كانت هناك روابط قوية بين الشاعر الكبير الأستاذ حمزة شحاتة وبين عائلة الجمجوم تحدث عنها عدة كتاب منهم الشيخ محمد علي مغربي في كتابه «أعلام الحجاز». وقد كان العم محمد نور جمجوم رحمه الله صديق الشاعر ووصيه، وبقي على اتصال مستمر به بعد هجرة حمزة شحاتة إلى مصر، وقد حرص على جمع القصائد التي حصل عليها من الشاعر، على مضض، حيث لم يكن حمزة شحاته حريصا على جمع قصائده ونشرها مما عرض كثيرا من هذه القصائد، على ما يبدو، للضياع. وقد كانت القصائد التي جمعها العم محمد نور الرافد الأساسي لديوان حمزة شحاتة الذي نشر عام 1408ه (1988م). من ناحية ثانية كان والدي الدكتور عبد اللطيف جمجوم رحمه الله على صلة جيدة بالشاعر ودون كثيرا من قصائده في ملزمتين عثرت عليهما بعد وفاته وقد علاهما الغبار وأوشكتا على الضياع. قرأت في هاتين الملزمتين قصائد جميلة لم تكن بالديوان هي «يا ليل ما ذكراك» و«مهاجر يعود» و«سيدتي» و«ك م» و«ماذا تقول شجرة لأختها» و«تاريخ أمة» و«إلى حسين سرحان الشاعر» و«أقصر جهادك» و«ثأر» و«سياسة» و«صبر» ومقطعات «1،2،3»، وتعجبت لماذا لم تدرج هذه القصائد بالديوان، كما عثرت على ورقة منفصلة مكتوب عليها قصيدة رجحت أنها لحمزة شحاتة سميتها «هند وفريد» ونشرتها في ملحق «الأربعاء» لصحيفة المدينة وفي مجلة «جدة» ولم يرد ما ينفي انتسابها إليه. كذلك تنبهت إلى وجود فقرات ناقصة وأخطاء في بعض القصائد الأخرى الموجودة بالديوان. شعرت بأن كل هذه القصائد يوشك على الضياع، خاصة وأنه مر على وفاة الشاعر أربعون عاما، وأن الاهتمام بجمع المزيد من قصائده المبعثرة قد تلاشى تقريبا بعد نشر ديوانه. كما شعرت بأن من مسؤوليتي الحفاظ على القصائد التي وجدتها ونشرها قبل أن تضيع إلى الأبد. خطر ببالي أيضا أن أستعين بالأخ الدكتور هشام محمد نور جمجوم للبحث في مكتبة العم محمد نور الثرية عن قصائد أخرى ربما تكون فاتت جامعي الديوان. ولكن بعد بحث دام بضع ساعات لم نتمكن حتى من العثور على المجموعة الأساسية المنشورة من القصائد التي التبس مكانها ربما بسبب تداولها أثناء جمع الديوان أو بعد ذلك. وقد أكد لي ذلك إمكانية ضياع بقية القصائد وحثني على الإسراع بإكمال مهمة جمع كل ما أجده منها. في النهاية ظهر ملف صغير يحتوي على عشر قصائد منها «الدرب القديم» التي دون في أسفلها الحروف الأولى من اسم حمزة شحاتة و«رجيم» الفكاهية التي يؤكد موضوعها أنها لحمزة شحاتة وكذلك مقصوصة من إحدى الصحف تحمل رائعة حمزة شحاتة «ذكرى» المدرجة بديوانه، وكان وجود هذه القصائد الثلاث مؤشرا أن الملف يخص قصائد حمزة شحاتة. لسوء الحظ احتوى نفس الملف على سبع قصائد أخرى مكتوبة بخط اليد على أوراق متفرقة عدا واحدة كانت مطبوعة بالآلة الطابعة الشخصية ولم يكن مكتوبا على أي من هذه القصائد السبع اسم الشاعر. لم يساورنا أدنى شك أن القصائد السبع كانت أيضا لحمزة شحاتة لوجودها في نفس الملف مع القصائد الثلاث الأول. احتوى الملف أيضا على فهرس يبدو أن العم محمد نور كتبه بدقة يشمل أغلب قصائد حمزة شحاتة التي جمعها، يحتوي الفهرس على قصيدة «الدرب القديم» مما يؤكد انتسابها لحمزة شحاتة، ولكنه لا يحتوي على قصيدتي «ذكرى» أو «رجيم» مما يشير إلى أن هذا الفهرس ليس متكاملا بحيث يمكن الاعتماد عليه كوسيلة وحيدة للتحقق من القصائد التي تعود فعلا للشاعر واستبعاد ما ليس فيه. وهكذا لم يسترع غياب السبع قصائد من الفهرس انتباهنا في ذلك الوقت بل لم ننتبه إليه. قمت أيضا ببحث في الشبكة العنكبوتية أثمر عن العثور على قصيدة «ما لي أراها لا ترد سلامي» التراثية المثبتة لحمزة شحاتة والتي غناها أشهر المطربين السعوديين ولكنها لم تكن موجودة بالفهرس أو بأي من الأوراق التي لدينا. شعرت أن حصيلة 25 قصيدة بخلاف بعض الأبيات المتفرقة والتصحيحات تستحق الجمع في كتاب صغير وهكذا جاء كتاب «قصائد لم تنشر للشاعر حمزة شحاتة» كإضافة، وليس تكرارا، لأي من القصائد الموجودة في ديوان الشاعر. لم يفتني البحث عن الدكتور بكري محمد شيخ أمين الأستاذ سابقا بجامعة الملك عبد العزيز والذي كلف بمراجعة ديوان الشاعر عند جمعه ولكن تبين أنه قد غادر المملكة. وقادني ذلك إلى الاتصال بأحد أدبائنا المعروفين ممن سبق أن كتب عن حمزة شحاتة لطلب رأيه في مسودة الكتاب قبل طباعته، ولكن أديبنا لم يبد أي رغبة في «مراجعة» الكتاب، أو حتى النظر إلى المسودة إلا وفق شروط مسبقة كانت لديه وكان يصعب استيفاؤها، وهكذا تحملت مسؤولية إخراج العمل دون مراجعة أدبية محترفة، وهو خطأ أعترف به وقد تندمت عليه. كانت أمامي مشكلة أخرى هي احتواء بعض القصائد على أبيات قليلة تمس جوانب شخصية من حياة الشاعر كانت، في نظري، غير مناسبة للنشر، وربما كانت هذه الأبيات من أسباب عدم إدراج هذه القصائد أساسا في ديوان الشاعر المطبوع. ورأيت أن حل هذه المشكلة يكمن في حذف بعض الأبيات، والإشارة إلى ذلك بكلمة «بتصرف» تحت عنوان القصيدة. ترددت في هذا الحل لما في ذلك من تعدٍ، ولكني ركنت إليه في النهاية باعتباره أفضل من خسارة القصائد كلها، ولا زالت هذه النقطة موضع اختلاف مع عدة أدباء ولا زلت عند وجهة نظري بخصوصها. أخيرا كانت الأخطاء اللغوية والمطبعية هي أكبر همي وقد حرصت على تلافيها ولكنها لم تشكل أي مشكلة بالمقارنة بما ظهر فيما بعد. تمت طباعة الكتاب بعد أن ازدان بصورة وسيمة كان حمزة شحاتة أهداها إلى والدي، وتم إرسال نسخ مبدئية إلى الأصدقاء وبعض الأدباء. ظهرت المشكلة الأولى في مقال للأستاذ عبد الله خياط بهذه الصفحة من «عكاظ» حيث أورد سعادته ملاحظة للأديب السفير محمد صالح باخطمة بأن قصيدة «العودة» وهي إحدى القصائد السبع المشار إليها أعلاه ليست لحمزة شحاتة بل للدكتور إبراهيم ناجي وتم قص تلك القصيدة قبل طرح الكتاب في إحدى المكتبات. ثم جاءت الضربة الأكبر في رسالة من الشيخ عبد المقصود خوجة إلى الأستاذ عبد الله خياط تم نشرها في «عكاظ» أيضا أشار فيها إلى أن أربعا من بين القصائد الست الأخرى وهي «أبثك وجدي يا حمام» و«نصائح وعظات» و«قف حي شبان الحمى» و«في مقلتيك» هي لأمير الشعراء أحمد شوقي. وأن القصيدتين « أوشك الديك» و«صهباء» هي لشاعر النيل حافظ إبراهيم. أصبح من الواضح أنني وقعت في «مطب» محكم بسبب ذلك الملف الذي احتوى على سبع قصائد لم تكن معروفة لي تنتمي إلى شعراء كبار آخرين لا أدري كيف أو لماذا وضعت مع ثلاث قصائد لحمزة شحاتة. تم استعادة الكتاب من المكتبة الوحيدة التي طرح بها لقص القصائد الست الأخرى. وأطلب هنا من كل من وصله الكتاب التنبه إلى هذه الأخطاء المؤلمة التي تسبب اللبس وقد تسيء عن غير قصد إلى مكانة شاعرنا الكبير الأستاذ حمزة شحاتة. تعلمت درسا قاسيا في مزالق تحقيق التراث، وحمدت الله على التنبه للخطأ وتصحيحه في بدايته، وأشكر كل من ساهم في تنبيهي إليه. من حسن الحظ أن الشيخ عبد المقصود خوجة، كما أشار في رسالته، على وشك إصدار المجموعة الكاملة لأعمال الشاعر حمزة شحاتة الشعرية والنثرية بما في ذلك، حسب اعتقادي، القصائد الثماني عشرة المذكورة أعلاه التي هي لحمزة شحاتة فعلا وربما غيرها مما تم العثور عليه في مكتبة العم محمد نور لاحقا، وذلك بعد مراجعتها من قبل عدد من الأدباء المختصين. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 133 مسافة ثم الرسالة