تسيطر ثواني ولحظات الساعات الست على ذاكرة الوافدين الأربعة الذين تم انتشالهم من تحت أنقاض مبنى الأشرم المصنف في الدرجة الثانية ضمن لائحة المباني التاريخية في منطقة جدة التاريخية البارحة الأولى، حين كان الضوء المتسرب إلى تحت الأنقاض وسماع أصوات رجال الدفاع المدني دوافع للأمل والصبر على المعاناة. ويقول الوافد اليمني بندر محمد سيف (20 عاما)، وهو أحد المنتشلين الأربعة من تحت الأنقاض: إنه كان يعمل في محل تجاري أسفل البناية لحظة إحساسه بهزة خفيفة تهز أركان المبنى، مضيفا «وبشكل سريع أعقب الاهتزاز، تساقطت أسقف المحل طوال ساعات، شعرت بأنها دهر من الزمن بسبب طول الانتظار». ويضيف بندر محمد «كنا نسمع أصوات رجال الدفاع المدني تنادينا، فيما تتعالى من فترة إلى أخرى أصوات أقاربنا، وظللنا نحاول الخروج إما بتحريك أجسامنا أو من خلال النظر إلى الفتحات التي تدخل الأضواء إلينا، وهو ما بعث إلينا بالأمل، حتى نجح رجال الدفاع المدني في إدخال أنابيب خاصة بالأكسجين نجحت في مدنا بما نحتاجه من هواء حتى أخرجنا رجال الدفاع المدني». من جهته، أشار الوافد الباكستاني بشير أحمد (38 عاما) إلى أن الانهيار وقع في ثوان سريعة ومفاجئة، مضيفا «لم تسعفني في التحرك أو الهرب؛ فقد سدت الأحجار منفذ الدخول سريعا، وما هي إلا لحظات حتى تساقطت علينا واحتجزتنا وكانت سحب الغبار الكثيفة هي الخطر الأكبر علينا؛ كونها كتمت أنفاسنا ومنعت استنشاقنا الأكسجين لفترة قاربت على خمس دقائق قبل أن تنقشع». ويقول بشير أحمد إنه حاول الصراخ أثناء احتجازه تحت الأنقاض حتى يسمع صوته ويعلم المتواجدون في الموقع بوجوده محتجزا، «لكن صوتي لم يخرج، وكنت أتوقع أني داخل القبر، وحاولت مرارا الصراخ إلا أني عجزت تماما، لذا جلست وحيدا وهادئا ولم أتحدث لمدة عشر دقائق حتى أستجمعت أنفاسي وعاودت الصراخ مجددا، وما شجعني سماع أصوات المتواجدين خارج الركام، وكان يرد علي أحد المحتجزين تحت الأنقاض إلى جواري». وأضاف «لذا شرعت في تحسس الأشياء بجواري، وعثرت على جسم لين بمجرد لمسه أمسك بيدي، وهو يؤكد أنه أحد معارفي العاملين في المحل، لذا انطلقنا في إطلاق محاولات الصراخ والاستجداء حتى تم إنقاذنا بعد ما يقارب ست ساعات، كانت بمثابة ستة أعوام طويلة». بدوره، يوضح الوافد الهندي أشرف قيوم (30 عاما) أنه ظل بعض الوقت يحاول أن يتذكر ما حدث أو أن يفهم ما جرى، «سمعت عقبها أصواتا تصدر من فوقي وأشخاصا ينادونني.. حاولت الحديث معهم بلا جدوى فقد انعقد لساني ولم ينطق إلا بعد فترة، فهمت خلالها ما يدور حولي، وكنت أحس بآلام في جسدي من أثر تساقط الصخور علي». يشار إلى أن إدارة الدفاع المدني أنهت كافة محاولات البحث في الموقع بعد أن ظلت إلى ساعات الفجر الأولى في الموقع أمس، حيث تأكد عدم وجود مفقودين أو محتجزين. وأوضح مدير الدفاع المدني في جدة العميد عبدالله الجداوي أن أسباب الحادثة لم تكشف بعد، وسيتم التحقيق بالتنسيق مع جهات الاختصاص في أمانة جدة، والتي تسلمت الموقع، وتم وضع أشرطة تحذيرية حوله تشير إلى خطورة الدخول إليه. وقال العميد عبدالله الجداوي إنه تم تعميد الأمانة بضرورة إلزام المالك بإصدار خطاب يوضح صلاحية المبنى وأهليته من عدمه. من جهته، أكد مدير إدارة السلامة والطوارئ مدير مستشفى الثغر الدكتور محمد باجبير، مغادرة جميع الحالات المنتشلة من تحت الأنقاض المستشفى، موضحا أن إصابتهم بسيطة ولا توجد حالات خطرة.