كنت قد نشرت في مقالي الماضي رأيا حول أرض غرب الرياض تطلب وزارة الصحة شراءها. أتى الإعلان مريبا بخصوص التفاصيل المطلوب توافرها بالأرض، حتى لتحسبها فصلت على مقاس أرض محددة سلفا. لا أريد العودة إلى الموضوع من جديد، لكني أحببت أن يشاركني القراء ما حدث معي بعد ذلك. في اليوم التالي لنشر المقال تلقيت اتصالين من موظفين مرموقين في وزارة الصحة أحدهما الدكتور خالد المرغلاني، والآخر المهندس أحمد البيز الذي يترأس أدارة المشاريع في الوزارة. كان في اتصالهما عتب وتوضيح. جاء في التوضيح، واختصر هنا نص رسالة المهندس البيز، أن غرب الرياض يحتاج إلى أرض بمساحة 300 ألف متر مربع بالفعل، وأن المواصفات لا بد منها لتطابق مستشفى يسع 500 سرير له خمسة مداخل، كما أن لجنة برئاسة أملاك الدولة هي من يقدر عدالة سعر الأرض. كان لزاما من الناحية الأدبية أن أستعرض الرد الذي وصلني كي لا أتهم بتعمد الهجوم أو الاستفزاز بلا بينة. لكن بعيدا عن الناحية الأدبية أقول أن ما أعجبني في كامل الموضوع هو طريقة الرد. حتى سنوات مضت لم نكن نسمع ردا من جهة مدنية على مقال أو تقرير، بل نسمع عتابا، وقد كان العتب صعبا وقاسيا. اليوم، سأدعي أن توضيح وزارة ما بطريقة حضارية على مقال صغير أمر يستحق وقفة تقدير ومراجعة. فما أصبح الأعلام «حكي جرائد»، بل صوتا يهتم به المسؤول ويخافه. ليس خوفا أن الشارع أقوى منه أو أضعف، بل لأن وعي الشارع اليوم ما عاد كالأمس، وما عاد لأي مسؤول في موقع المسؤولية من مهرب. هي ليست مسألة كر وفر، بل شفافية انتظرناها طويلا. في رأيي أنها مكتسب حديث الولادة، وحدها الناس قادرة على الاعتناء به حتى يكبر صالحا وسليما. لم أكن مضطرا لكتابة هذا المقال توضيحا لما جاء من وزارة الصحة، حتى ولو ادعيت أن أدبيات العمل الصحافي تفرض ذلك، لكن ما أسرني وأبهجني في الموضوع أنه بقدر عدم اضطراري لنشر رد الوزارة، بقدر حاجة أي وزارة ومسؤول اليوم أن يكون شفافا مع الإعلام والناس. العلاقة بين المسؤول والمواطن كانت محكومة دوما بنظرة سوء. المسؤول يفترض سوء النية في المواطن، والمواطن يفترض سوء استغلال المسؤول لمنصبه. سبب نظرة «السوء» تلك كان اختباء الأول وراء باب عالٍ مغلق وخوف الثاني من طرق الباب أو الاقتراب منه. اليوم نحن نقترب خطوة تجاه بعضنا. هي خطوة كبيرة وأن بدت صغيرة إذا.. لكننا بدأنا على الأقل نتخطى عقبة سوء النية الأثري . [email protected] للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 258 مسافة ثم الرسالة