رأى صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالله بن عبدالعزيز رئيس هيئة الهلال الأحمر السعودي أن انتقاد المجتمع لخدمات الهلال الأحمر هو انتقاد إيجابي يسهم في تطوير الأداء. وقال ل«عكاظ» إن التعليمات واضحة وصريحة لجميع أقسام طوارئ المستشفيات في استقبال الحالات الطارئة التي ترد عبر الهلال الأحمر، وفي حالة الرفض فإنه يتم تطبيق العقوبات وفق الأنظمة المنصوصة. وكشف الأمير فيصل بن عبدالله، عن أن الهيئة عازمة على تطبيق مشروع التأمين الطبي لمنسوبيها، وتحقيق طلعات الكادر الصحي في جانب البدلات. الأمير فيصل بن عبدالله أكد أن خصخصة القطاعات ليس ترفا بحد ذاته، ولها أبعاد تطويرية أو اقتصادية تجعل من العمل الإنساني في منأى عن ذلك، وأضاف «في الوقت الحالي لسنا بحاجة إلى خصخصة هذا القطاع الإنساني النبيل». وفيما يلي نص الحوار : • مازال المجتمع ينتقد خدمات الهلال الأحمر، وضعف إمكانياته وتجاوبه مع الحالات، كيف ترون هذا الانتقاد؟ أرى هذا الانتقاد بمنظار إيجابي أكثر تفاؤلا، كما أراه تفاعلا جميلا بيننا وبين مجتمعنا الإنساني الذي لا نحسبه إلا شريكا لنا في الميدان، والحمد لله أن رسالتنا المجتمعية وصلت لأناسنا وأهلنا الطيبين في مملكة الإنسانية والمقيمين عليها، ونحن لا ندعي الكمال، وحريصون على التطوير المستمر، وبمثل هذه الانتقادات الصادقة نستطيع تطوير مهنيتنا على الأرض أو في السماء بكل أريحية وشفافية. تعميم الخدمات • الهلال الأحمر يفتقد إلى تعميم الكثير من أوجه الخدمات؛ منها فرق الاستجابة المتقدمة، الإسعاف الجوي، فهل هناك خطة لتعميم هذه الخدمات؟ الخدمات التي ذكرت في سياق السؤال ونحن عازمون على تعميمها ليست خدمات عادية، بل هي منظومة خدمات نوعية استحدثتها الهيئة حسب الحاجة لكل منطقة ولكل مجتمع ومناسبة، ونحن نتمنى أن تشمل تلك الخدمات كل بقعة من بلادنا الغالية، وفي الاتجاه الآخر يجب أن نكون واقعيين في المطالب والأمنيات وواضحين أيضا فيما نريد، لن أتحدث عن أن تلك الخدمات باهظة الثمن والتكاليف، فنحن منذ البدء كان شعارنا «من أجل إحياء الأرواح وإنقاذها نبذل الغالي والنفيس». الدراجات النارية • تجربة فرق الدراجات النارية في موسم الحج تعد من التجارب الناجحة التي انعكست إيجابا في تقديم خدمات إسعافية، هل هناك توجه لشمولية هذه التجربة؟ لكل موسم خصوصيته، فالدراجات النارية استحدثت في مواسم الحج والعمرة تقريبا اللذان يشهدان الازدحام وتجمعات الحشود في المناطق المقدسة، والدراجات النارية لم تكن لنقل الجرحى بل كانت لإسعاف ذوي الحالات الإسعافية المتوسطة في أماكنهم في المناطق التي قد لا تصل إليها عربات الإسعاف. طوارئ المستشفيات • ما زال الهلال الأحمر يواجه مشكلة استقبال الحالات في بعض طوارئ المستشفيات، ما رأيكم في ذلك، وهل هناك عقوبات للمستشفيات المخالفة؟ - الحمد لله أن هذه الظاهرة خفت كثيرا عن السابق وتراجعت في الآونة الأخيرة لعدة أسباب أولها صدور التوجيه الملكي في عام 1429 ه التي تقضي بإلزام جميع المستشفيات بقبول الحالات الطارئة، والتعليمات واضحة وصريحة في هذا الجانب الإنساني ومن لا يتقيد سيعرض نفسه لأقصى العقوبات وفق النظام، كذلك المتابعة الحثيثة من الإخوة في وزارة الصحة في تطبيق هذا القرار، وأخيرا وعي المجتمع العام المنطلق من الشعور الديني والإنساني للمجتمع الذي ارتفع مستواه في الآونة الأخيرة لاسيما في المنشآت الطبية التجارية، وهذا لا يعني أن ثمة معاناة أبت أن لا تكمل حلقة الرضا العام. إسعاف للمعوقين • هناك اقتراح بتخصيص سيارات إسعافية لفئة المعاقين، ما مدى إمكانية ذلك؟ أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة فئة عزيزة على قلوبنا، وعربات الهيئة الإسعافية يمكنها التعامل مع جميع الفئات من المرضى والمصابين، علاوة على وجود كراسي درج تساعد في نقل المعوقين حركيا وغيرهم من منازلهم إلى سيارات الإسعاف، كما أشير إلى أن سيارات الإسعاف مجهزة بالكامل بوسائل الأمان التي تمنح المصاب نقلا آمنا نظرا لحركة النقالات الانسيابية. الكادر الصحي • منسوبو الكادر الصحي ما زالوا يعانون من قلة البدلات، ويطالبون بمساواتهم بالفئة التي تشملهم البدلات، أين يكمن الخلل؟ كما تعلم أننا نعمل ضمن منظومة حكومية تتبع أنظمة الدولة في الرواتب والبدلات ولا يمكن أن نحيد عن ذلك، ورغم ذلك نسعى جاهدين لمساواتهم ببقية زملائهم ممن يعملون في جهات أخرى وربما أكثر من ذلك. التأمين الطبي • موظفو هيئة الهلال الأحمر ما زال يحدوهم الأمل في أن يشملهم التأمين الطبي، متى تتحقق أمانيهم؟ الهيئة عازمة بإذن الله في هذا المشروع وتطبيقه على جميع منسوبيها، ورغم العقبات التي نواجهها إلا أنه يجري تذليلها حاليا وهي التي تقف أمام الإعلان عن بداية تطبيق هذا الأمر، ثق تماما أنني وفريقي من مسؤولي الهيئة نسعى جاهدين لإنشاء بنية تحتية إنسانية صلبة وبيئة انتماء لمنسوبي الهيئة توفر عليهم عبء التفكير بالعلاج لهم وذويهم، والتفكير بأداء العمل الإنساني المنوط بهم فقط. نظام الاتصالات • ما زال نظام الاتصالات في الهلال الأحمر السعودي ينتظر التطوير، متى يتم ذلك؟ نسعى في الهلال الأحمر بشكل مستمر في تطوير جميع أنظمة الخدمات المساندة للميدان حسب ما تقتضيه مرحلة التشغيل الميداني وتطور هذا العمل ومنها أنظمة الاتصالات، التي أرى أنها مناسبة جدا بما يكفي سرعة تحركات فرقنا الإسعافية في الميدان، وهذا لا يعني أنه لا يوجد خطط مستقبلية طموحة في هذا المجال. الإسعاف الطائر • ما هو الجديد في منظومة الإسعاف الطائر؟ تعارفنا منذ البدء بتسميته «الإسعاف الجوي»، والجديد في أسطول إسعافنا الجوي يتم بشكل يومي، وأخيرا تم التمكن من تواصل الطائرات مع الفرق الإسعافية الأرضية في الموقع دون الرجوع إلى العمليات، ويجري الإعداد حاليا لتدريب الكوادر في الإسعاف الأرضي على ذلك، هذا الأمر سيشكل مرحلة جديدة في سرعة الاستجابة الإسعافية وخدمة المرضى والمصابين. خصخصة الهلال • ما زال الهلال الأحمر بعيدا عن الخصخصة، متى يتم التوجه إلى هذا الجانب؟ - خصخصة القطاعات ليس ترفا بحد ذاته، ولها أبعاد تطويرية أو اقتصادية تجعل من العمل الإنساني في منأى عن ذلك، نحن لا نرى في الوقت الحالي أية حاجة إلى خصخصة هذا القطاع الإنساني النبيل، والتطوير والتحديث المستمر الذي يشهده هذا القطاع بفضل الله ثم بجهود كوادره المؤهلة التي أصبحت تملك الخبرة الكبيرة في تشغيله والتدريب الكافي في إدارة شؤونه لدرجة صعوبة الاستغناء عنهم، أو تسليم الأمر إلى شركة ليست لديها الخبرة الكافية في التشغيل لما لهذا التشغيل خصوصية اجتماعية وجغرافية. ثقافة المجتمع • يعاني الهلال الأحمر من ضعف ثقافة المجتمع وتفهمه بالخدمات التي يقوم بها، ومن أبرز الملاحظات التجمهر عند الحوادث، عدم إفساح الطريق أما الحالات الإسعافية، كيف يمكن مواجهة هذه المعطيات؟ نحن نعترف بمعاناتنا في مثل هذه الأمور، فالفضول في مجتمعات العالم الثالث أمر مشاهد في أبسط الأمور، وربما فسرها الآخرون بحب الفزعة وشيم المساعدة من أزمنة الآباء والأجداد يوم أن لم يكن ثمة مؤسسات للمساعدة، أما بعد استقرار الأمور في هذا الزمن الآمن فإننا نسعى جاهدين عن طريق التوعية والتثقيف تمرير المعلومات التي تدعو إلى رفع الوعي العام بهذه الإشكالية، والجميع أصبح يعي معنى «من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا»، مجتمعنا متدين بالفطرة ويسهل الدخول إلى وعيه وحسه الإنساني عن طريق هذه الخصلة الجميلة.