العالم كله يرفع أكف الضراعة للمولى عز وجل أن يسقي البلاد والعباد، لكن العكس تماما يحدث في جدة فكل سكان هذه المدينة البائسة، هذه المدينة الغريقة يرفعون أكف الضراعة بأن يرفع الله عنهم الأمطار، ويبتهلون إلى الله أن يمسك عنهم السماء فلم يعودوا يستطيعون صبرا. من يرى جدة اليوم يستغرب أشد الاستغراب ويتساءل: ما الذي تعمله أمانة جدة وشركاتها طوال هذه السنوات؟ فالكل عندما يسير بمركبته في الشوارع يعتقد أنه يركب دبابا بحريا وليست مركبة وذلك من أثر الحفريات التي تملأ شوارعها، بل ربما زيارة واحدة لجدة تستلزم عليك عمل تربيط لمركبتك من أثر الأمواج الأسفلتية في شوارعها، فالشوارع تئن والأرصفة تصيح، والأمانة دوام بلا عمل وعمل بلا ضمير، ويا قلب لا تحزن. ومن المؤسف جدا أن يعلن مسؤول قبل شهر ويقول بكل ثقة «ادعوا معي بأن تسقط الأمطار على جدة حتى ترون أن مشاريع الأمانة نجحت؛ ولنكسر الحاجز النفسي للمواطنين»! فاستجاب الله وسقطت الأمطار الأربعاء، غير أن الحاجز النفسي لم ينكسر، وانكسرت بدلا عنه قلوب المواطنين، فأين أنت من كلامك ولماذا لم تظهر وتعلن أنك ومن معك فشلتم فشلا ذريعا وواضحا؟! الدولة (حفظها الله) تقدم الغالي والنفيس من أجل راحة المواطن واستقراره وما زالت تقدم ولكن أبى بعض هؤلاء إلا العبث، والمأساة تتكرر فنحن في العام الماضي شاهدنا الكارثة التي أودت بالكثير من الأرواح والممتلكات وبالتأكيد قلنا جميعا بصوت واحد: إن هذا درس تعلمته الجهات المسؤولة وتنبهت للخطأ وستقوم على إصلاحه. ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان، وكأننا خلدنا للنوم من ذلك الأربعاء الأسود ولم نستقظ إلا هذا الأربعاء الأغبر، ونحن نأمل ألا تعود تلك المأساة بعد اليوم. وما أمر خادم الحرمين الشريفين إلا لحرصه التام (حفظه الله) على الالتزام وتنفيذ كل ما هو في صالح الوطن والمواطن وكل ما يؤمن له الراحة والطمأنينة. الموت واحد هذا ما نعلمه، إلا أن جدة ماتت مرتين، ربما الخطأ تراكمي منذ بداية المخططات المصابة حاليا وهذا لا نختلف عليه، ولكن ماذا قدمنا لتخطي وتجاوز تلك الأخطاء؟ طبعا الجواب لا شيء يذكر، وكل شخص يلقي المسؤولية على الآخر. سالم عايد العبسي جدة