عرف العالم أجمع يوم أمس معنى أن يتمتع السعوديون بمفهوم الانتماء الحق، لوطنهم ولقيادتهم حينما ربأوا بأنفسهم وترفعوا عن أن يكونوا عرضة للإصابة بعدوى الغوغائية التي نزعت من بعض الشعوب العربية استقرارها، وتركتها نهباًَ للفوضى والفتنة، وبعثوا برسالة قوية لدعاة الفتنة مفادها: « انفثوا سمومكم بعيداً عنا». مر يوم الجمعة كأي جمعة مباركة، لم ينحدر فيها السعوديون إلى حضيض الفوضى التي كان يتمناها لهم المتربصون بهم، والناقمون عليهم، وكان مرد ذلك عدة أمور: يتمثل الأول في فهمهم لمعنى أن تكون المظاهرات والمسيرات والاعتصامات أمراً محرماً شرعاً، وذلك لأنها السبيل المؤدي إلى الفتنة وتشتيت الشمل، ونزع الأمن، وضياع الحقوق، وكل ما قاد إلى محرم فهو محرم، وتمثل الثاني في عمق إحساسهم بالانتماء الوطني الذي يدفعهم إلى أن يكونوا صفاًَ واحداً يقف في وجه أي تآمر تحاك به لهذا البلد المكائد، وينفس فيها الحاقدون عما تمتلئ به أنفسهم من الحقد، ويسعون إلى تفريق شملنا وتوهين عزمنا. ولذلك تكون المواطنة الحقة هي المناعة التي تجعل من الوطن سداً غير قابل للاختراق، والثالث يتمثل في العلاقة التي تربط هذا الشعب بقيادته، فلا يؤثر في هذه العلاقة واش أو كائد أو تداخلها الريبة أو الشك، فهي علاقة وطيدة بين شعب وقيادة، أشبه ما تكون بعلاقة الأسرة الواحدة التي لا تقبل أن يمس أي فرد من أفرادها ضير أو ضيم، أما الأمر الرابع فيتمثل في معرفة السعوديين بطرق الإصلاح وإيمانهم بالحوار وإدراكهم أن لإبداء الرأي طرقه المشروعة التي لا يكون من بينها نشر الفوضى والفتنة والاضطراب.في المدينةالمنورة، تجمعت الوفود الإعلامية عند الساعة ال11 صباح أمس في الطابق الأول في مقر فرع وزارة الثقافة في المدينةالمنورة على امتداد طريق خالد بن الوليد حيث إدارة الإعلام الخارجي، ومن بين هذه الوفود مصورون من مركز التلفزيون السعودي، الإذاعة، وكالة الأنباء السعودية، والصحف المحلية، وكان يجري الإعداد لاستقبال مراسلي مؤسسات إعلامية خارجية بعد إنجاز مهماتهم في الرياضوجدة والمنطقة الشرقية، وهذه المؤسسات هي؛ قناة بي بي سي البريطانية، وكالة رويترز العالمية، وكالة الأنباء الفرنسية (أ. ف. ب). خطة التغطية الإعلامية التي أعدتها الوزارة تتمثل في التحرك من مقر الفرع إلى أماكن التجمعات حال نشوئها عبر سيارات وزارة الثقافة، بالتنسيق مع الناطق الأمني لشرطة منطقة المدينةالمنورة العميد محسن بن مصلح الردادي، وهناك تجري إتاحة المجال للإعلاميين للتصوير ورصد الشارع العام. وفيما ينتظر الإعلاميون شارة الانطلاق إلى المواقع بعد أن قضوا صلاة الجمعة في المسجد المجاور لمقر فرع الوزارة، جاء الإعلان من لسان مدير الإعلام الخارجي «الحمد لله، الوضع مستقر، وما هنالك أي تجمع». وانصرف الإعلاميون عندئذ من مقر الوزارة، وعاد مصورا التلفزيون السعودي الزميلان محمد الخراشي وخليل أبو زيد محملين بالكاميرات واللاقطات الصوتية من ساحة المسجد النبوي، وكل يفضي بعبارات الراحة والاطمئنان، حيث قال مدير مكتب صحيفة الرياض الزميل سالم وصل الأحمدي «الحمد لله، يعني نروح بيوتنا نتغدا؟»، وزاد عليه المحرر في مكتب جريدة المدينة الزميل عبد الوهاب الفيصل «اللهم لك الحمد، أجل نمشي». ميدانيا، تحولت ساحة وقف الداوودية في طريق سلطانة في المدينةالمنورة التي نادى المغرضون إلى التجمع فيها إلى ساحة بيع وشراء، ورصدت «عكاظ» ميدانيا الحياة العامة في الموقع، وفي الساحات التي أجرت عليها الجهات الأمنية فرضية التظاهر، وهي؛ بجانب ساحة وقف الداوودية، مسجد قباء، ساحة المسجد النبوي، مسجد القبلتين، طريق قربان، مسجد الجمعة، مسجد الملك عبد العزيز في العزيزية، ساحة معركة أحد، وجامع آل الشيخ في الإسكان. ويقع وقف الداوودية في المنطقة المتاخمة للمنطقة المركزية المحيطة بالمسجد النبوي من ناحيته الشمالية الغربية، ولا يفصله عن المنطقة المركزية سوى 60 مترا، هي عرض طريق الملك فيصل (الدائري الأول). في تلك الساحة، حيث نادى المغرضون إلى التظاهر، اتخذت الحاجة «عائشة» مكانا لعرض بضائعها من الملابس، وافترشت لتجارتها الحرة حصيرا من البلاستيك، توقفنا عندها وسألناها: ماذا يدور اليوم في هذا الموقع؟ فأجابت بأنها لا تعلم شيئا، فقلنا: ألا تخافين من الجلوس في هذا المكان؟ فردت بأنها تحمل إقامة نظامية، وليست مخالفة لأنظمة الجوازات. وإلى جانب عائشة بأمتار فقط، تصطف مطابخ المندي والحنيذ والمطعم الباكستاني، والحال ذاتها في بعض المواقع الافتراضية، كمسجد قباء وبعض الجوامع، حيث لم تشهد أي تحرك نحو التظاهر أو التجمع إطلاقا. المسجد النبوي وشهد المسجد النبوي وساحاته استقرارا تعوده المصلون كل جمعة، دون ملاحظة أي فرق عن صلوات الجمعة الماضية. وأوضح مدير العلاقات العامة في وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي أن الوكالة ماضية في تقديم الخدمات على الوجه الأكمل، إذ كثفت خدماتها لاستيعاب أكبر قدر من المصلين داخل المسجد النبوي وفي الساحات المحيطة والأسطح، مراعاة لتزايد أعداد المعتمرين؛ فجرت زيادة عدد المفارش وفتح جميع المظلات المحيطة بالحرم لحجب أشعة الشمس عن المصلين، بجانب انتشار المراقبين وفرق الصيانة والتشغيل والسقيا، وتوفير كميات ضخمة من مياه زمزم في جميع الممرات الواقعة داخل المسجد النبوي وساحاته والأسطح. وتشهد المدينةالمنورة في هذه الأيام توافد أفواج من المعتمرين من الداخل والخارج، حيث أشارت آخر إحصائيات وزارة الحج إلى أن إجماليهم يلامس ال200 ألف زائر، غالبيتهم من جنسيات آسيوية، مع ملاحظة انخفاض معتمري مصر وتونس. المراقبة الإلكترونية وتوجهت «عكاظ» إلى مقر شرطة منطقة المدينةالمنورة، وهنالك التقت بمديرها اللواء عوض بن سعيد السرحاني، بعد عودته من الميدان بعد صلاة الجمعة وأكد أن الأوضاع طبيعية تماما. في مكتبه المزدحم بشاشات المراقبة الإلكترونية التي ترصد 600 موقع في المدينة والمسجد النبوي، أشار بأصبعه إلى شاشة تعرض ساحة وقف الداوودية، وهو يقول «الحمد لله، هذا هو الحال، فالساحة خالية تماما». (لمشاهدة الصفحة PDF الرجاء الضغط هنا)