«تحيا الأفكار».. هكذا قال عدد من الشباب وهم يتسلمون رخصة مزاولة مهنة بيع الشاي بعد أن تفتقت أذهانهم بفعل «ضغط البطالة» لهذا العمل الذي أخرجهم إلى سوق العمل متحررين من قيود الوظيفة وشكلياتها ونظرة المجتمع السالبة لبعض المهن. إبراهيم عسيري وعدد من أصدقائه وبميزانية متواضعة جدا ودعم أحد المواطنين بتخصيص جزء من أرضه على طريق «أبها - خميس مشيط» خطوا أولى خطواتهم لإدارة «المقهى المفتوح» على قلوب المارة الذين أدمنوا طريقتهم في إعداد «شاهي الجمر» والقهوة العربية والحليب العدني، الزنجبيل وطائفة من مختلف أنواع الشاي، الأحمر والأخضر والمغربي والطائفي والمشكل، وأخذوا يترددون باستمرار وبأعداد متزايدة كل يوم. ويقول عسيري ل«شمس» إنه تخرج من الكلية التقنية لكنه فشل في العثور على عمل يناسب مؤهلاته لذا كان لابد من البحث عن مخرج سريع من هذه المشكلة، فالانتظار الطويل لا يعني إلا مزيدا من التورط في البطالة وإدمانها: « ليس عيبا أن أعد أنا وأصدقائي الشاي الجمر والقهوة بعد أن تعلمنا فنونها وابتكرنا خلطاتنا السرية». وذكر أنهم استأجروا سيارة بحوالي 2000 ريال ليضعوا فيها «عدة الشغل» فيما خصص لهم أحد المواطنين جزءا من أرض فضاء يملكها على طريق أبها – الخميس تشجيعا لهم: «أدوات العمل ليست كثيرة، فليس هناك أكثر من كومة من الحطب وموقد كبير المكون من قطعة شبك حديدي موضوعة على حجارة وأباريق الشاي والحليب والكاسات وبعض جراكن المياه». وقال عسيري إن زبائنهم هم من المارة الذين بدأ إقبالهم يزيد تدريجيا وهو ما دفعهم لتقديم المزيد من المشروبات الساخنة التي يعشقها سكان أبها بسبب الأجواء الباردة التي تتميز بها المدينة وذلك دفعهم لإدارة موقع آخر على الطريق نفسه ويعاونهم فيه بعض أصدقائهم خاصة أوقات الإجازات وأوقات فراغهم». لكن رغم انسيابية العمل فإن عسيري وأصدقاءه يشكون من ملاحقة البلدية لهم بعد أن نصبوا خيمة على الموقع ليستريحوا فيها ويؤدوا فيها الصلوات ويحتموا بها من برد الليل: «لا أدري لم تضايقنا البلدية؟ فصاحب الأرض سمح لنا بذلك وطبيعة العمل في العراء تجبرهم على أخذ قسط من الراحة.. وهذا الوضع يجبرنا حاليا على اللجوء إلى سيارتنا بين الحين والآخر». أحد أصدقاء عسيري أكد أن العمل يسير بصورة طيبة وبشكل أكبر مما كانوا يأملون: «وجدنا تشجيعا من الكثيرين وسمعنا عبارات الإطراء لعملنا واجتهادنا وأصبح لدينا زبائن دائمون نظرا لاجتهادهم في تقديم مشروبات مميزة منكهة بأعشاب الميرمية والحبق والنعناع والوزاب وهي نباتات عطرية تزرع في المدينة. ليس هذا فحسب بل توسعنا قليلا في العمل وأخذنا في بيع بعض منتجات السمبوسك التي يجلبونها من بيوتهم».وأضاف أنهم سيطورون عملهم وجلب كل ما من شأنه أن يجعلهم مصدرا لإلهام غيرهم من الشباب الباحث عن فرصة .