صديقي .. أحيانا لا يستطيع البعض فهم عدوانية البعض الآخر، لأنهم يعتقدون أن العدوانية مرتبطة بمصالح شخصية / اقتصادية كأن يمارس أحدهم الكذب عليك لتشويه صورتك أمام المسؤول من أجل إبعادك عن المنصب الذي تنافسه عليه، أو اقتصاديا حين تشن دولة حربا على أخرى لتستولي على ثرواتها، أو أن تكون العدوانية مرضية كالشخصية السادية وهذه عدوانية نادرة. وحين لا تتضارب مصالحه مع الآخر، ولديه اعتقاد أن ذاك الآخر ليس ساديا لأنه في جوانب أخرى يبدو له طيبا، لا يستطيع فهم لماذا يمارس الآخر عدوانيته عليه. ثمة عدوانية أخرى خفية وغير مرئية، وهي عدوانيتنا ضد من يصبح خارج القانون والإنسانية، وهنا نمارس عدوانيتنا عليه دون أن نفقد طيبتنا، على الأقل أمام أنفسنا. أظنك تتذكر أنت والآخر حين كنتم مراهقين تلك المتعة التي تجدونها وأنتم تمارسون صيد العصافير، أنتم هنا تمارسون عدوانيتكم لأن العصافير خارج القانون، أي لا يطاردكم القانون مهما قتلتم من عصافير، ولأن العصافير كذلك لم تعد قادرة على رؤية عدوانيتك. صديقي .. لكل مجتمع قيمه الأخلاقية التي من خلالها تضع للفرد إطاره الإنساني، وكل من هو داخل هذا الإطار لن تمارس عليه العدوانية، لأن الضمير هنا سيمنعك من ممارسة عدوانيتك بصفتك طيبا، فيما من يقبع خارج إطارك الإنساني يتم التعامل معه بأخلاقيات الغابة، إن كنت أقوى منه تطحنه بعدوانيتك، إن كان هو الأقوى ستهادن أو تهرب لأنه لا يوجد إنسانية خارج الإطار الذي وضعه لك الآباء والمجتمع، لا يوجد ضمير يؤنبك على عدوانيتك رغم أنك طيب. وحين تربي ابنك على أن قبيلته ومذهبك/عقيدتك هم داخل إطاره الإنساني، من الطبيعي أن يكون هذا الابن عدوانيا مع منهم خارج هذا الإطار ليس لأنه شريرا، بل لأنهم دخلوا للمنطقة التي يمكن تسميتها «أخلاقيات الغابة» ، وهذه المنطقة تجعل الآخر مباحا لحمه وماله وامرأته، وتجليات المتعة التي لا يضاهيها سوى متعة قتل العصافير أن تيتم أبناءه. هل عرفت الآن لماذا تصبح المقالات الإنسانية التي تكتب عمن هم خارج الإطار الإنساني لمجتمع ما لا قيمة لها ؟ والسؤال الأهم هل عرفت وزارات التعليم في كل مجتمعات العالم، وأئمة المساجد/الكنائس/المعابد ما الذي يعنيه أن تحول إنسانا طيبا لعدواني ؟. التوقيع: صديقك. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة