ما زال مرضى كارثة الأمطار المنومون على الأسرة البيضاء في مستشفيات جدة يعيشون حالة عدم استقرار نفسي وذهني، يستذكرون اللحظات العصيبة التي عاشوها وسط السيول الجارفة التي غطت العروس الأربعاء الماضي. وقالوا ل «عكاظ»: نحتاج إلى المزيد من الوقت حتى ننسى قصص «الفلاش باك» التي جعلت منامنا حالة من الكوابيس والخوف، وأصبحنا نخشى المطر ويرعبنا صوت المياه. آراء المرضى وقال محمد عبد الله المنوم في إحدى مستشفيات جدة، الحمد لله الذي منحني نعمة الحياة بعد أن صارعت الموت، فأنا أحد سكان حي بني مالك، وتعطلت سيارتي في شارع فلسطين، وعندما تجمعت المياه لم أجد نفسي إلا غارقا وسط الأمطار ومحاطا بسيارات عديدة. وأضاف «أصبحت المياه فوق رقبتي وحينها شعرت أنني سأغرق وفعلا أحاطوني مجموعة من الشباب ونقلوني إلى الرصيف وأسعفوني إلى أن تم نقلي إلى المستشفى». محمد أكد أن كارثة الأمطار ما زالت عالقة في ذهنه والكوابيس تطارده في المنام لأنه ما زال يستذكر اللحظات العصيبة التي عاشها. عملية جراحية أما الشاب إبراهيم فلاتة الذي تم تحضيره أمس لدخول غرفة العمليات، قال «عندما كنت في طريقي لمنطقة الحرمين داهمت الطريق سيول جارفة أدت إلى انقلاب سيارتي عدة مرات، ولم أجد نفسي إلا خارج السيارة، وبقيت لمدة ساعتين في المياه حتى عثر علي بعض العمال واتصلوا على الهلال الأحمر، إلى أن تم نقلي بطائرة الإخلاء إلى مستشفى الملك عبد العزيز، والآن استعد لدخول غرفة العمليات لإجراء عملية نتيجة لكسر في الفخذ». كسر العنق ولم يختلف وضع حسين أحمد في العقد السادس عن الحالة السابقة، ويقول: كنت داخل السيارة يوم الأربعاء، واشتدت الأمطار لدرجة أنها غمرتني وأنا في مركبتي، وحاولت الخروج ولم أتمكن، وبعد عدة محاولات خرجت من السيارة ولكن انزلقت بجسدي نتيجة الأمطار، وتم نقلي إلى مستشفى الملك عبد العزيز وتشخيص حالتي بكسر في عنق الفخذ وتم إجراء العملية اللازمة لي. آراء الأطباء من جانبه، أوضح استشاري جراحة المخ والأعصاب في مستشفى الثغر الدكتور جورج مارشيه، أنه في مساء الأربعاء نقل الهلال الأحمر المريض وهيبان عبد الحق 80 عاما إلى المستشفى وهو يشكو من نزيف كبير داخل وحول المخ إثر انزلاقه بسبب مياه الأمطار، وكانت حالته سيئة جدا، وهو الآن في العناية المركزة وحالته تتحسن بشكل بطيء. أما استشاري جراحة العظام والعمود الفقري في مستشفى الملك عبد العزيز الدكتور محمد بكرين، أوضح أنه وردت حالات عديدة في قسم الطوارئ يوم الأربعاء المشهود، وكانت أغلب الحالات المشخصة تعاني من كسور بسيطة تحتاج إلى شد وجبس، ولا تحتاج إلى تدخل جراحي، عدا حالتين إحداهما لشاب سعودي والأخرى لمسن صومالي، وكانت الأولوية في العملية للرجل المسن وقد تمت بنجاح، ونستعد لإجراء عملية للشاب ويتم تحضيره لدخول العمليات. 45 فرقة طبية وفي السياق نفسه، أوضح مدير صحة جدة الدكتور سامي باداوود، أن صحة جدة شخصت إلى يوم أمس 4052 حالة، منها: 724 حالة استدعت التدخل العلاجي و58 حالة تم تحويلها للمستشفيات، موضحا أن عدد الفرق الطبية التي تجول على مراكز الإيواء وكذلك المناطق المتضررة من جراء السيول 45 فرقة طبية منها 15 فرقة نفسية، وتتضمن كل فرقة طبيبا وطبيبة وممرضة وفنيين. وأضاف أنه تم تخصيص ثلاث عيادات نفسية يرأسها أطباء استشاريون للتعامل مع الحالات التي تحتاج إلى تدخل طبي نفسي في المراكز الصحية القريبة من مراكز الإيواء، وهي (السليمانية، الحمراء، والصفا). وأشار الدكتور باداوود إلى أن هذه الفرق الطبية قامت بأخذ عدد من العينات من المياه من مخطط أم الخير ومخطط النخيل؛ وذلك للتأكد من صلاحيتها للاستخدام، إضافة إلى أخذ عينات من المياه من الخزانات السفلية للمنازل، وكذلك الخزانات الأرضية في العمائر المأهولة بالسكان لفحصها والتأكد من صلاحيتها، وقد شملت هذه العينات المأخوذه للمياه «حي النسيم وكذلك في البلد والعمارية والكندرة والصحيفة والبغدادية»، إضافة إلى أخذ عينات من المياه لعدد 2 شقق فندقية وبعض المدارس، بجانب العديد من المساكن والمحال التجارية ومصانع مياه الشرب؛ للتأكد من صلاحية هذه المياه ومدى ملائمتها للاستخدام. قوافل طبية من جانبه، أوضح الأمين العام لجمعية زمزم للخدمات الصحية التطوعية الدكتور علي الفقيه، أن الجمعية بدأت في تسيير قوافلها الطبية بهدف تقديم الخدمات الطبية وبشكل عاجل للمتضررين من الأمطار التي شهدتها جدة، موضحا «أن الجمعية تسعى لتقديم خدمات فورية للمتضررين في مواقعهم، كما تصرف الأدوية الطبية التي يحتاجها المرضى». وبين «أن الجمعية تحرص على تنوع تخصصات الأطباء والممرضين الذين يقدمون الخدمات العلاجية للمحتاجين كالباطنة والأطفال وغيرها من التخصصات، حيث يقوم الكادر بفحص المرضى المراجعين للقوافل لتقديم العلاج الفوري وتحويل الحالات التي تتطلب العلاج داخل المستشفيات لعلاجها». علاج الحالات من جانبه، أوضح مساعد المدير العام لجمعية زمزم للخدمات الصحية التطوعية فهد بن محمد الزهراني بأن القوافل الطبية التابعة للجمعية عالجت نحو 236 حالة مرضية، وذلك في حي غليل جنوبي جدة، في حين تم تحويل حالتين إلى الجمعية بهدف تحويلها للمستشفيات، مبينا «أن نسبة الرجال تفوق النساء بحسب التقارير اليومية للقوافل». وأشار الزهراني إلى أن القوافل شهدت حتى الآن مشاركة 11 شخصا ضمن طاقمها، وهم: أربعة أطباء في الباطنة والأطفال وطب الأسر، إضافة لسائقين وأمناء صندوق ومنسقي جولات طبية. لجنة الطوارئ يشار إلى أن لجنة الطوارئ في صحة جدة تكونت من كل من: الدكتور سامي باداوود، الدكتور تركي الشريف، الدكتور عبدالله الزهراني، الدكتور أنس البلوشي، الدكتورة نهى دشاش، الدكتور علي الفقيه، خالد الجحدلي، ومؤيد أبوعنق.