في الوقت الذي ترتفع فيه الأكف شكرا لله في كل أنحاء المعمورة فرحا بالمطر فإن الأكف في «جدة» ترتفع أيضا ب «اللهم حوالينا ولا علينا» عند مشاهدتها لأول أثر غيمة من هنا أو هناك! أما أصحاب الأكف المرتفعة فهم على يقين أن خصومتهم ليست مع السحابة التي نثرت «وابلها» على أرضهم كما تفعل مع سائر أراضي الله الواسعة، إلا أن تراكم الفساد جعلهم يستيقظون في كل مرة تجود السماء بمائها ليعيدوا تعريف «البحر» من جديد! أكثر من سنة كاملة على فاجعة «يوم التروية» التي لم تستطع ذاكرة «الجداوي» أن تتجاوزها رغم كل التطمينات التي تأتي من هنا وهناك بأن ما حصل ما هو إلا خروج عن النص لا يجب أن يتكرر مرة أخرى، بينما دعا مسؤولون آخرون إلى رفع أكف الضراعة لأن تعاود «السحابة» كرتها حتى ينكسر الحاجز النفسي لدى المواطن حين يتأكد بمقلتيه أن سيناريو التروية لا يمكن أن يتكرر من جديد! ولما عاودت «السحابة» انهمارها الأربعاء الفائت، تأكدنا أن ما حصل السنة الماضية لم يكن خروجا عن النص، بل هو السيناريو الوحيد المرتقب، وشاهدنا أن نسخة الأربعاء الأول من صور الضحايا وأحداث الغرق ومشاهدات الشوارع عادت بأربعاء ثان بعد مسافة 400 يوم لم تكن كافية للحيلولة دون إعادة عرض الأربعاء الأول! أصعب المهام اليوم أن تحاول البحث عن الفوارق السبعة بين صور العرض «الأول» و»الثاني»، حتما ستكون متطابقة حد الحيرة إذا ما استثنينا اختلاف أسماء الغرقى وتباين وجوه المفقودين وفوارق أسماء الشوارع المدمرة! شكرا للمسؤولين، فقد تأكد «الجداوي» اليوم أن أفضل طريقة للنجاة من سيول جدة في السنة القادمة هو مغادرتها!