نظام الرهن العقاري من أهم الأنظمة التي ينتظرها المواطن على أحر من الجمر. ورغم تشوق فئات كثيرة من المواطنين لصدور هذا النظام إلا أنه لم يعد له أثر، ولا نعرف الجهة التي تحتجزه، ولا وجهة نظرها، وهل لديها حلول بديلة ريثما تطمئن إلى زوال العوائق التي يمكن من خلالها إطلاق هذا المشروع ؟. أسئلة كثيرة وأكبر من أن تحصى، ليس في فكري فقط، ولكنها في فكر كل مواطن. فأسعار العقار والإيجار من أصعب الأمور التي تواجه المجتمع، وهي أيضا من أكبر العوامل التي تساهم في رفع معدلات التضخم منذ سنوات، وكل ذلك ولا نجد الحلول التي يمكن أن تخفف من عبء هذه المشكلة. وحسب المعلومات الضئيلة فإن مؤسسة النقد ووزارة المالية لديهما تحفظات كثيرة بالرغم من إعادة دراسة المشروع من مجلس الشورى، الذي أطلق عدة تصريحات العام الماضي تأتي ضمن توقعاته بإجازة المشروع بعد إجراء التعديلات المطلوبة. وليس من المعقول احتجاز هذا المشروع دون تقديم مبررات كافية، تجيب على تساؤلات المجتمع بشفافية. وقضية السكن بالرغم من الحلول التي شجعت الدولة على اتخاذها، ومن ضمنها طرح مؤسسة معاشات التقاعد مشاريع إسكان وضخ صندوق التنمية العقاري المزيد من المال لتقديم قروض جديدة، تجاوزت العشرين ألف قرض خلال العامين الماضيين، إلا أن المشكلة لا تزال قائمة. فهذه الحلول لا تزال تقع ضمن الحلول الجزئية التي لم تثبت أنها قادرة على تخفيف الطلب المواكب للنمو السكاني والتنمية الحضرية. نمو الطلب على المساكن وفقا لإحصاءات غير مدققة، وصلت إلى 15 في المائة، وهذا الارتفاع سينشأ عن ارتفاع في كلفة الإيجار بنسبة 5 في المائة تقريبا للأسعار الحالية خاصة في الوحدات الجديدة، إذا ما علمنا أن المعروض من المساكن بالكاد يفي في أفضل الأحوال بنسبة 40 في المائة من إجمالي الطلب. هذه الأوضاع ستؤدي إلى العديد من الإشكالات الاقتصادية على الطبقة المتوسطة وتزيد الأعباء المالية عليها بشكل يؤدي إلى تآكل مداخيلها نتيجة الزيادات في أسعار المساكن، التي تعود في الغالب إلى الأبناء الذين يلجأون للآباء لمساعدتهم في تسديد جزء أو كل الإيجار ليستطيع الابن تأمين متطلبات بيته الأخرى. وهذا الوضع الناشئ من الفجوة الآخذة في الاتساع بين العرض والطلب لا تجد اهتماما مقبولا يجعلها من ضمن أولويات الجهات المختصة والجهات المقدمة للتمويل المناسب، وفقا لآليات تتناسب مع استطاعة المحتاجين للمساكن، وتحقق قدرا معقولا من الأرباح للملاك والجهات الممولة، وباستخدام أساليب بناء حديثة أثبتت جدواها في دول عديدة. إذ إن الإصرار على استخدام الأسمنت والحديد في البناء يعد أحد أكبر العوائق التي تمكن المواطن محدود الدخل من تملك المسكن الذي يحلم به. الآمال معقودة على تحرك مؤسسة النقد بتحفيز البنوك على تقديم برامج تمويل مناسبة، ووزارة المالية لدفع مشروع الرهن العقاري، بالإضافة إلى وزارة الشؤون البلدية لاستصدار قرارات تتيح بناء المساكن النموذجية الحديثة التي لا يكون الأسمنت والحديد من مكوناتها الأساسية.