كان ل «كارثة نوفمبر» التي حلت بجدة أخيراً، جوانب إيجابية على رغم المأساة التي نالت من غالبية المجتمع الجداوي، فالأزمة التي عاشها الناس جراء تدفق السيول في أجزاء من المحافظة قبل نحو 10 أيام، كشفت عن معدن الإنسان السعودي الذي يتفاعل مع مآسي أخيه الإنسان في أصقاع المعمورة المختلفة، فكيف إذا كان المتضررون من أبناء الوطن وربما من الأهل والأقارب. ما إن هدأت جدة من هول ما أصابها، وبدأ سكانها يستوعبون ما حل بهم، هب الكثيرون من الشبان المتطوعين لتقديم العون والمساعدة للمحتاجين، سواء على أرض الواقع أو من خلال تنظيم حملات على الشبكة العنكبوتية، كما فعل عدد من الشبان حين نظموا حملة «مواطنة» على الموقع الاجتماعي «الفيس بوك» لتقديم الدعم المادي والمعنوي للمنكوبين. ويقول أحمد صبري أحد المتطوعين في حملة «مواطنة» ل «الحياة» : «أرتأينا أن يكون للمجتمع المدني دور في تقديم الخدمات للمتضررين في هذه الأزمة، فكانت هناك هبة شعبية، ونشطنا من تلقاء أنفسنا كشبان متطوعين»، مشيراً إلى أن أعداد المتطوعين في حملة «مواطنة» ازداد بعد الكارثة. وأوضح أنهم يضطلعون بالعديد من المهام منها زيارة الأحياء المنكوبة وتوثيق ما حدث فيها بالتصوير وتبليغ الجهات الحكومية حول الأخطار البيئية والصحية عبر استبانات، مؤكداً أنهم يحظون بمساعدة من عدد من أعيان مجتمع جدة. وذكر أنهم يجمعون التبرعات في مركز جدة للمعارض وتصنيفها ثم ينقلونها للمنكوبين في أماكن إيوائهم لمواساتهم وفحصهم طبياً وتوزيع التبرعات عليهم، مفيداً أن هناك متطوعين من جهات غير رسمية وأخرى رسمية «أفراد وجماعات ورجال أعمال وسيدات أعمال وأصحاب مؤسسات وشركات تبرعوا بالمال». بدوره، أعلن غسان كلكتاوي من جمعية «مواطنة» أن أعضاء نادي أحلام جدة انضموا إليهم، لمعاونة ودعم المنكوبين، مشيراً إلى أنهم يؤدون العديد من المهمات لمساعدة المتضررين، وبجهود شخصية، منها سحب السيارات وفك الطرق، ومعاونتهم فيما يحتاجون حتى بسماع قصصهم ومشاكلهم. وانضمت تلك الهبات الشعبية (كما فضل المتطوعون تسميتها) إلى لجنة أهالي جدة للتكافل لاستقبال التبرعات في مركز جدة للمعارض وتوزيعها في أكثر من نقطة في المناطق المنكوبة في «قويزة» وحي «الصواعد» وحي «المساعد» بحسب كلكتاوي الذي استطرد قائلاً: «فوجئنا بعدد المتطوعين من الشبان الذين هبوا لنجدة ومساعدة متضرري السيل، ولم أتوقع أن يكونوا بهذا الحماس حتى إن الاتصالات التي تطلب الانضمام للحملة على «الفيس بوك» وصلتنا بكثافة من مناطق المملكة كافة» على الصعيد ذاته، أصبحت الجمعية النسائية الخيرية الأولى بالمملكة تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية همزة الوصل بين المنكوبين وبين الجهات المعنية في جنوب شرق جدة وفقاً لنائبة رئيسة الجمعية الدكتورة هالة الشاعر، مشيرة إلى أنهم يبلغون الأمانة والدفاع المدني وأي جهة معنية لعمل الإغاثة السريعة من جانب، ومن جانب آخر يجرون عملية مسح ميداني للمناطق بالتعاون مع المتطوعين وبالتنسيق مع عمد الأحياء. وقالت: « نجدد خطتنا يوماً بيوم، إذ في البداية كانت المساعدة لكل أسرة على حدة، ثم انتقلنا الآن إلى مرحلة مساعدة الحي بأكمله، أما المتطوعات فيتم التعاون معهن تنفيذياً وليس ميدانياً لأن ما يقوم به المتطوعون أعمال تحتاج إلى قوة جسدية وهمّة ذكورية».