انتقلت المعارضة الليبية في بنغازي، معقل الثورة التي اندلعت في وجه العقيد معمر القذافي، من حركة احتجاجية إلى حكومة موازية، ولكنها لا تزال منقسمة حول الطريق الواجب سلوكه للإطاحة بنظام الزعيم الليبي الحاكم منذ قرابة 42 عاما. فبعد أكثر من أسبوعين من الانتفاضة ينكب قادتها وهم في الواقع من المحامين، الصحافيين، العسكريين المنشقين، ورجال الأعمال، على إعادة ترتيب الوضع في الشرق الليبي وتشكيل شرطة محلية، وتأمين إمدادات المياه والغذاء. ومنذ الأسبوع الماضي أنشأ قادة الحركة الاحتجاجية مجلسا وطنيا مستقلا للمرحلة الانتقالية في المدن التي تسيطر عليها القوى المعارضة لنظام القذافي، في أراضي شرق ليبيا الشاسعة والغنية بالنفط، وفي الغرب. وإذا كان هذا المجلس يشكل وجه ليبيا خلال الفترة الانتقالية، بحسب أحد أعضائه، فقد يكون له أيضا وجه فوضوي. وكان وزير العدل السابق الذي انتقل إلى المعارضة مصطفى عبد الجليل أعلن عن تشكيل مجلس انتقالي في مدينة البيضاء (شرق). لكن ثوار بنغازي أعلنوا غداة ذلك تشكيل هذا المجلس المستقل، لكن دون أن يكون بوسعهم القول من يشكله. وفي مرحلة ثانية، أنشأ ثوار بنغازي مجلسا عسكريا ليكون نواة جيش مقبل للتحرير. لكن لا يوجد قيادة موحدة والمدن في الغرب الليبي تقاتل القوات الموالية للقذافي بدون دعم ثوار بنغازي. صحيح أن المعارضة تشتد قبضتها مع سيطرتها على الشرق وتقدمها في الغرب، لكن تبقى العاصمة طرابلس. أي يبقى الأصعب، قوات القذافي و «قائد الثورة»، وهي مهمة صعبة بالنسبة للمعارضة في وقت يطرح فيه الغربيون خيارات عسكرية خصوصا فرض منطقة حظر جوي لمنع عمليات القصف من طائرات عسكرية ليبية. ويتحدث ضباط عديدون انضموا إلى الثوار منذ أيام عدة عن مسيرة إلى طرابلس أو عمليات مساندة للمعارضين في العاصمة. لكن اجتياز نحو ألف كيلو متر بالنسبة لقوات تفتقر إلى الإعداد والتجهيز لا يبدو سهلا. في كل الأحوال فإن اللواء أحمد قطراني المكلف القوات العسكرية في بنغازي يعارض هذا الأمر. وقال قطراني: «إن طرابلس رهينة. نحن على اتصال مع المعارضين هناك لكنهم طلبوا منا عدم القيام بشيء، يقولون إنهم قادرون على القيام بالانتفاضة بأنفسهم». وقد تطوع جنود ومدنيون بعد أن تلقوا تدريبا في بنغازي. وبعد مضي أسبوعين تخشى المعارضة فشل حركة الاحتجاج، لاسيما وأن محاولات الانتفاضة قمعت في طرابلس بقسوة. وفيما رأى مساعد المندوب الليبي لدى الأممالمتحدة أنه ربما يحتاج الأمر لأسبوعين لكسر شوكة القذافي، فإن بعض قادة المعارضة في بنغازي فقدوا الأمل في أن يتمكنوا بسرعة من الإطاحة بالنظام بقوة الليبيين وحدهم، وطالبوا الغربيين تنفيذ ضربات جوية. وقالت سلوى بوغايغي العضو في ائتلاف المعارضة «إن هناك اختلالا في التوازن بين قواتنا وقوات القذافي». ناهيك أن قادة المعارضة منقسمون بين مؤيدين ورافضين للحل الدولي، ويخشى الأخيرون من «عراق أو أفغانستان» جديدة في ليبيا. وفي واشنطن، أكد مسؤولون عسكريون كبار أنه لا يوجد توافق حتى الآن داخل حلف شمال الأطلسي بشأن تدخل عسكري في ليبيا، فيما تبدو إقامة منطقة حظر جوي مسألة معقدة للغاية.