تطرح «عكاظ» يوميا، استفتاء يقيس نبض الشارع تجاه القضايا اليومية التي تشغل بال المواطن، ومن ضمن هذه القضايا التي ما تزال تطارد هاجس المواطن، قضية خروج منتخبنا بنتائج مذلة في نهائيات كأس آسيا، والتي كشفت بوضوح تام، أن لدينا أزمة متجذرة في الرياضة السعودية، لا يمكن حصرها في نتائج المنتخب الأخيرة، والتي يحاول البعض أن يضع الأزمة داخل إطارها الضيق، بينما جميع المعطيات تذهب بالمتابع إلى أبعد من النتائج، بل إنها أخذته إلى أماكن قصية داخل المؤسسة الرياضية، تعاني من ضعف متأصل في مراكز صنع القرار. استفتاء «عكاظ»، جاء تحت عنوان (ما أكثر ما تنتظره الرياضة السعودية من الأمير نواف بن فيصل)، وحمل الاستفتاء فرضيات منطقية تتناول منابع القصور، وكم فاجأتني نتائج الاستفتاء، والتي أكدت أن الشارع الرياضي أكثر دراية من بعض الفاعلين داخل المؤسسة الرياضية، والذين حاول الكثيرون منهم تهوين الخيبة، وربطها بتواضع قدرات المدرب بيسيرو وضعف برنامج الاستعداد. نتائج الاستفتاء، وضعت المطالبة بحل (اللجان المضللة) كأول المطالب بنسبة بلغت 23.35 %، بينما جاء مطلب اختيار مدربين أكفاء، في المرتبة الأخيرة بنسبة متدنية بلغت 3.67 %، وهذه النتيجة تدل على فقدان الشارع الرياضي ثقته بلجان اتحاد كرة القدم، بل كأنها تبعث برسالة للأمير نواف لتقول له: فتش عن الإدارة، لأن الإدارة خلاقة ستأتي بأعمال خلاقة، بدأ بتسمية المدرب، وإقرار برامج الإعداد، وإعادة الكرة السعودية لمسارها الصحيح، بعد أن ذهبت إلى طريق المجهول. في الجانب الآخر، ما زال (أغلب) المنظرين في القنوات والصحف، من المهتمين بالشأن الرياضي، يجترون حلولا شكلية، سبق وأن جربناها فلم تأت لنا إلا بنتائج وقتية، قد لا تتجاوز الفوز بمباراة، ثم نعود لذات الضياع بعد انتهاء الأثر النفسي للتغير الشكلي، والمؤلم أن هناك أصواتا إعلامية، تحاول منذ ليلة الخيبة الكبرى أمام اليابان، أن تحتكر التفكير نيابة عن الجميع، بحجة التخصص، وتستنكر تناول كتاب الرأي العام، لشأن كرة القدم السعودية وما حل بها من خيبة، وكأن كرة القدم تفوق من حيث الحداثة والتعقيد تقنية النانو. حل لجان كرة القدم، وإعادة إعمارها بالقدرات الشابة المؤهلة، وتحرير المناصب القيادية من ديمومة الأسماء التي قدمت كل ما لديها، وتحديث وتطوير الأنظمة والقوانين، والعدالة في تطبيقها، هي التي ستقود الرياضة لفجر جديد، أما الإبقاء على ما هو قائم فلن يأتي بالمأمول، بل سيشغل الأمير نواف بن فيصل بمهمة إطفاء الحرائق عبر حلول توافقية، تحاول تصحيح أخطاء الضعف الإداري، والتي لن تأتي إلا باستنساخ نتائج المرحلة السابقة التي أنزلتنا من عرش القارة، وأطاحت بنا خارج الحراك الآسيوي، بعد أن حجبتنا عن الظهور العالمي في كأس العالم الأخيرة.