الماء لا يكذب. نحن من يفعل ذلك. لم يقل لنا إنه يأتي بغتة. نحن من زعم ذلك. لم ينزل من السماء ليخرب الأرض. نحن من خرب الأرض قبل أن ينزل. لم يقتحم المنازل ويسحب السيارات. نحن أعطيناه كل المفاتيح وقلنا له هيت لك، هيت لك. والماء ذلك المركب الكيميائي هو مادة بلا طعم ولا لون ولا رائحة، لكنه حين يهطل في جدة يتجرع الناس طعم الخوف ويخرج ألوانا من المآسي وتنتشر الروائح في الأنحاء، وليست روائح أزهار النفل والخزامى، كما يحدث عادة، إنها روائح مياه الصرف التي تصر على الخروج دائما من باطن الأرض لمصافحة ما تبعثه السماء وإطالة العناق معه. يقول العلم إن جزيئات الماء تتصرف كمجموعات مترابطة وليس كجزيئات منفصلة، لكننا أمامه نتصرف كمجموعات مفككة، فلا يهم من يسكن حي الشاطئ أو الحمراء ما حدث لمن يسكن قويزة أو أم الخير. وتعتبر مياه الأمطار أنقى أنواع المياه الطبيعية، وبحسب العلم كذلك، فإن ماء المطر حين يسقط، ينحل مع الغازات المنتشرة في الجو كالأوكسجين وثاني أكسيد الكربون وبعض المواد الصلبة، ويمكن أن نضيف إلى هذه المعلومة، أنه حين يصل إلى الأرض، يغرق الشوارع ويفتح الحفر الكبيرة ويكشف سوأة مشاريع عقود الباطن. والماء في الديانات مادة طاهرة، يتطهر به الإنسان ويغتسل به من الذنوب، وفي حالاتنا هذه يمكن القول إن له خاصية جديدة، وهي قدرته على تدنيس البشر ووضع ذنب أناس على رقاب آخرين، فمن سمح ببناء المساكن في بطون الأودية أو قيعان السدود، لا يطهره الماء مهما اغتسل. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 246 مسافة ثم الرسالة