أعتقد أن الكتابة عن السياحة في ظل «كارثة جدة الثانية» هو نوع من الترف!! ولكن لأن الواقع بقسوته وألمه وحزنه كان أكبر كاتب وأعظم شاهد على واقع مر سطر عشرات القصص المروية على لسان ضحاياها، لهو كفيل أن تتواضع أية كتابة بجانبه، وخجل أية محاولة لتصويره، والصورة خير معبر عما حدث، كما أنها فرصة مواتية لعشرات الأعمال الروائية أو السينمائية الواقعية المرة، للكتابة والتصوير، ولنبدأ بفيلم «بناية 101»، كما صورها الزميل هادي فقيه في مقاله الجمعة الفائت! فرأيت أن أنتحي جانبا قصيا، وأكتب عن «السياحة الشتوية» كما يزعم البعض! وهي تلك التي لا تتجاوز عند الدعاية عن مناشطها خيمة تسوق متواضعة، لأشهر البضائع الرخيصة، والعجيب أن موقعها صيفا أو شتاء لا يتغير، لذلك لا أعلم السر وراء أن تكون شتوية تارة وصيفية تارة أخرى! الحديث عن السياحة للأسف أصبح كالحديث عن الكماليات عند من لا يجد قوت يومه! فالبنية الأساسية لهذه الصناعة الضخمة غير متوافرة أصلاً، ناهيك عن الحديث عن تفعيلها أو الحلم بمستقبل زاهر وقوي لها، فالإنسان وهو رأسمال الحقيقي لأي مشروع، تفتقر له السياحة لدينا، ولا أدل على ذلك من ندرة المراكز السياحية في مدن سياحية بامتياز، وعدم وجود المواطن الذي يعمل كمرشد سياحي أو موظف استقبال في فنادق خمس نجوم الفقيرة جدا لها تلك المدن السياحية! والمؤلم أنك تجد نفسك في حيرة عندما يسألك أحدهم عن أهم المرافق السياحية التي يذهبون إليها في ضواحي مدينتك لقضاء ليلة أو القيام بجولة سياحية، لتكتشف ذلك الاكتشاف المؤلم، وهو أن تلك الضواحي الخضراء ذات الشلالات الهادرة والجو العليل غير مهيأة لاستقبال السياح حتى في الخيام؛ لأن من يعرفهم ويقوم بجولات لهم هناك لا أحد وبامتياز، سيقول البعض إننا لا نحتاج إلى خدمات المرشدين أو المراكز السياحية أصلا، لتنهض الحقيقة المؤلمة، ولذلك أيضا نحن لا نعلم الكثير عن تأريخ مناطقنا، وتبقى زيارتنا وسياحتنا لتلك المناطق للفرجة والفرجة الخاوية فقط! البداية الحقيقية لصناعة السياحة إن أردنا هي العمل وبقوة على التغيير في ثقافة العاملين على السياحة نفسها! وأنها لا تقل في عائدها عن النفط في شيء، كما أنها أمل الأجيال المقبلة في فرص وظيفية وليست المنافسة على وظائف مرسومة أصلا لغيرهم ولا مجال للمنافسة عليها! كذلك التعريف بأهم مناطقنا السياحية من خلال جولات مدرسية لجميع مناطق المملكة بلا استثناء، لتعريف تلك العقول الغضة على مناطقنا الشاسعة، وأن ثرواتنا ليست فقط الذهب الأسود، فبلادنا تنعم بكل الخيرات ما تريده هو المخلصون الصادقون الأمناء حقا على تلك الثروات فقط، فهل هو مطلب صعب المنال؟! [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 269 مسافة ثم الرسالة