تسببت الحمولات الزائدة لشاحنات النقل الثقيل في تدمير الطريق المزدوج الرابط بين محافظتي أملج شمالا وينبع جنوبا، إذ تسببت إلى جانب انتهاء العمر الافتراضي لأحد مساري الطريق، إلى حدوث هبوطات شديدة في الطبقة الأسفلتية، نتج عنها تعرجات ونتوءات باتت تشكل خطرا على المركبات العابرة، فيما رصدت تقارير مرورية حوادث مروعة على الطريق، أسفرت عن قتلى ومصابين، كان السبب الرئيس في وقوعها سوء الطريق، وتهالك الطبقات الأسفلتية في أجزاء منه. وتتقاسم إدارتا الطرق والنقل في منطقة تبوك ومنطقة المدينةالمنورة مهمة الإشراف على الطريق، والبالغ طوله نحو 140 كيلومترا، بحكم وقوعه نهاية الحدود الإدارية للمنطقتين، حيث تتولى منطقة تبوك مسؤولية 35 كيلومترا من الطريق، فيما تتولى إدارة النقل في منطقة المدينة مسؤولية الجزء المتبقي، وبالرغم من كونه طريقا دوليا مهما؛ لاتصاله مباشرة بالحدود السعودية الأردنية، إلا أن أيا من الجهتين المختصتين لم تتحركا لمعالجة وضع الطريق الذي أخذ يزداد سوءا في ظل افتقاره للمراقبة، إضافة إلى عدم وجود مركز لوزن الشاحنات يحد من الحمولات الزائدة. وأوضح ل «عكاظ» مدير عام إدارة الطرق والنقل في منطقة تبوك المهندس خالد محمد الوكيل، أنه تم اعتماد مشروع إصلاح (إزالة وإعادة إنشاء) للمسار الحالي لطريق أملج ينبع، بطول 35 كيلومترا، مشيرا إلى أنه جرى طرح مناقصة المشروع وفتحت مظاريفه في مقر الوزارة في الرياض يوم السبت الماضي. وأبان المهندس الوكيل فيما يتعلق بضبط حمولة الشاحنات التى تجتاز الطريق، أنه تم اعتماد ميزان متحرك لمتابعتها وتقنين حمولاتها، مشيرا إلى غرامات مالية فرضت على الشاحنات المخالفة، تصل إلى خمسة آلاف ريال. من جهته، أبان ل«عكاظ» مدير عام إدارة المرور في منطقة تبوك العقيد محمد النجار، أن إدارته شكلت لجنة مختصة لمعاينة الطريق ميدانيا، ورفع المرئيات والتوصيات لوضع حلول تراها ملائمة، مضيفا أنه في حال دعت الحاجة إلى إنشاء محطتي وزن شاحنات وفحص دوري على الطريق، «فإننا سنخاطب الجهة المختصة والمعنية مباشرة لعمل اللازم». وعبر مواطنون في أملج عن استيائهم من الوضع الحالي للطريق، وناشدوا الجهات المختصة بضرورة التدخل العاجل لوقف نزيف الدماء وإتلاف المركبات، خصوصا أن الطريق يشهد حركة مرورية كثيفة على مدار العام، كونه جزءا من طريق دولي يربط شمال المملكة بجنوبها، فيما طالب عدد من المواطنين اعتماده كطريق سريع ليلقى العناية اللازمة بتوسيعه وتوفير كافة المتطلبات اللازمة، مصدات حديدية، شبك يمنع مخاطر الحيوانات السائبة، مراكز صيانة ومحطات وزن، وكذلك محطات فحص دوري للمركبات، أسوة بباقي أجزاء الطريق الممتد على طول الشريط الساحلي للبحر الأحمر من ينبع إلى جازان مرورا بجدة. فيما حمل مواطنون آخرون إدارتي الطرق والنقل في تبوكوالمدينةالمنورة، مسؤولية إهمال الطريق، وعدم الرقابة الكافية للشركات المنفذة لمشروع المسار الجديد، والذي اتضح أنه يعاني من ضعف الطبقة الأسفلتية، الأمر الذي سهل تعرضه لخطر الهبوط رغم حداثة إنشائه. وذكر المواطن مسعود سلمان الجهني، أن مما ساهم في مضاعفة الأضرار الواقعة على الطريق بين محافظتي أملج وينبع، وجود مصنعين للجبس وآخر للأسمنت، الأمر الذي يقتضي مرور الشاحنات عليه بشكل كثيف، في ظل خلوه من محطات الوزن والمراقبة، وعدم تقيد سائقي الشاحنات بالأوزان المحددة، ما أدى إلى هبوطات خطيرة في طبقة الأسفلت في عدة مواقع، ما زالت تتربص بعابري الطريق، خصوصا في الجزء القريب من نقطة تفتيش المدخل الجنوبي لمحافظة أملج، والذي اصطلح الأهالي على تسميته «مصيدة الموت». ويؤكد المواطن نايف الجهني أن العمر الافتراضي لمسار الطريق المتجه إلى أملج انتهى منذ عشرة أعوام، وأن طبقته الأسفلتية مهترئة ومتهالكة، فيما ساهم عبور الشاحنات ذات الحمولات الزائدة في تدميره تماما، وهو في حاجة ماسة للتجديد والصيانة الدورية، مبديا تعجبه من صمت وتجاهل الجهات المعنية، وعدم تحركها لمعالجة «الوضع الخطير» للطريق. وأفاد المواطن دخيل الله معوض أن الطريق ما زال يشهد هبوطا حادا في أجزاء متفرقة منه بصورة ملفتة ومزعجة، خصوصا للمسافرين ممن يجهلونه، ويشكل خطرا يتربص بالعابرين ويصطاد مركباتهم، حيث يتفاجأ السائق بتموجات وانخفاضات وارتفاعات أشبه بالمطبات الصناعية، الأمر الذي قد يفقده السيطرة على مركبته، ما يتسبب في وقوع حوادث اصطدام أو انقلاب، مؤكدا أن الطريق شهد حوادث مماثلة، نتج عنها زهوق كثير من الأرواح وإتلاف المركبات. في حين حذر المواطن صالح الحجوري من كوارث محتملة قد تحدث بسبب ما تعانيه الطريق من تلفيات وصفها بالخطيرة ،لافتا إلى أن الطريق تشهد عبور حافلات الحجاج والمعتمرين القادمين من منفذي الدرة في حقل وحالة عمار شمالا، ومن ميناء ضباء في طريقهم إلى الحرمين الشريفين، بصورة مستمرة وأعداد كثيفة، «الأمر الذي ينذر بوقوع ما لا تحمد عقباه»، مضيفا أن الطريق يمثل واجهة اقتصادية وحضارية للمملكة، غير أنه بوضعه الحالي «لا يعكس مكانة المملكة كدولة تشهد تطورا ونماء وازدهارا». ويبين كل من عبدالله عودة وسلمان معتق، أن الهبوطات الشديدة في الطريق أصبحت تشكل عبئا ثقيلا على مركباتهم، حيث ساهمت بشكل كبير في إحداث كثير من الأعطاب والأعطال، ما جعلهم يتحملون أعباء نفقات إصلاحها بشكل متكرر، خصوصا أنهم مضطرون إلى ارتياد الطريق باستمرار. وأنحى سعد الفايدي، حماد المرواني، وعطاالله السناني، باللائمة على إدارتي الطرق والنقل في منطقتي تبوكوالمدينةالمنورة حيال تدهور وضع الطريق وتهالكه، فيما لم يظهروا استغرابهم من الحال التي يشهدها الطريق، معللين ذلك بأن من يتولى مهمة الإشراف عليه هم فرق الصيانة من الدرجة الرابعة من كلتا الإدارتين، «وهي الأقل كفاءة وأداء وإمكانات حسب تصنيف فرق صيانة الطرق»، مبدين تذمرهم الشديد من سوء تنفيذ مشروع سفلتة المسار الجديد الذي ظهر ضعف طبقاته الأسفلتية وتعرضها للتهالك السريع.