تحولت معظم شوارع جدة إلى حفر وأخاديد وهبوطات في ظل صمت أمانة المحافظة أو تصريحات مستمرة لا تكاد تنتهي عن رصد مستمر للحفر والهبوطات ومعالجتها، إلا أن الأمر الذي يتفاجأ به الأهالي تنامي الهبوطات والحفر، مستغربين من عدم ظهور نتائج التصريحات التي يطلقها المسؤولون، وشكلت الحفر الوعائية المنتشرة في معظم شوارع المحافظة مصائد لسائقي المركبات، ما سببت أضرارا في مركباتهم. دعوى قضائية يعزو عدد من السكان مشكلة الحفر إلى سوء التنفيذ للسفلتة، وأشاروا إلى أن المقاول لو التزم بالمواصفات المعتمدة لما ظهرت تلك الحفر والهبوطات، إضافة إلى أعمال الصيانة المتكررة وكشط الأسفلت وعدم التزام الشركات المنفذة بإعادة الموقع إلى ما كان عليه في السابق. محمد القاضي من حي بني مالك يتطرق إلى أمر غريب على حد قوله عن مشروع سفلتة الحي قبل أقل من أربعة أشهر، قائلا: تفاجأ سكان الحي، وبالتحديد في شارع هشام بن عامر، بإعادة السفلتة في شوارع لا تعاني من مشاكل وتخلو من الحفر والهبوطات، وحفر التصريف كانت في نفس مستوى الأسفلت السابق، ولكن بعد تنفيذ السفلتة الجديدة أصبح السكان يعانون من مشاكل، وآخرها ظهر جليا مع هطول الأمطار قبل أيام، فقد أصبح مستوى الأسفلت مرتفعا أكثر من اللازم، ما تسبب في دخول مياه الأمطار إلى المنازل وامتلأت المصاعد الأرضية بالمياه، ما تسبب في خسائر للسكان، ولم يكن يحدث هذا الأمر قبل هذا المشروع، في دليل واضح أن المشروع لم يعتمد على أي مواصفات ومقاييس كان ينبغي على المقاول التقيد بها، ويسأل قائلا: ما الهدف من هذا المشروع؟ أليس هناك أحياء وشوارع رئيسة أولى بتلك المبالغ التي دفعت!! ويضيف: اجتمعت ببعض السكان وقررنا رفع شكوى ضد الأمانة إلى المظالم، وأعددنا الأوراق المطلوبة مدعمة بالصور، كما سنتقدم بشكوى إلى المجلس البلدي نطالبه بالتحرك لمعرفة أسباب اعتماد مثل هذا المشروع الذي كان الحي في غنى عنه. ويعلق على ذلك عوض صالح من نفس سكان الحي قائلا: جرت العادة أن يتذمر السكان من عدم اهتمام الأمانة بشوارع الأحياء التي يسكنون فيها ويطالبون بسفلتتها، إلا أن الأمر مختلف تماما في حينا، فإعادة سفلتة الشوارع المحيطة بنا سببت المشاكل لأنه أساسا لا تحتاج إلى إعادة سفلتة، فقد أصبح الأسفلت مرتفعا عن مستوى حفر التصريف، مسببا مصيدة للسيارات، بل أصبح مستوى الأسفلت متساويا لارتفاع الأرصفة الجانبية للعمائر، ما يؤدي إلى دخول المياه للمنازل بسهولة. بلاغات متكررة وعبر عدد من سكان حي قويزة شرقي جدة عن عدم رضاهم عن الأعمال البلدية الخاصة بسفلتة الشوارع، وقالوا إن مدخل الحي تحول إلى حفر وأخاديد وسط صمت الأمانة بالرغم من إبلاغ المسؤولين مباشرة أو عن طريق الاتصال بالطوارئ، مطالبين بسفلتة الطرقات التي تشكل عائقا للحركة. غياب المتابعة وأوضح كل من أحمد سعيد ومحمد الزهراني ما يعانيه سكان قويزة من مشاكل يومية بسبب غياب الإشراف على المقاولين المنفذين لعدد من المشاريع الخدمية، وقالا: نطلب من المسؤولين في الأمانة إعادة السفلتة وإصلاح الشوارع، فالضرر الذي يخلفه بعض المقاولين على الطبقة الأسفلتية بعد الحفر وإعادة السفلتة أصبح عشوائيا، فهم يستخدمون الطرق البدائية في السفلتة عن طريق الردم السريع للأسفلت دون استخدام المعدات الخاصة بعملية تسوية ما تم حفره ليتلاءم مع الطبقة القديمة، ونتيجة للعشوائية واللامبالاة تصبح السفلتة عديمة الفائدة والجدوى، وينتج عنها اختلال في الارتفاع أو الانخفاض عن المستويات الطبقية لهذه الشوارع. ويشير سلطان الغامدي إلى أن شركة منفذة لأحد المشاريع في الحي أتلفت الطبقة الأسفلتية أمام منزله، وتسببت في وجود حفرة بمثابة مصيدة لأصحاب السيارات، خاصة عند امتلائها بمياه الأمطار، متسائلا: لماذا لم تجبر شركات التنفيذ بإعادة سفلتة الشوارع بعد الانتهاء من التمديدات الأرضية وفق المواصفات، ولكن غياب المتابعة والرقابة هو ما أوصل الحال لما عليه الآن. تصريحات غير واقعية ويستغرب جابر عزيز المغربي (من سكان شمال محافظة جدة) من دور الأمانة والبلديات الفرعية في متابعة الشركات المنفذة للمشاريع الخدمية كالاتصالات والكهرباء والمياه، أم أن دورها يقتصر على منح التصاريح للحفر دون متابعة، ولماذا لا تلزم هذه الشركات بإعادة سفلتة الحفريات حسب المواصفات، وإذا كانت تلزمهم بذلك فلماذا نشاهد كل هذا العبث بالشوارع، وهل نصدق تصريحات مسؤولي الأمانة، أم نصدق أعيننا التي تشاهد الحفر والهبوطات. ويضيف المواطن هشام الصالح قائلا: هذه الشركات لم تجد المتابعة اللازمة من الأمانة، ولم تفرض عليها العقوبات، وإلا لما كانت تمادت في تخريبها الذي تعتبره إصلاحا، ولكن لا يجب أن نوجه اللوم لها، بل الأمانة هي من يجب أن يلام، والتي سمحت بذلك، ولا أعلم كيف يحدث هذا الشيء رغم أن التعليمات والقوانين واضحة ولا تحتاج إلى اجتهاد، كل ما تحتاجه التطبيق لا أكثر. خسائر فادحة أصحاب الورش في جدة لا ينكرون أن وجود الحفر والهبوطات في شوارع المحافظة أنعش سوقهم، فلا يأتي يوم إلا وهناك من يدخل سيارته إلى إحدى الورش، والسبب الحفر المنتشرة في الشوارع. المهندس عبود ميكانيكي في ورشة شمال جدة يعلق قائلا: هناك عدد من المركبات تضررت من الحفر، ولعل الورش التي تهتم بما يسمى ب «التربيط» هي من أكثر الورش المستفيدة من وجود تلك الحفر، فمن المعروف أن سقوط إطارات المركبة المتكرر في تلك الحفر يؤدي إلى تلف الأذرع أو إتلاف الجلد الموجودة في أجزاء أسفل المركبة. ويضيف المهندس الميكانيكي عبدالرحمن فايع قائلا وهو مبتسم «مصائب قوم عند قوم فوائد»، ويشير إلى أن وجود تلك الحفر يسبب تلفا كبيرا لأجزاء مختلفة من السيارة، قد يصل إلى ماكينة المركبة أو تحطيم ما يسمى ب «كراسي الماكينة»، ومثل هذه الأعطال تكلف صاحب المركبة مبالغا كبيرة لا يقوى البعض على تحملها. اعتراف شركة مقاولات اعترف ل«عكاظ» مهندس في شركة مقاولات تعمل في محافظة جدة أن هناك تجاوزات لبعض شركات المقاولات ولا تلتزم بالعقود المبرمة بينها وبين الأمانة، ولا تتم عمليات سفلتة موقع العمل بعد الانتهاء من الحفريات حسب المواصفات المتفق عليها بين الطرفين. وعن الحفر المنتشرة قال: هناك طريقتان لمعالجتها، الأولى بطريقة القص، ويجب أن تكون الصيانة بطريقة القص في المناطق ذات الحالة الجيدة والممتازة فقط، ويتم تنفيذ هذا النوع من السفلتة في خطوات عديدة منها تحديد موقع الحفرة أو الهبوط وقصه باستخدام المنشار و«الكمبروسر»، بحيث يأخذ الشكل العام بعد القص شكلا هندسيا، والنوع الثاني من المعالجة هو معالجة الحفر بدون قص، وتتم أيضا في خطوات متعددة من أهمها أن يدك القاع جيدا إذا كان ترابيا باستخدام رصاصة صغيرة أو باستخدام أي معدة أخرى لنفس الغرض بحيث يكون مستويا، ويرش القاع بمادة MC1 في حالة ظهور الطبقة الترابية أو مادة RC2 في حالة أنه لا يزال أسفلتيا، ثم يضاف المخلوط الأسفلتي الساخن ويفرد ويرص جيدا حتى الوصول إلى الكثافة المطلوبة، وهناك شركات لا تلتزم بكثير من هذه المواصفات. وأضاف قائلا: نلاحظ أن الأمانة ترصد ميزانيات لإصلاح الحفر والهبوطات وتوكلها لبعض المقاولين ممن لا يتقيدون بإصلاحها بطريقة صحيحة، واقترح بأن تعمل الأمانة على رصد مواقع الحفر والهبوطات التي ظهرت بسبب سوء التنفيذ ومن ثم إعادة سفلتة موقع العمل على حساب الشركة، بل وفرض العقوبات القانونية على المخالفة. دور المجلس البلدي رئيس المجلس البلدي في جدة حسين بن علوي باعقيل، أكد أن المجلس ناقش قبل شهرين في جلسته ال 72 عددا من الموضوعات المهمة مع أمانة جدة، بحضور بعض الجهات المسؤولة في المحافظة، وتم خلال الجلسة استعراض تقرير اللجنة التنفيذية والإدارة المالية في الأمانة، وأوصى المجلس بضرورة الحصول على تقارير أسبوعية حول الجهود التي تقوم بها الأمانة، واستعرض المجلس البلدي ميزانية وبرامج مشاريع الطرق والمواصلات، حيث جرت التوصية أيضا بضرورة اطلاع المجلس على الجدول الكامل بأعمال سفلتة وصيانة شوارع جدة والتعرف على الجدول الزمني الذي وضعته الأمانة بهذا الشأن، وأوصى المجلس أمانة جدة بالإسراع في تنفيذ مشاريع تخفيض منسوب المياه الجوفية لعدد من أحياء المحافظة التي تعاني من ارتفاع منسوب المياه. المركز الإعلامي يرفض التجاوب «عكاظ» أرسلت إلكترونيا خطابا إلى المركز الإعلامي في أمانة جدة في 26/1/1432ه عن دور الأمانة في فرض العقوبات على المقاولين المخالفين للمواصفات والمقاييس، إلا أنه لم يبد أي اهتمام بالاستفسار المرسل، ثم أرسلت خطابين آخريين حول نفس الموضوع إلى المشرف العام على المركز الإعلامي في 27/1/1432ه، وإلى سكرتير المركز الإعلامي في 28/1/1432ه، ولم تتلق الصحيفة الرد حتى تاريخ النشر. مشاريع جديدة أوضحت مصادر مطلعة طرح أمانة جدة غدا عدد من المشاريع الخدمية للأحياء العشوائية في شرق وجنوب محافظة جدة لسفلتة وإضاءة الشوارع الرئيسة، وتطلق أيضا المرحلة الثانية من خمس مستويات لسفلتة طرق المناطق العشوائية. وتأتي المرحلة الثانية حسب الأولويات التي حددتها اللجنة المعنية بالمناطق العشوائية في الأمانة، وذلك حسب حاجة الأحياء لمشاريع السفلتة. وبالعودة إلى أمانة جدة واهتمامها بتلك الأحياء، بين المصدر ل«عكاظ» أن التوجه الذي تسير عليه الأمانة هو العمل على تأمين بنية تحتية مدنية ذات جودة عالية، بالإضافة إلى تحسين الوجه العام للمدينة لاسيما في المناطق العشوائية، بالإضافة إلى تقليص عدد الشوارع غير المسفلتة وتأمين شبكة نقل آمنة وفعالة في كافة طرقات وشوارع المدينة، لاسيما في الأحياء العشوائية، وتسهيل الحركة المرورية والنقل داخل المدينة والمحافظة على السلامة العامة من خلال اعتماد تلك المشاريع الخدمية وتنفيذها بالوجه المطلوب، بغض النظر كونها تنفذ في أحياء عشوائية وعفوية أو تنفذ في أحياء معتمدة رسميا من قبل الأمانة وفق مخططات تنظيمية معتمدة.