ما إن بدأت سماء جدة تهطل بالمطر، يوم الأربعاء القريب إلا وتبادر إلى أذهان الناس وعقولهم وعيونهم تلك الصور الكارثية التي شاهدوها أربعاء العام الماضي، وبدأ الناس يسترجعون ويستغربون تلك التصريحات التي قطعها مسؤولو الجهات المعنية في جدة على أنفسهم بعد صياح ونياح بل وموت الكثير من الناس في سيول جدة أربعاء العام الماضي، وكأن ذلك اليوم والعام قد توقفا ولا زالت الأمور والأحداث على حالها. ما شاهده الجميع من أحداث خلال الأمطار من صور متفاوتة أولها حال طالبات وطلاب المدارس وهم يؤدون الاختبارات وعيونهم تلوح في الأفق بعد أن انقسمت عقولهم بين حل الاختبار بتركيز للحصول على الدرجة المأمولة أو سرق النظر بين الفينة والأخرى مع شبابيك قاعات الاختبار للنظر في المطر لعله قد توقف للذهاب إلى منازلهم، وبعد ذلك حدث لهم ما لم يكن في الحسبان من عدم تمكن الكثير من طلاب ومنسوبي المدارس من الذهاب إلى منازلهم بسبب السيول وشدة الأمطار. وهناك صورة أخرى وأنت ترى العوائل من أطفال ونساء وشيوخ بعد أن كانت منازلهم هي الملاذ الآمن والساتر لهم بعد الله وقد خرجوا مفجوعين في الشارع لا يدرون أين الوجهة بعد أن داهمتهم المياه وكأنها تقول اخرجوا نحن أولى منكم بهذه المنازل، ثم يخرجون منها مرغمين فيعودون لها مرة أخرى بعد أن وجدوا الضيف العزيز قد ملأ الشوارع وأغلقها وسحب سياراتهم ونقلها إلى أماكن غير معلومة. وهناك من اضطر إلى النوم داخل عمله بعد أن تعذر عليه الخروج والذهاب إلى منزله، وهنا أقول إن ذلك حدث معي على وجه الخصوص وذلك من خلال زوجتي وهي موظفة في جامعة الملك عبد العزيز في جدة فبعد أن ازداد المطر يوم الأربعاء وشعرت بالقلق ذهبت لأخذ زوجتي من عملها حوالى الساعة الحادية عشرة والنصف قبل الظهر ردت علي بأنها حاولت الخروج ولكن مسؤولي الجامعة رفضوا خروج أحد بحجة أن الدوام لم ينته بعد فامتثلت للتعليمات، وبعد ساعة تقريبا اتصلت علي وقالت الأمر خطير لأن المطر اشتد، عندها حاولت الذهاب ولكن دون جدوى فلم أستطع الذهاب من الشمال إلى الجنوب بسبب شدة المطر والسيول وتجمع المياه في الشوارع وبعد ذلك لم تعد زوجتي إلى المنزل إلا في اليوم الثاني الخميس الساعة الحادية عشرة قبل الظهر مع جميع زميلاتها بعد أن اضطررن إلى النوم بعيدا عن بيوتهن وأطفالهن ليس بسبب الأمطار فحسب بل بسبب مسؤولي الجامعة الذين لم يحسنوا اتخاذ القرار السليم في مثل هذا الظرف الحالك. وهناك صور من سقط عليه منزله أو جزء منه، وهناك من لم يعد إلى منزله فبحث عن مكانٍ يعصمه من الماء فتوجه للمباني الكبيرة من محال تجارية ومستشفيات وعمائر أو مبان كبيرة. أما من يقولون إن الأمطار غزيرة جدا وأنها أكبر مما هو متوقع فنقول لهم وبكل بساطة هناك دول في العالم الأمطار تستمر عندهم أشهر متواصلة ولم نر أو نسمع بهذه الأعذار أو مثل تلك الكوارث. راجح ناصر البيشي جدة