بنغازي (ليبيا) - رويترز - بعد مرور قرابة شهرين على بدء صراعهم للإطاحة بالزعيم معمر القذافي، يفتقر المعارضون الليبيون إلى قائد سياسي أو عسكري صاحب كاريزما يستطيع التعبير عن قضيتهم ولعب دور الزعيم الشعبي. وأنشأ الثوّار «المجلس الوطني الانتقالي» الذي يرأسه مصطفى عبدالجليل و «لجنة أزمة» يقودها محمود جبريل. لكنهما إضافة إلى مسؤولين آخرين لا يُكثرون من الظهور ونادراً ما يتحدثون إلى وسائل الإعلام ناهيك عن الخروج إلى الشوارع للاندماج مع الناس الذين يطالبون يومياً برحيل القذافي. وليس هناك من يشبه فيدل كاسترو العقل المدبر للثورة الكوبية أو حتى كورازون أكينو التي كانت رمز الثورة الشعبية الفيليبينية عام 1986 على رغم افتقارها للخبرة السياسية. وكان أول ظهور لمسؤول كبير أمام وسائل الإعلام بعد أسابيع لرجل ارتبط بالقذافي عن كثب لسنوات وهو وزير الداخلية السابق عبدالفتاح يونس. وقد انضم يونس إلى المعارضة المسلحة ويقود قواتها الآن، وهو عقد مؤتمراً صحافياً الثلثاء انتقد فيه حلف شمال الأطلسي (الناتو) بشدة لما اعتبره أداء متراخياً في قصف قوات القذافي على رغم أنه من شبه المؤكد أن الانتفاضة كانت ستسحق تماماً لولا هذا الدعم. ولا يتردد كثيراً اسم رئيس لجنة الأزمة جبريل وهو رجل دمث الخلق. ويقول بعض مقاتلي المعارضة إن عدم ظهور زعيم محدد ليست مشكلة ويُظهر السمة الشعبية للانتفاضة. وقال طالب عمره 19 سنة كان يشارك في تجمع حاشد في بنغازي مهد الثورة: «لا يوجد من يقودنا. الشعب يقود هذه الثورة. إنها في أيدي الشعب». ولدى سؤاله عمن يظن أنه يقود الحركة أجاب «أعتقد أنه مصطفى عبدالجليل. نحتاج هذا من أجل العالم الخارجي». وقال محمد المسماري (26 سنة) وهو مهندس إن الشعب الليبي هو الذي يقود الانتفاضة. وأضاف: «مصطفى ليس قائدنا. لكننا بحاجة إلى قائد لتنظيم الجيش على الخط الأمامي». وقال مسؤولون من المعارضة المسلحة إن عدم وجود قيادة واضحة ليس بالضرورة مسألة سلبية. وقال جلال الجلال عضو اللجنة الإعلامية بالمجلس الوطني الانتقالي إن هذه انتفاضة شعبية ضد شر بالغ وإن زعماءها سيظهرون بعد تحقيق هدف المعارضة. وتابع أنه يجب ألا يركز الغرب على أصحاب الأغراض الدعائية لأن الكثير من قيادات المعارضة يقتصر اهتمامها على الإطاحة بالقذافي. وغيّرت القيادة مركز عملياتها الرئيسي من محكمة متهالكة تطل على البحر في بنغازي وتعلوها لافتات وملصقات مناهضة للقذافي إلى فندق الفضيل المنعزل. وهناك يستقبلون مبعوثين من الخارج يحرصون على أن يعرفوا من يكون أعضاء المعارضة المسلحة بالفعل. واجتمع مبعوث الولاياتالمتحدة كريس ستيفنز بأعضاء المجلس هناك يوم الأربعاء. وقال عبدالحفيظ غوقة العضو البارز في المجلس في مؤتمر صحافي إن هذه الدول تريد أن تعرف المزيد عن المجلس مع رغبته في اعترافها به. وأضاف أن المناقشات دارت حول أعضاء المجلس وطبيعتهم. وكل من مصطفى عبدالجليل ومحمود جبريل كان من رجال القذافي سابقاً. فعبدالجليل كان وزيراً للعدل لكنه استقال في شباط (فبراير) بسبب ما اعتبره استخداماً مفرطاً للعنف ضد المحتجين في بنغازي عند بداية الانتفاضة. وكان في بعض الأحيان يميل إلى التفاوض مع طرابلس وهي الفكرة التي رفضها مسؤولون آخرون. أما جبريل فقضى معظم حياته العملية في الخارج. وكان رئيساً لمؤسسة بحثية اقتصادية حكومية ليبية لكنه استقال بعد أن رفض القذافي اقتراحه بتحرير الاقتصاد. وهو يقود حالياً الجهود الديبلوماسية للمعارضة. ومعظم المسؤولين الآخرين رجال أعمال ومحامون وبعضهم مختص درس في الولاياتالمتحدة أو بريطانيا. وتزخر صفوف المعارضة المسلحة وأنصارها بالطلاب والكثير من العاطلين. ويؤكد مسؤولون أن الثورة كانت عفوية وغير مخططة وأن الهياكل والاستراتيجيات نشأت من نقطة الصفر. وحظر القذافي كل أشكال التنظيمات السياسية أو الاحتجاجات لهذا يقول معارضون إن المسائل التنظيمية الأساسية مثل تدفق المعلومات التي يمكن الاعتماد عليها تمثل مشكلة وذلك في معرض تفسيرهم للفوضى التي تحدث في العمليات اليومية. وتأمل الحركة في ليبيا جديدة تتمتع بدستور جديد وانتخابات وسيادة القانون في مجتمع علماني رأسمالي موالٍ للغرب. كما تأمل في أن تستغل الثروة النفطية التي لم تكن الجماهير تشعر بها في إعادة بناء البلاد. ويشير عدم الحسم المتكرر في شأن اختيار المسؤولين إلى توترات داخل المجلس بين من يريدون الانتقال بسرعة إلى تشكيل حكومة قوية وبين من يعتقدون أنها لن تكون لها شرعية ما دامت ليبيا منقسمة. ويقلل مسؤولون من شأن الحديث عن الخلافات السياسية. وقال الجلال إن هناك بعض الخلافات لكن هذا طبيعي. وأضاف أن الجميع من حيث المبدأ يسيرون في الاتجاه نفسه. وتابع قائلاً إن المعارضة المسلحة تخوض حرباً وتتفاوض على نظام وتحاول تسيير الأمور على المستوى اليومي. وظهر خلاف في شأن قيادة القوات المسلحة. ففي البداية عين يونس قائداً لها، ثم في 24 آذار (مارس) قيل إن خليفة حفتر الضابط السابق في قوات القذافي الذي عاش في الولاياتالمتحدة سنوات طويلة هو المسؤول عن قوات المعارضة. بعد ذلك بأسبوع خرج حفتر من الصورة وأعلن أن يونس يقود العمليات الميدانية. وحين سئل يونس عن مصير حفتر قال إنه زميله وصديقه وليس له منصب رسمي وإن هناك مكاناً لكل من يساعد في تعزيز الثورة.