كنت أعتقد أننا تجاوزنا منذ مدة حالة الرؤية الفردية والرأي الواحد وبدأنا نعتمد على الدراسة المتخصصة والبحث والتمحيص والاعتماد على رأي الخبراء ونصائح المتخصصين واستشارة بيوت الخبرة ومراجعة اللجان المختصة، ثم عرض التوصية النهائية على الوزير لاعتمادها كما هي، أو طلب مزيد من المعلومات (التي تخفى عليه) للاستنارة برأي أهل التخصص والخبرة حول استفسار محدد لمعاليه قد يحتاجه للرد على استفسار مماثل من وزارة المالية أو هيئة الخبراء أو مجلس الشورى. كنت أعتقد أن أسلوب (الشور شورك يا وزير) قد اختفى منذ زمن المسرحية القديمة بعنوان (الشور شورك يا يبه والرأي رأيك يا يبه)، ذلك أن زمن الرؤية الواحدة والرأي الواحد قد ولى بعد أن تسبب في كثير من الفشل والتناقض والازدواجية والقرارات غير المدروسة وحل محله منذ مدة أسلوب القرار المبني على أسس ودراسات واحترازات ونقاشات ورؤية واضحة من كل الزوايا مجتمعة، خصوصا أن الوزير منصب إداري بحت أهم متطلباته التأهيل الإداري العالي والخبرة الإدارية الطويلة وتوفر قدرات القائد الإداري القادر على سرعة استيعاب الوضع الإداري والحالة الإدارية ومكامن القصور ومواطن القوة ثم القدرة على اتخاذ القرار بالتغيير إلى الأفضل ولكن ليس تحديد ما هو الأفضل دون الاستنارة بالرأي المختص والدراسات والاستشارات والأرقام. هذا هو الأمر الطبيعي والمطلب الأساسي في حال أن الوزير مختص في الإدارة ويملك مقومات القائد الإداري، أما إذا صادف إن كان غير مختص في الإدارة ويفتقر لمتطلبات القائد فإن حاجته للرأي الآخر والدراسات والإحصاءات تكون أكبر. ما يحدث الآن في بعض الوزارات لا يتناسب مطلقا مع اعتقادنا بذهاب أسلوب (الشور شورك) دون رجعة، ربما ذهبت العبارة، لكن الأسلوب باق ولكن بعبارة جديدة هي (رغبة معاليه) هذه العبارة التي أصبحت المبرر الوحيد لقرارات ارتجالية غير مدروسة ولا مؤيدة من أهل التخصص ولا تتناسب مع الاحتياجات الفعلية أو الصالح العام يتم اتخاذها مدعومة بعبارة (رغبة معاليه)، وللأسف أن تصدر هذه العبارة من أناس لهم تجربتهم الطويلة ورؤيتهم المتخصصة وقدرتهم على النصح والتذكير وربما رددوا هذه العبارة بألم وأسى لكنها أصبحت معتادة ومبررا معتادا وكأنه مقنع أو مفروغ منه. (رغبة معاليه) توقف مشروع قائم و (رغبة معاليه) تلغي نهجا بدأ للتو وتغير لمجرد التغيير فإذا خضعت الإجراءات للرغبات فلك أن تتوقع حدوث أي شيء، لكن المؤسف أن لا تجد من يغلب المصلحة العامة ويسدي النصيحة الصادقة أو الرأي المتجرد من المجاملة أو ربما وجد مثل هذا الشخص لكن (رغبة معاليه) لا ترغب في بقائه وهنا نخشى أن ندور في حلقة مفرغة. www.alehaidib.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 262 مسافة ثم الرسالة