تعمل الكثير من أمانات المدن في صمت من أجل إنجاز مشاريعها، مدركة أن ذلك هو واجبها الذي تتلقى عليه أجرا، لكن اللافت للنظر أن أمانة جدة التي تعد مستويات مشاريعها هي الأسوأ بين مختلف الأمانات بلا منازع، تعد أكثر الأمانات ضجيجا وتضخما في الكتابة عن نفسها، ومن أجل هذا لم تكتف بما كان يروجه المركز الإعلامي من بيانات وردية عنها، بل اتجهت للتعاقد مع إحدى الجهات الإعلامية لتتولى الكتابة عن إنجازات الأمانة حتى الملل، وذلك مقابل مبلغ ضخم. وكان من الممكن ألا ننازع الأمانة في ذلك لو كانت مشاريعها وإنجازاتها على المستوى المنشود، ولكن لأن مشاريعها لاينافسها في الرداءة والبطء أحد، يحق لنا أن نتساءل: لماذا هذا؟ من أجل تلميع قلة قليلة من الأشخاص يؤدون واجبهم! إن الأمانة تقتضي من الأمانة الموضوعية وأن تترك الحكم على أدائها للمواطن، وليس مقبولا منها على الإطلاق أن تمارس «حرق دم» المواطنين وتسألهم عبر موقعها الإلكتروني عما إذا كانوا راضين عن جهودها في شفط المياه من الشوارع بعد الأمطار، وهي مهمة من الممكن أن يقوم بها مقاول شاطر وعدد من العمال يعملون بالوايتات. وكان من المنطقى أن تسأل الأمانة سؤالا واحدا: مارايك في مشاريع تصريف مياه الأمطار التى لا تغطى سوى 10 في المائة فقط من المدينة، رغم اعتماد ستة مليارات ريال لهذه المشاريع في السنوات الخمس الأخيرة. ومن هذا المنطق، أعتقد أن الأمانة كانت ستحظى باحترام أكبر لو اعترفت مرة بالخطأ عن سوء مشاريعها وتعهدت بمحاسبة المقصرين، ورشدت من تصريحات مسؤوليها وتفرغت للعمل في صمت، وأيقنت أن القارئ لم يعد ينطلي عليه الكثير مما تقوله عن إنجازاتها على الورق، واتجهت بإخلاص إلى تسريع إنجاز المشاريع المتعثرة التي تمثل هدرا بالملايين على الدولة، وأطلقت انتفاضة مدوية بالوقوف يوميا على المشاريع حتى تنجز في مواعيدها المحددة، بدلا من أن يباشر العمل في مشاريع ضخمة عامل بشيول يتيم يوميا لذر الرماد في العيون، وكفت عن طرح مشاريع على شاكلة «تحويل شوارع جدة إلى شوارع تشبه الشانزليزيه»، ورحمتنا من 50 ألف حفرة تمارس تكسير سيارتنا يوميا. فهل ستفعل الأمانة وتكون لديها أمانة؟ أشك.