لست مؤيدا للرأي «الانطباعي» الذي يتشكل في الغالب بناء على العاطفة، دون إحكام النظر والتأمل وهو الأمر الذي شاع في علاقة المتلقي مع وسائل الإعلام، وكانت ثورة «الانطباع» متأججة في الحكم على التغطيات الإعلامية لأحداث مصر وتونس، وتحديدا في تغطية «العربية» و «الجزيرة» لها. منطق العقل يقول: لست مجبرا على متابعة قناة دون أخرى في عصر الانفتاح الفضائي، فأنت من يحمل «الريموت كنترول» وبالتالي أنت المتحكم في مسار أقنيتك، دون الحاجة إلى أن تملأ الفضاء ضجيجا وتنظيرا بنقد تلك المحطة ومدح الأخرى، ورغما عن ذلك نجد الصخب العاطفي عند جمع من المتلقين بعيدا عن فقه إعلام الأزمات، الذي يختلف إطاره عن أية تغطية أخرى وترسم إطاره السياسة العامة لكل قناة فضائية، بين من يستحث العواطف لتمرير أجندته وبين من يحاول إشراك الآراء كافة وإن كان بعضها يخالف منطلقات المشاهدين. في واقع الأمر: لقد أحسنتا «العربية» و «الجزيرة» في اكتساح المشهد الإخباري العربي، واستقطبتا المتابعين من أنحاء العالم، وميدان المنافسة بينهما أصبح معلنا، وهو حق مكتسب لا غبار عليه.. أفلحت «الجزيرة» في التواصل مع الناس وفتح خطوط «الفضفضة» لهم على الهواء مباشرة، وأشركت عامة الناس في وصف الأحداث من الميدان، وهو ما يمثل في العرف الإعلامي عنصر جذب فاعل، فكلما نزلت إلى هم الناس وأشركتهم في التعبير عنه، كلما ارتفعت أسهمك وازداد المتابعون.. نعم، لا يخلو الأمر من «غوغائية» وتكرار لذات الخبر والعبارة، ولكن المؤسسة الإعلامية لا تهتم إلا بالمحصلة العامة بقاعدة «كم عدد المشاهدين؟»، في المقابل نجحت «العربية» في الرصد الصحافي المتمكن عبر تقاريرها الميدانية، وإعطاء جرعة لتفاعل الناس من خلال خدماتها التفاعلية، وكان تميزها الملحوظ في برامجها المباشرة من القاهرة التي وفرت للمتابع أن يحيط بالرأي والرأي الآخر، باستضافة الأطراف كافة، إضافة إلى تطبيقها لمصطلح «الكبسولة» الخبرية: خبر مكثف مدعوم بالمؤثرات الرسومية، يوفر المعلومة عند المتلقي بشكل مختصر بعيدا عن الحديث المطول لمحللين معينين كما هي الحال في «الجزيرة».. على أية حال: لكل مشاهد الحق في انطباعه ووصفه لقناة بالتبعية والأخرى بالفوضوية أو كيل المدائح لواحدة دون أخرى، إلا أن واقع المشهد الإعلامي العربي فرض علي شخصيا متابعة غيرهما، لتكون إجابتي عند كل نقد يطرح: فضاؤنا رحب فسيح.. قلب جهازك وستجد بغيتك، والأمر باختصار بين يديك بعيدا عن اللت والعجن.. اقض على القناة بضغطة «زر» واحدة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة