والظاهر هو ذلك الرقم الذي نسمعه عند اعتماد أي مشروع، وعادة ما يكون رقما ضخما قد يوحي أحيانا بالمبالغة في تقديره، لكنه في كل الأحوال كفيل بتنفيذ المشروع بأفضل من مواصفاته، وعلى أقل تقدير ليس بمستوى أقل من تلك المواصفات .. أما الباطن فهو مصيبتنا وغريمنا وخصمنا المتضامن مع بقية الخصوم. الباطن هو الذي يتغلغل في باطن المشروع وينهش أعضاءه كالسرطان ثم يقذف به إلينا سقيما متهالكا، لا هو حي فيرجى ولا ميت فينعى، وبدلا من أن نستفيد منه نبدأ في صرف فاتورة علاج مكلفة لا طائل منها.. الباطن لدينا ليس كالباطن في الأماكن الأخرى، لا ندري أي فكر جبار خلق منه غولا لا يستثني مشروعا ولا يتوقف عند حد. يبدأ تشغيل محركاته التوربينية لحظة الإعلان عن المشروع أو لحظة توقيع العقد الأساسي تحت أضواء الكاميرات وتصنيف المحتفلين، وما إن تمضي أيام قليلة إلا وقد اخترق الجلد واللحم والشرايين والأعصاب، ليصل إلى العظم ويصيبه بالهشاشة.. مشروع يبدأ بمئات الملايين وينتهي بفتات الملايين، و«كله بالنظام»، دون مراعاة لأهمية المشروع وخطورة تنفيذه بأقل سعر في سلسلة الباطن بواسطة مقاول تحت كفالته بضعة أنفار يسرحون في الشوارع .. زمن طويل ومشاريعنا ضحية هذه الفلسفة السيئة، التي تفتح الأبواب لممارسات أسوأ تضاعف الضرر، فهل يمكن التفاؤل بمراجعتها وتقنينها وضبطها؟؟.. أشعر بقدر لا بأس به من التفاؤل بعد إعلان الأمير خالد الفيصل أنه سيتم اختيار أكثر من شركة عالمية متخصصة لتنفيذ مشاريع مدينة جدة، وإعلان رفضه التام للتعامل مع الوكلاء والوسطاء، وعدم السماح لأي شركة أن تعطي أي مشروع من الباطن .. إن هذا القرار سيجنب المدينة كثيرا من سوء التنفيذ الذي تقوم به مقاولات الباطن، والذي أصابها بمختلف العاهات المزمنة، واستنزف أموالا ضخمة دون طائل .. لعلها تكون البداية لإيقاف تحول المشاريع إلى ضروع تتسابق عليها أفواه المنتفعين ليجدها المواطن في النهاية جافة ضامرة .. إذا كان الظاهر له أهله والباطن له أهله، فماذا يبقى لمشاريع الوطن؟؟. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة