في مدونات اغريقية، توجد تركة لأدبيات علم نفس الخوف، وأشهر الأمراض النفسية التي طورها علماء النفس في الغرب بأثر قراءة مدونات اغريقية قديمة، هذا عدا توصيف انحرافات سلوكية مثل النيكروفيليا التي اقتصر على التفرد بها مهنيون قلة يمارسون القفز فوق ضمائرهم لاستلاب جسد مريضات لا يدركن شيئا. على أية حال نحن هنا بصدد منظومة أمراض الخوف التي تعتري الإنسان نتيجة تجارب قاهرة أو توافر الاستعداد إليه لكي ينضم إلى القافلة. تلك المنظومة تتناول في قائمة طويلة حالات الأكروفوبيا والأسترادوفوبيا، ناهيك عن الديموفوبيا بوصفها الأكثر إثارة لسخرية الأصحاء من مرضى يعانون الخوف من الناس العاديين كأن يشتبه المريض بهذه الحالة شفاه الله أن جميع الناس الذين يقابلهم يتربصون به الدوائر للقضاء عليه. لكن حالة الهيدروفوبيا ومعناها مجرد الخوف من الماء في معظم تفاصيلها حالة فريدة كأن يتهيب الإنسان الصعود على مركب خوفا من الغرق، وهنا تصبح الشواطئ والأنهر مصدر قلق قاهر في حياته. وللواقع يعتبر وليام شيكسبير أول من صاغ الموقف الهيدروفوبي من خلال تجسيده لمخاوف الفتاة «أوفيليا» في مسرحية هاملت وهي تحاول الإلقاء بنفسها في أحد الأنهر لكي تتخلص من كل تشويش طال حياتها. لقد ابتكر الأغريق كل هذه الحالات أو لنقل أنهم اكتشفوها وعملوا على تطويرها وباستثناء نظرية الإحساس بالذنب الجماعي Kollektivschuld الذي تفرد بها الألمان بحسب المصطلح الوارد بطيه لاعتقادهم من خلال التأثر بالدعاية المضادة أنهم ساهموا وتسببوا في إبادة اليهود ولذلك فقد دأبوا على دفع مئات ملايين الماركات لليهود أملا في الإحساس ببعض الراحة الجماعية، فلربما بقي الإحساس بالذنب مجرد حالة فردية وفقا لنظرية الاستجابة الشرطية. على أية حال تبقى مسألة الخوف الجماعي من الماء أو الهيدروفوبيا الجماعية على ارتباط شرطي في مجتمعات بشرية تتوقع الكثير من توابع التسونامي كالشعب الإندونيسي مثلا ولاحقا الشعب الياباني بنواحي الشمال الشرقي. إذا ارتفع مستوى الماء مثلا في مدينة مثل البندقية التي هي فينيسيا، فسوف يغمر الإيطاليين ممن يعيشون في البندقية إحساس بالهيدروفوبيا الجماعية. لكننا على أية حال لا نعيش في فينيسيا، ومع ذلك صرنا مشوشين هنا في جدة فيما يتصل بعلاقتنا مع رؤية الغيوم تتلبد من فوقنا، لدرجة أن هذه العلاقة صارت مصدر قلق جماعي في مدينة جدة.. في الماضي القريب كان الناس يحلمون برؤية الغيوم فوق ساحات البلاد، وها هي تي الغيوم الملبدة تصبح اليوم مصدر قلق ينذر بالخوف، فإذا أضفنا إلى ذلك الشائعات التي تأتي بطي عبارات على نحو سوف نغرق.. لن تتوقف السماء عن المطر.. ربما تنفجر السدود.. هل سمعتم شيئا عن بحيرة المسك وأخواتها.. الشوارع.. السدود الترابية.. راوية حامد بن عقيل سوف تغرق هذه المدينة ذات يوم.. فمعنى ذلك أننا نمارس تداول الهيدروفوبيا الجماعية على مستوى المحافظة. لقد نجونا هذه المرة وتجاوزنا حالات الغيم من غير أن تمس أطراف الكثير من الناس قطرة ماء، وهذا بفضل الله ولطفه.. لقد حمانا الله من غير حول منا ولا قوة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 265 مسافة ثم الرسالة