، فحاولت التغلب على ضعفي بقراءة بعض كتب كيفية الكتابة للصورة التلفزيونية، ومشاهدة بعض البرامج الوثائقية. - أول وزير اعلام سعودي قرر إذاعة اغنيات ام كلثوم في التلفزيون ، كان جميل الحجيلان. - في بداية ارسال التلفاز ، ظهرتُ اقدم احدى الفقرات التلفازية، وكانت خالة أحد الاصدقاء امام التلفاز، فغطت وجهها، ولما سئلت لماذا؟ ردت: عيب، بكرا بدر كريم يقول لعلي شفت خالتك. رابعاً - محطة صحيفة «عكاظ»: - بدأت علاقتي ب «عكاظ» كاتبا، منذ أن كان عبد الله خياط « رئيسا لتحريرها» ولاأزال اكتب فيها حتى اليوم. - عينت نائبا لرئيس تحرير صحيفة «عكاظ» بناء على اختيار «د. هاشم عبده هاشم» وزاملت كلا من: اياد أمين مدني، محمد حمزة غوث، سباعي احمد عثمان ، علي مدهش ، حامد عباس ، ايمن حبيب. - تم توزيع العمل في الصحيفة بيني وبين رئيس التحرير، على النحو التالي : أ- كان دوام الدكتور هاشم: من الساعة التاسعة صباحا حتى الساعة الرابعة عصرا. وفي المساء من التاسعة ليلاً الى الثانية بعد منتصف الليل. - كان دوامي من الساعة الثامنة صباحا حتى الساعة الثانية ظهراً ، ومن الساعة الخامسة مساء الى التاسعة ليلا، وكنت مسؤولاً عن الطبعة الاولى، والدكتور هاشم عن الطبعة الثانية والاخيرة. - تعد «عكاظ» مدرستي الصحفية الاولى. تعلمت فيها معظم فنون العمل الصحفي، فضلا عن الادارة الصحفية. - كان «د. هاشم عبده هاشم» يرى الا يكتفي نواب رئيس التحرير، ومسؤولو الاقسام في الصحيفة، بالجلوس على مكاتبهم لادارة الصحفية ، بل ينزلون الى الميدان، تماما كأي محرر عادي، وكان من حصيلة ذلك اجريت لقاءات صحفية مع : الامير عبد المجيد بن عبدالعزيز، واحمد زكي يماني ، وإبراهيم العنقري. - ارفض الاثارة الصحفية وبخاصة في العناوين . اتذكر ان مباراة في كرة القدم اقيمت بين المنتخب السعودي ومنتخب دولة خليجية معروفة، فوضع المحرر عناوين مثيرة : السعودية تهزم .. السعودية تنتصر على .. السعودية تلحق خسائر بال .. فانزعجت ، واجريت تعديلاً على العناوين. - تعد صحيفة «عكاظ» من اوائل الصحف السعودية - إن لم تكن الأولى- التي سلطت الاضواء على مشكلة المخدرات ، حين وافق سمو الامير نايف بن عبد العزيز»وزير الداخلية» على ان تدخل «عكاظ» السجون في جدة، والرياض، والدمام ، لمقابلة الموقوفين بسبب تعاطي المخدرات، واتذكر ان المادة التي حصل عليها المحررون صيغت وفق ضوابط رآها الامير نايف وهي : الا تظهر صورهم الشخصية، او اسماؤهم تصريحاً أو تلميحاً ،كما تولى قراءة المادة المصاغة كل من : رئيس التحرير ، ونائبه ، ومديري التحرير سباعي عثمان، وعلي مدهش. - قرر رئيس تحرير «عكاظ» آنذاك «د. هاشم» تقديم صفحة عن «البادية» فوقع اختياري على شاب شاعر من ابناء البادية هو : «مهدي بن عبار العنزي» الذي اعد الصحفة واشرفتُ عليهاً وكان ضابطاً في الحرس الوطني، ومحال الان على التقاعد، ويكتب مقالاً أسبوعيا في صحيفة» الجزيرة». - تعرفتُ في «عكاظ» لأول مرة على : الزميل الصديق قينان الغامدي «رئيس تحرير صحيفة البلاد ثم الوطن» وكان يومها يعمل محرراً في مكتب عكاظ بالطائف ،فمديراً له ، فمديراً لتحرير «عكاظ» في جدة، بترشيح من الدكتور هاشم عبده هاشم. - حدث لي موقف مع الكاتب الكبير الاستاذ عزيز ضياء رحمه الله ، اذا كتب مقالاً كلفت بإجازته، فرأيت أن فيه ما يستدعي التعديل، إلا انني لم أقرر ذلك قبل الرجوع إليه، وإلا لأصبحت العلاقة بين الكاتب والصحيفة علاقة ديكتاتورية ، فعرضتُ عليه الامر وطلبتُ منه معرفة مايريد فقال بالنص الواجد: شكرا يا أخ بدر، ولكن لا تنس أنك أنت في الميدان « أتذكر أنه قالها باللغة الانجليزية في الفيلد» ويكفيني ان اتصلت بي « وأردف: « هذا منتهى التقدير من الصحيفة» . أهدي هذا الموقف لمن يسعى لتعامل حضاري راقٍ بين الكاتب والصحيفة. خامساً: محطة وكالة الأنباء السعودية: - سبقني للعمل في «واس» عبد الله أبوالسمح الذي اعده المؤسس الأول لواس، ثم « عبد الله هليل» الذي أرى أنه أول من وضع قواعد العمل الاخباري في «واس». - كان الأمير سلمان بن عبد العزيز «أمير منطقة الرياض» أول من هنأني، تلاه سمو الامير فيصل بن فهد بن عبد العزيز «يرحمه الله» الرئيس العام لرعاية الشباب ، الذي طلب مني حين اصل الرياض أن ازوره ، بعد اسبوع طلبت مقابلته، واثناء المقابلة لفت انتباهي الى بعض الامور ومن أهمها: الا أتسرع في الحكم على الاشخاص، وألا أقع فيما يقع فيه بعض المسؤولين الجدد، حيث درج بعضهم على استبعاد «س» من الموظفين ونقل «ص» من موقعه الى موقع آخر، وتصفية حسابات مع «عين» وأن أترك لعيني النظر، ولقلبي الاستفتاء «استفت قلبك» وأن أعرّف من يعمل معي طريقة عملي، وأسلوبه، وأن أجرب نفسي وإياهم لمدة من الزمن، ثم أقرر ما أراه مناسبا. أريدكم - فضلاً لا أمراً - أن تتمنعوا جيداً في هذه النصيحة. - عاشت «واس» في تلك المرحلة احداثاً اعلامية مهمة وخطيرة. محاولة احتلال الحجاج الايرانيين الحرم المكي. احتلال الكويت. حرب تحرير الكويت من نظام صدام حسين. - طيلة عملي في «واس» وهي: اثنا عشر عاماً، لا اذكر انني نمت في ليلة واحدة ثلاث ساعات متصلة. - حوالي الساعة الثالثة من صباح احد الايام، اتصل بي هاتفياً وزير الاعلام (علي الشاعر) وابلغني بضرورة توزيع بيان مهم عن موقف المملكة من اسعار النفط، وكانت «واس» تقفل ابوابها الساعة الثانية صباحاً، فأبديت اسفي، ولكنه اصر على توزيعه بناء على توجيه من الملك فهد رحمه الله، وبخاصة خارجياً، ولما شعرت بأن الموقف حرج للغاية، اقترحت عليه ان املي البيان على الصحف، والاذاعة والتلفاز، اما بالنسبة للخارج فقد اقترحت املاءه بالهاتف على: مدير مكتب وكالة رويترز في البحرين، ووكالة انباء الخليج. في صباح اليوم التالي قررت ان تعمل الوكالة على مدى اربع وعشرين ساعة. - في هذه المرحلة انتقلت «واس» الى مبنى جديد مستأجر، بعد ان عجزت عن بناء مبنى خاص ل»واس». - في هذه المرحلة دخلت «واس» ميدان التوثيق الاعلامي، اصدرت اول كتاب (تقارير وكالة الانباء السعودية) ثم كتبا عن: مؤتمرات وزراء خارجية الدول الاسلامية، والقمم الاسلامية، واربعة مجلدات من بيانات مجلس الوزراء في عهد الملك فهد، واجرت «واس» اول دراسة علمية عن اهتمامات الصحف السعودية باخبارها، وقدمت نشرة اقتصادية، كما تم تدريب بعض محرريها في بعض المعاهد الصحفية في الخارج. سادساً - محطة مجلس الشورى: - تعد هذه المحطة الاخيرة من عملي الحكومي، دخلت الدورة الثالثة للمجلس، ضمن (120) عضواً مختاراً، وبعد اربع سنوات غادرته، وطرقت باب جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية بالرياض، للحصول على درجة الدكتوراه في الاعلام، وتحقق ذلك عام 1427ه. - استفدت من تجربة الشورى استفادة لم تكن تخطر على بالي. فالمجلس مؤسسة تشريعية استشارية تضم بعض النخب السياسية، والاقتصادية، والفكرية، وتصدر قرارات بعد طرحها للتصويت بالاغلبية المطلقة، اي نصف العدد الاساس لاعضاء المجلس، زائد واحد، وهذه اول معلومة تلقيتها من جاري في المجلس (الاستاذ الدكتور أسعد عبده). - أمضيت السنة الاولى من عضويتي في المجلس مستمعاً وقارئاً في الوقت نفسه، وفي السنة الثانية ابديت رأيي مداخلاً، ومتسائلاً، ومقترحاً، وفي السنة الثالثة اشتركت مع بعض الزملاء في مناقشة الانظمة، وصياغتها، وفي السنة الرابعة اكتملت من وجهة نظري التجربة، وغادرته الى قاعة التأليف، والكتابة، والقراءة، وانشأت مركز غزوة للدراسات والاستشارات الاعلامية بالرياض، ولا تسألوني عنه كي لا افجعكم. - كنت - الى جانب عضويتي في المجلس - راصداً اعلامياً لما دار في اورقته. اعددت صفحة يومية لصحيفة «عكاظ» عنوانها «صوت الشورى» وبعدها اعددت صفحة مماثلة لصحيفة «الجزيرة» عنوانها «حصاد الشورى» وانكب الآن على كتابة مذكراتي عن المجلس. - في المجلس طبقت «نظرية الرأي والرأي الآخر» وتيقنت بالفعل ان اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، وان «من كانت في يده فسيلة فليغرسها»، وعندما غادرت المجلس وجدت الصورة مختلفة تماما. - مجلس الشورى ظالم ومظلوم، هذا رأيي الذي اعلنته يوم ان كنت عضواً فيه. ظالم لانه مقصر بحق نفسه إعلامياً، لم يشرح للرأي العام وظائفه، وطبيعة الاعمال المنوطة به، وكيفية تلقيها، ومصدرها، ومظلوم لأن كثراً من الناس لم يقرأوا نظامه، ولم يطلعوا على لوائحه، وظن كل مواطن ان المجلس معني به هو أولاً وأخيراً بطريقة مباشرة، وذاك حديث يطول. سابعاً - محطات متناثرة في حياتي: - اعظم هدية تلقيتها من والدي كانت يوم أن حصلت على الشهادة الابتدائية وأنا مذيع (دعاء بالتوفيق). - أول درس تعلمته عن التعامل مع الناس، كان من صاحب حاجة، طلب مني أبي أن أعطيه قرشاً، فناولته باليد اليسرى فرفض وقال مؤنباً بلهجة محلية: «فين إيدك اليمين»؟ - أصعب محطة كانت وفاة والدتي وأنا ابن خمس سنوات. - سئلت مرة من انت؟ فأجبت: أنسان أصلب من الصخر، وأوهن من بيت العنكبوت. - لا انسى درساً تلقيته في الاتيكيت، من بائعة تذاكر قطار في محطة لندن، طلبت منها تذكرة الى «بيرموث» فرفضت، ولما سألتها عن السبب، ردت علي بابتسامة: من فضلك قل لي من فضلك. - حكمتي في الحياة: «إن الله يدافع عن الذين آمنوا». - بيت شعر أردده دائماً: ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعا وعند الله منها المخرج ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت اظنها لا تفرج - بيت شعر في الغزل حفظته مبكرا: واستمطرت لؤلؤا من نرجس وسقت وردا وعضت على العناب بالبرد. - لي رأي في الاذاعات السعودية الخاصة، التي بعثها من مرقدها الوزير «د. عبدالعزيز خوجة»، وهو: انها اصبحت حكرا على اصحاب رؤوس الاموال الكبيرة، وغابت عنها الخبرات المهنية، وضاع اصحاب المبادرات الفردية. - لي رأي في المذيعين والمذيعات السعوديين اليوم هو: اكثرهن واكثرهم يفتقدون الى معظم المهارات الاعلامية، ويحتاجون من ثم الى تدريب وتأهل، واقلية منهم ومنهن تستحق ان تُسمع وتشاهد، وبعضهم وبعضهن لا يصلحن لا للسماع ولا للمشاهدة. - ولي رأي في العلاقة بين بعض الصحف وبعض الكتاب، حيث لا تجد هذه العلاقة ارضية مواتية للتفاعل، هناك «تطنيش» وهناك «تطفيش» ومن الصعب ان تتعامل بعض الصحف مع بعض الكتاب بفوقية، ونرجسية، وتعالٍ. - أول شخص حضني على الادخار، كان صديقي «علي بعداني» وبسببه اشتريت بيتا في محلة الشرفية بجدة بمبلغ (45) الف ريال. ومن الطريف ان ابي رحمه الله وصف البائع ب»الغشاش» ولما عاش الناس زمن الوفرة المالية جاء من يريد شراءه ب(450) الف ريال، فاستشرت والدي، فرفض البيع، وقال: «بيت قد المراية ولا كل سنة كراية». - الشخص الذي اعده اخا عند الشدائد هو: عباس عبدالجواد. - انا مدان بالفضل بعد الله في تعليمي لكل من «عبدالوهاب نشار» (المدير السابق لمدرسة الفلاح في جدة) ونائبه «حمزة سعداوي» ومعلمي لمادة الفقه والحديث «بكر تكروني» و»عبدالعزيز نعمة الله» (المدير السابق للمدرسة السعودية في جدة). - كتب مرة الدكتور «عبدالله مناع» مقالا ينتقد فيه اسم برنامج «تحية وسلام» وقال: انه نقل حرفي عن برنامج «الف سلام» الذي كانت تقدمه في اذاعة صوت العرب من القاهرة السيدة عصمت فوزي، فرددت عليه قائلا: ان البرنامج مستوحى من الآية القرآنية الكريمة: «تحيتهم يوم يلقونه سلام» فعقب الدكتور عبدالله متسائلا: ومن اين اتى بدر كريم باسم برنامج «في الطريق» أليس نقلا حرفيا لبرنامج «على الناصية» الذي تقدمه من اذاعة القاهرة الاعلامية الكبيرة «آمال فهمي»؟ - رفضت يوما كلمة «مناخ» لوصف حالة الجو، وهو ما علمني اياه الاستاذ الكبير «عبدالفتاح ابو مدين» الى ان اتضح لي انه على حق، فأذعنت له، ورفعت الراية البيضاء. - اشخاص كثيرون ادين لهم بالفضل بعد الله، ومن بينهم: ابو تراب الظاهري، مطلق مخلد الذيابي، محمد حسين زيدان، عايض الردادي (مصحح مؤلفاتي لغوياً) الاستاذ الدكتور فهد بن عبدالعزيز العسكر، المشرف على رسالتي للدكتوراه.