عندما تشاهد المناظر المفجعة لأهالي جدة وهم يقاومون سيول لا تتعدى 111ملم تصاب بالدهشة والذهول وتشعر أنك أمام منطقة تفتقد لأبسط تجهيزات البنية التحتية. في العام الماضي الكارثة كبيرة وما حصل هذا العام يؤكد أن المسؤولية تتحملها جهات وثقت فيها الدولة ودعمتها بالغالي والنفيس ونتيجة لعدم قدرتها على مواجهة التحديات ووضع الخطط المناسبة والعمل على دخولها حيز التنفيذ. العاقل لا يعرف أين الخلل هل هو في الأشخاص أم في الإجراءات البيروقراطية أم في ثقافة المجتمع والتسامح التي تسمح بجعل المصائب تمر مرور الكرام. عند حدوث كارثة الأربعاء استنفر الجميع، وخادم الحرمين الملك عبدالله حفظه الله وجه بتسخير كافة إمكانيات الدولة، وسمو أمير منطقة مكة الأمير خالد الفيصل اجتمع بالمسؤولين وتفقد مواقع الكارثة ميدانيا وحمل المسؤولية لكل من لم يحسن العمل ويقدر المسؤولية. إن ما لفت نظري هي الجمعيات التطوعية لشباب جدة لمساعدة المنكوبين ولكن الدور الغائب تماما هو دور الشركات والمؤسسات والتجار ورجال الأعمال ممن لم ينبروا لمساعدة الناس والوقوف إلى جوارهم في محنتهم، ومد يد العون لهم ومساندة الدولة في إجراءاتها الرامية إلى التخفيف عن معاناة الناس وتعويضهم عما لحق بهم وبممتلكاتهم من أذى وضرر، فلم نسمع أن وكلاء السيارات تبرعوا بتعويض لمن أتلف السيل سيارتهم. ولم نسمع أن شركات المقاولات والمعدات ساعدت الدفاع المدني وأمانة جدة أو حتى بادرت في عمليات الإنقاذ من تلقاء نفسها. ولم نسمع أن تجار جدة ووجهاؤها أنشأوا صندوقا لمساعدة المنكوبين وتعويضهم بمساعدة الدولة كجزء من مسؤوليتهم الاجتماعية تجاه المجتمع. كذلك لم نسمع أن البنوك السعودية حرصت على المشاركة والتفاعل مع الكارثة كحرصها على إقراض المواطنين وبفوائد خيالية لا تجدها في أي مجتمع في العالم سوى في بلادنا العزيزة؟ إن الاقتصاد السعودي معفى من الضرائب الباهظة التي تفرض على القطاعات التجارية والصناعية والشركات والمؤسسات ومع ذلك لم نجد أن بنوكنا وشركاتنا تفاعلت مع الحدث بما يجب ويقنع المواطن. وأوضحت دراسات وإحصاءات دولية في مجال المسؤولية الاجتماعية أن 86 % من المستهلكين يفضلون الشراء من الشركات التي لديها دور في خدمة المجتمع، و 70 % يرون أن المسؤولية الاجتماعية لها دور مهم جدا، و 64 % يشجعون فكرة أن تكون المسؤولية الاجتماعية للشركات من معايير تقييم الشركات. فالمفهوم الجديد سوف يكون في اهتمام المواطن السعودي في السنين المقبلة ومجرد أن يجد أن هذه الشركات تأخذ فقط ولا تقدم شيئا للمجتمع سيغير خياراته ويترك لعقله مجالا أرحب في التفكير والرؤية. إن على الشركات والبنوك السعودية أن تعيد حساباتها في مجال مسؤولياتها تجاه المجتمع ليس في جدة فقط ولا تنتظر كارثة حتى تقع فهي من أكثر شركات العالم ربحا ومن أقلها تضامنا مع المجتمع. ضيف الله عبدالله العتيبي