أمر الملك مؤخراً ببناء عشرة آلاف وحدة سكنية في جازان لإيواء الأسر المتضررة من الحرب القائمة على الحدود مع اليمن ضد الحوثيين المعتدين. وعسى أن تكون في هذه الحرب التي نكرهها جميعاً خيراً لهؤلاء المقيمين على حدودها، فينتقلون إلى بيئة جديدة ومساكن حديثة تفوق جودة وروعة أضعاف ما كانوا فيه، مع أن الوطن عزيز مهما صعبت الحياة فيه، لكن المملكة كلها لهم وطن. هذا المشروع الضخم الجبار الذي لن تقل تكلفته عن نصف مليار ريال إذا أخذنا في الاعتبار بنى تحتية حديثة متكاملة، (وليس على شاكلة المخططات التجارية البائسة التي تمنحك أرضاً مقابل مبالغ طائلة ودون خدمات إطلاقاً إلا رصيفاً متهالكاً وأعمدة إضاءة قد علاها الصدى). هذا المشروع هو أول اختبار للنزاهة والشفافية والنظافة بعد الأمر الملكي بتشكيل لجنة تحقيق عليا لتقصي الحقائق والنظر في تاريخ الفساد وأبطاله الذين أحالوا جدة إلى مدينة يسخر من حالها القريب والبعيد، ويموت بعض أهلها لتمتلئ أرصدة من سرقوها في رابعة النهار. وقفة عند هذا المشروع تستدعي رجاءات كثيرة. أول الرجاء أن تشرف وزارة المالية عليه مباشرة كما فعلت مع جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، إذ العمل يجري هناك على مدار الساعة وبهمة عالية، وأحسب كذلك بإتقان بالغ. الرجاء الثاني: أن لا نعمد أبداً إلى مهزلة (التعاقد من الباطن) إلى (الباطن) حتى (عاشر الباطن)، وحتى يصبح المنتج الأخير مهزلة لا تستحق إلا الرثاء والبكاء، وربما اللعنة والسخط والاستهزاء. أما آخر الرجاءات فهو التعميد المباشر لشركات عالمية تحسن عملية الإنجاز السريع طبقاً لرغبة خادم الحرمين الشريفين، فالحاجة ماسة والمنتظرون كثر، ولن يجدي أشباه المقاولين الذين يعملون يوماً ويغيبون عشراً.. أعذارهم جاهزة وحبلهم طويل وكذبهم وفير. ولا تنسوا في الختام أن تلقوا بنظام المشتريات الحكومية خلف ظهوركم، فهو لم يورثنا إلا سوءاً في التنفيذ وضعفاً في الأداء وتكلفة مضاعفة في نهاية المطاف.