في بريدة لا حركة ترفيهية في عطلة الربيع برغم أن المدينة تنفذ عددا من المهرجانات خلال العام الواحد، الأمر الذي أحدث نوعا من الحيرة مع بقاء معرض «قوت» كفعالية وحيدة استهدفت كما يقولون تسويق المتبقي من محصول العام الماضي من التمور. في عنيزة الأنظار تتجه نحو مهرجان «المسوكف» الذي يجمع الأهالي وزوار المحافظة، أما بقية المحافظات والبلدات والمدن والقرى فتعيش أيام صمت مطبق ما حفز الأهالي إلى السفر غربا وشرقا وشمالا بحثا عن التغيير. ما الذي يجعل الحراك السياحي والتنشيطي والترفيهي في القصيم أقل من بقية المناطق.. ما هي الأسباب التي تجعل حركة الاستثمار السياحي في حالة ركود؟. هذه الأسئلة وغيرها تصدى لها بالإجابة عدد من المختصين وأصحاب الشأن في محاولة منهم لإجلاء الحقيقة وتوجيه المصابيح الكاشفة إلى أوجه الخلل والقصور والتقاعس. المدير التنفيذي في جهاز السياحة في القصيم الدكتور جاسر الحربش، أجاب «عكاظ» حول كثير من التساؤلات التي تطرح في شأن تطوير العمل السياحي في المنطقة، ويقول إن كل منطقة لها ميزة نسبية على الأخرى، والقصيم لها استراتيجية واضحة المعالم في ما يتعلق بالحراك السياحي، ترتبط مباشرة بطبيعة وبيئة المنطقة كموقع خصيب للزراعة وتعدد عناصرها، ولعل منتجات التمور ومهرجانها السنوي منحت للمنطقة صدى طيبا، فضلا عن حركة العمران والنهضة التي تعيشها المنطقة إلى جانب الموروثات الشعبية وسياحة الصحراء الشتوية ورحلات الربيع وخيام البر، هذه محاور قوة تتمتع بها القصيم، ولها الريادة في ثقافة الحرف اليدوية وهي المنطقة الوحيدة التي خصصت مواقع خاصة للحرفيين يمارسون من خلالها أنشطتهم في مدينة بريدة، كما تحظى المنطقة بجمعية للحرف النسائية. حلول لتطويق المعوقات عن المعوقات التي تواجه جهاز السياحة في الاستثمار السياحي يقول الحربش إنه «في سبيل التصدي لمعوقات الاستثمار السياحي اتخذت خطوات جيدة بالتنسيق مع الإدارات ذات العلاقة مثل الأمانة، والكل يعلم أن هناك حاجة لتطوير أنظمة إجراءات التراخيص والتأجير والمشاريع السياحية، وهناك خطوات متقدمة وجيدة من الأمانة لتطوير آليات الاستثمار ومنح الاستثمار السياحي بعدا آخر، فقد أصبحت صناعة السياحة هي الجواد الرابح والرهان الجيد بسبب العوائد الجيدة وتنوع الأنشطة، لعله تحد كبير في إجراءات التراخيص وعقود الإيجار، والعمل مستمر مع الأمانة في هذا الشأن، وحسب علمي أن هناك عملا وطنيا على مستوى الوزارة لتعديل وتطوير الأنظمة». الجودة على حساب الكم ويضيف المدير التنفيذي في جهاز السياحة في القصيم أن «المعوق الثاني هو التمويل، إذ لا زال تمويل مشاريع التنمية السياحية يتم من خلال القروض وصناديق الدولة، مثل بنك التسليف، وهناك جهد موفور مع صندوق التنمية الزراعية لدعم مشاريع السياحة الزراعية وغيرها، ولا يوجد حتى الآن صندوق للتنمية السياحية يخصص لتقديم القروض للجهات العاملة في هذا المجال، وفي ظني أن ذلك يعتبر أحد أبرز المعوقات التي نواجهها بشكل مستمر، وبما أن السياحة صناعة ناشئة وناجحة باتت الأنظار متجهة إليها في خصوص توفير فرص عمل متعلق بتطوير البنية التحتية، والمأمول هو تأمين صندوق تنمية سياحية»، وعن البنية التحتية ودور الإيواء يقول الدكتور جاسر إن «من تحديات السياحة الداخلية حاجتها الملحة لتقديم منتجات نوعية نركز فيها على الجودة لا على الكم، في القصيم يوجد 200 شقة مفروشة مخصصة للسكن و 11 فندقا، وهناك نوع جديد من السكن وهي النزل الريفية التي تقام في المزارع والحقول إلى جانب طراز التراث العمراني المتفرد في المنطقة، وهي من التحديات الجديدة ونجاحنا لن يتحقق بتكرار مشاريع موجودة في مناطق أخرى بل في تأسيس مشاريع مختلفة تتواءم مع بيئة ومزايا المنطقة وتفردها الجغرافي والتراثي». تجربة منازل الحقول ويعتبر الدكتور الحربش، أن «النزل الريفية من التحديات الكبيرة وهناك مخطط لإقامة أول النزل في مزرعة خاصة في عنيزة.. وفي الطريق مشاريع أخرى»، ويضيف «نحن نرغب في أن تكون زيارة السائح للقصيم مميزة ومختلفة عما هو موجود ويعود إلى منطقته بانطباع مختلف وجيد»، وعن قناعة الهيئة العامة للسياحة بالمهرجانات الداخلية ومهرجانات القصيم يقول إن «الهيئة العامة للسياحة مقتنعة بجدوى المهرجانات الداخلية وكذا الحال بالنسبة للجهات المختصة في المنطقة، والهيئة تتولى التطوير والدعم الفني والأفكار والدعم اللوجستي علما بأن مجلس التنمية السياحية في القصيم أقر ذلك ويعمل على إحداث شراكة فاعلة بين مختلف الجهات الحكومية المعنية». ويسلط الحربش الضوء على المواقع السياحية المتفردة في المنطقة ويذكر منها صخرة عنترة ومواقع السياحة الشتوية والمسطحات الخضراء، وهي الإضافة الجديدة مع مواقع السياحة الزراعية في الحقول والبساتين. ويعتبر المدير التنفيذي قي جهاز السياحة في القصيم أن المواصلات وشبكاتها المتعددة لا تمثل أي عائق بل إن المنطقة تعتبر الأفضل في هذه الناحية. وعن ضعف إمكانيات المطار الإقليمي ودوره في التأثير على التسويق السياحي يرى أن الرحلات المحلية أقل من المطلوب، وحسب علمه فإن «مطار القصيم مرتبط بالرياض والدمام وجدة فقط وهناك محطات داخلية غير مرتبطة بالمطار، وترغب كثير من المناطق ربطها بالقصيم، وكان من حسن الطالع أن تمت إضافة رحلات دولية للقاهرة ودبي، وهي إضافات مطلوبة وهامة في شأن تطوير الحراك السياحي في المنطقة. ملاحقة المغالاة والاستغلال وعن الشكوى من غلاء أسعار السكن في المواسم، أوضح رئيس جهاز سياحة القصيم أن «هناك نوعيات وتصنيفات في منشآت السكن في المنطقة مع وضع حد أعلى للسعر يلتزم به الجميع بما فيهم صاحب المنشأة، يتولى إعلانه وتحمل تبعات مخالفته، كما يوجد فريق رقابة يتجول في المواقع للتأكد من عدم وجود مغالاة أو استغلال للسياح، والمواطن يتحمل جزءا من المسؤولية في التعاون مع الجهات الرقابية والإبلاغ عن الحالات المخالفة وتم تخصيص رقم هاتف مجاني لهذا الغرض». وعن المكاتب السياحية في المنطقة يقول، «يوجد مكتبان، ولا زالت عملية تنظيم الرحلات السياحة الداخلية أقل من المطلوب، وأعترف بأنه أقل من المطلوب في جانب تفعيل برامج المكاتب السياحية في المنطقة ودور الهيئة أن نعطيها اهتماما أكبر كي تحقق رسالتها». وحول الحديث عن تكرار المهرجانات وتشابهها في المنطقة، قال الدكتور الحربش «نعاني من تكرار المهرجانات في وقت واحد وهو الأمر الذي يكلف جهات الاختصاص كثيرا من الجهد والوقت والمال، ونتمنى أن يكون في كل محافظة مهرجانا رئيسيا يتم التركيز عليه». وعن تفاعل جهاز السياحة مع الطلبات الاستثمارية قال إن «طلبات كثيرة تصل إلى الهيئة من رجال الأعمال بواقع مشروعين إلى ثلاثة مشاريع خلال الشهر الواحد وهو معدل جيد». تعايش مع الفرص يوسف الوهيب أمين عام لجنة التنمية السياحية في عنيزة يرى أن «من أخطر المعوقات والتحديات التي تواجهها السياحة الداخلية في القصيم تتمثل في قلة منشآت الإيواء، مثل الفنادق أو الشقق المفروشة حيث تفتقر المنطقة وجود هذه الدور لتلبي احتياجات السواح والموجود حاليا لا يلبي رغبات الزائرين لا من حيث النوع أو الكم، كما أن المنطقة تفتقد أماكن الترفيه وعوامل الجذب وتنمية السياحة الداخلية، وعلى رجال الأعمال دور كبير في المساهمة في تنمية السياحية الداخلية ودعمها من خلال الاستثمار السياحي». ويرى الوهيب أن «معظم رجال الأعمال لم يتعايشوا بعد مع الفرص الاستثمارية السياحية المتاحة، مع الوضع في الاعتبار أن منطقة القصيم أرض خصبة للسياحة وتتعدد فيها الفرص، كما أن المنطقة تنقصها مطاعم عائلية على مستوى عال من الجودة والخدمة، فمن خلال عملنا في مجال السياحة لمدة ثماني سنوات رصدنا أبرز ما يواجه زوار المنطقة، ومنها أن المطاعم الموجودة تقليدية، كما أن الإعلام مقصر في تنمية السياحة الداخلية». تخصيص السياحة هو الحل يرى خالد الحناكي أمين لجنة التنمية السياحية في الرس، أن «من أبرز التحديات التي تواجه تنمية السياحة الداخلية إشكالية ازدواجية الأنظمة، وأحيانا عدم وجودها، وإن وجدت تكون غير واضحة ما بين الجهات المعنية مثل البلديات والتجارة، وهذه عوائق أمام مسيرة السياحة الداخلية، الأصح تحويل السياحة إلى القطاع الخاص وخصخصتها بالكامل لضمان استمراريتها، وأن تكون الجهات الحكومية جهة إشرافية رقابية على ما يقوم به القطاع الخاص، كما أن هناك عوائق في نزل الإيواء لعدم رفع مستواها».