يعد حراج المعيصم في مكةالمكرمة أحد أكبر الأسواق الشعبية في العاصمة المقدسة، إلا أنه يعاني من فوضى شديدة وعدم تنظيم، فالباعة غير النظاميين يمارسون أنشطة البيع والشراء وسط السوق دون رقيب، وأيضا أصحاب المحال التجارية الذين يكدسون البضائع خارج المحال بكميات كبيرة، ما يعرقل تنقلات المارة والمتسوقين بشكل ملحوظ، ويعيق أيضا تدخل فرق الدفاع المدني المبكر لمعالجة حوادث الحريق التي تشهدها السوق بين فترة وأخرى. وتعالت أصوات منادية بنقل موقع السوق الحالي إلى مكان أكثر تنظيما ويتواءم مع التطور الذي تشهده مكةالمكرمة على كافة الأصعدة. وهنا شكلت إمارة منطقة مكةالمكرمة أخيرا، لجانا مشتركة ممثلة في الأمانة، الشرطة، الدفاع المدني، والجوازات للقضاء على المخالفات التي تشهدها سوق حراج المعيصم، وأوكلت المهمات للجان على أن تتولى كل لجنة معالجة وتصحيح الجوانب التي تخصها. وفي الوقت نفسه، حذرت إدارة الدفاع المدني من استمرار الوضع الحالي لحراج المعيصم الذي وصفته ب«الفوضوي» ويشكل خطورة على السكان المجاورين والعاملين فيه والمرتادين له، وطالبت بضرورة تفعيل دور الجهات الرقابية لضبط إيقاع السوق، والحد من الفوضى، والمسارعة في نقل موقعها الحالي على أن يحدد لها موقع يكون تحت إشراف الأمانة، منظم في بنائه والخدمات المقدمة فيه، وتخصيص إدارة للسوق للمتابعة ومنع حدوث المخالفات، في حين اكتفت أمانة العاصمة المقدسة بالتأكد على ضرورة نقل سوق حراج المعيصم إلى خارج النطاق العمراني. عمل مشترك ففي الوقت الذي أكد ل«عكاظ» أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة بن فضل البار، عزم إدارته نقل الحراج إلى خارج النطاق العمراني في موقع سيتم تجهيزه وتأمينه بكافة الخدمات، ويكون تحت إشراف الأمانة، دون أن يفصح عن الموقع الجديد أو موعد نقله، أبلغ «عكاظ» مدير إدارة الدفاع المدني في العاصمة المقدسة العميد جميل أربعين أن إدارته تواجه صعوبات في الاستجابة المبكرة لحوادث الحريق التي تشهدها بين فترة وأخرى المحال التجارية في حراج المعيصم. وأضاف «نعاني في سرعة الاستجابة وفي مرونة الدخول والخروج من وإلى الحراج والتحرك داخل منطقة الحدث»، مؤكدا على خطورة الموقع على السكان المجاورين له في حال شهد حوادث متطورة كونه موقعا «فوضويا» على حد وصفه ويجب نقله من موقعه الحالي إلى مكان أكثر تنظيما. وقال «إذا وقع حريق في حراج المعيصم فلن ينجو أحد». وأضاف: دورنا في الدفاع المدني يأتي ضمن منظومة متكاملة، كل جهة مناطة بها مسؤوليات ومهمات وعليها تحمل مسؤوليتها تجاه ذلك؛ فحين تجد باعة مفترشين، أو يعرض بائع أمام متجره بضاعة تفوق ما هو موجود داخل المتجر فهذه مسؤولية الأمانة أو البلدية الفرعية، وعلى الجوازات مسؤولية ملاحقة المخالفين لأنظمة العمل والإقامة الذين يمارسون البيع والشراء، والدفاع المدني لا يتحمل مسؤولية المخالفات والظواهر السلبية، ولا يتحمل مسؤولية القضاء عليها. وزاد «مشكلة حراج المعيصم، سببها سلوكيات التجار المخالفة للنظام من خلال عرض البضائع خارج المحال التجارية، فضلا عن ممارسة الباعة غير النظاميين لأنشطة البيع والشراء وسط السوق». وأردف بالقول «الدفاع المدني مهمته توفير وسائل السلامة وأنظمة الإطفاء والإنذار»، مبينا فصل إدارته التيار الكهربائي عن معظم المحال التجارية نتيجة للحرائق التي شهدتها السوق أخيرا، وأيضا نتيجة لمخالفات تم رصدها من قبل فرق أنظمة الأمن والسلامة الميدانية في المحال التجارية، ولا يمكن إعادة التيار لأي من تلك المحال المخالفة ما لم تتم معالجة تلك المخالفات. وخلص إلى القول «فرق السلامة طالبت بوضع عوازل حريق بين المحال التجارية، وبناء الجدار إلى مستوى السقف، وتوفير أنظمة الإطفاء والإنذار، وعدم التخزين داخل المحال، ومنع ما يسمى بالأدوار المسروقة». تكثيف الرقابة ورصدت «عكاظ» في جولة ميدانية على السوق التي وصفتها إدارة الدفاع المدني ب«الفوضوية» تقلص ساعات العمل فيها إلى أربع ساعات في اليوم، بعد فصل إدارة الدفاع المدني التيار الكهربائي عن ثلثي عدد المحال التجارية في السوق، نتيجة فشل ملاكها في توفير اشتراطات السلامة وفقا لتأكيدات الدفاع المدني، فأصوات البيع والشراء ترتفع في فترة العصر وتختفي بعد أن يخيم الظلام على المكان الذي غصت جنباته بالمخالفات التي يقف خلفها وافدون من مخالفي أنظمة العمل والإقامة، وبعض المقيمين من الذين يمارسون البيع والشراء بطرق مخالفة، وما زاد من حجم المأساة غياب الجهات الرقابية عن ممارسة مهماتها. ورصدت «عكاظ» استمرار إغلاق مقار الجهات الرقابية في السوق، ما أسهم في سطوة الوافدين وسيطرتهم على السوق من خلال بيع المسروقات والبضائع والسلع غير الصالحة للاستخدام. سيطرة العمالة الوافدة خلال الجولة «عكاظ» حاول الوافدون التواري عن عدسة الكاميرا، في حين تقدم المواطنون للبوح عن شكاواهم ونقل معاناتهم إلى المسؤولين لإيجاد حلول تنهي معاناتهم، وتقضي على ممارسة الوافدين لما وصفوه بالتصرفات غير المسؤولة. ففي مدخل الحراج كان المواطن مبارك الغامدي يتكئ على عصا يحملها في يده وهو يتأمل وضع السوق، وقال «أصبحت السوق في وضع لا تحسد عليه بعد سيطرة العمالة على حركة البيع والشراء، وفقدت قيمتها التجارية»، فالعمالة أفسدت على المواطنين فرصة الاستفادة من تلك المواقع على حد قوله. وطالب الغامدي بتكثيف الرقابة الميدانية على الحراج، خاصة أن المخالفين لأنظمة العمل والإقامة أصبحوا يتحينون الفرص لسرقة محتويات المحال التجارية بعد غياب أصحابها عنها في ساعات متأخرة من الليل، ويعيدون بيعها من جديد في السوق دون خوف من أحد. واعتبر الغامدي أن حراج الخردة من الأسواق الشعبية التي يرتادها المواطنون والمقيمون على حد سواء، وينتشر فيها الكثير من العمالة الوافدة والمخالفين، حيث يتم عرض البضائع والسلع وبيعها بشكل عشوائي. فصل الكهرباء من جهته، يرى المواطن منصور عبد الله «أن قرار إدارة الدفاع المدني بفصل التيار الكهربائي عن عدد كبير من المحال التجارية ساهم في انتشار ظاهرة سرقة البضائع من الحراج». وقال «كان يتوجب إغلاق المحال دون قطع التيار الكهربائي». وأضاف «أن حراج الخردة يشكل وضعا عشوائيا، ويمكن مشاهدة الأخشاب والمفروشات متناثرة بشكل فوضوي على جنبات الطريق، ما يسبب خطرا كبيرا في حال حدوث حريق بسبب أعقاب السجائر، أو حتى نتيجة لأشعة الشمس، في ظل غياب الرقابة والمتابعة». مجهولو الهوية وذهب أبو سعيد الملقب ب«معلم الحراج» إلى ضرورة ضبط سوق الحراج بتواجد الجهات الرقابية بشكل دائم، ومنع ممارسة البيع والشراء لغير الباعة الأصليين من ملاك المحال التجارية، وتضييق الخناق على العمالة من المخالفين والمقيمين الذين هم سبب العشوائية والفوضى التي يشهدها الحراج، وفتح المجال للشباب السعودي الذي يأمل أن يكون هذا النشاط بديلا له عن الوظيفة». وأضاف «حراج الخردة في المعيصم أصبح مهنة من لا مهنة له، ومرتعا لمجهولي الهوية والمخالفين لنظام العمل والإقامة الذين يعرضون السلع بأسعار زهيدة تغري المشتري، وطالب الجهات المعنية بإعادة تنظيم الحراج ومراقبته بشكل مكثف، وشن الحملات للقضاء على هؤلاء المخالفين، ووضع مراكز للبيع السريع لعرض السلع فيها بدلا من عرضها متناثرة وسط الطريق في وضع غير حضاري». أنشطة مخالفة وأوضح المواطن محمد الهذلي أن بعض السلع المسروقة تباع في هذا الحراج خفية بعيدا عن أعين الرقابة، وبيع الأقمشة والملابس التي لا تصلح للاستخدام الآدمي، كذلك بيع بعض المواد الغذائية والمأكولات التي تهدد صحة الإنسان، فالبعض من الباعة الجائلين استغلوا هذا الوضع الذي تسوده الفوضى لممارسة أنشطتهم المخالفة. وأضاف: غياب الحراسات الأمنية في السوق ساهم في تسجيل العديد من حوادث السرقة التي عادت بالخسائر على ملاك المحال المسروقة، خصوصا أن البيع في الحراج يتم، دون إثبات هوية البائع على حد وصفه. حركة السير وانتقد فيصل الشريف تأخر تدخل فرق الدفاع المدني في حال حدوث حريق في الحراج، وكان آخرها الحريق الذي التهم 40 محلا تجاريا، وطالب بالتواجد الدائم لفرق الدفاع المدني، وانتقد أيضا غياب دوريات المرور لتنظيم حركة السير خاصة في عطلة نهاية الأسبوع، حيث تشهد السوق كثافة في إعداد مرتاديها، مبينا معاناة سكان مخطط العسيلة الذين لا يستخدمون الطريق الذي يمر وسط السوق للوصول إلى منازلهم. وقال: يفترض نقل الحراج إلى موقع يوفر سهولة في التحرك ويحظى بتنظيم أفضل من وضع السوق الحالي التي أنشئت منذ سنوات طويلة، ويفتقر للتنظيم والخدمات.