يخطىء من يعتقد أن ظهورنا المخجل في الدوحة، كان نتيجة خلل طارئ ظهرت لنا نتائجه فجأة، فمدرب المنتخب وتسمية قائمة اللاعبين وبرنامج الإعداد، هي مخرجات عمل متراجع منذ سنوات، فخروجنا من مسار السباق نحو عرش القارة، لم يكن إلا نسخة مكررة لتعثرات إقليمية وقارية متتابعة. هذا التراجع لا يمكن ربطه بشخصية واحدة، بل هو نتاج عمل منظومة متكاملة من نظم إدارية وقدرات بشرية وبرامج، مع بعض المؤثرات الخارجية التي تغلغلت إلى منظومة العمل، فزادت الأمر سوءا على سوء. لا نريد أن نستمر في جلد الماضي، والتفتيش في تفاصيله، فهذا التفتيش سيدخلنا في متاعب جمة، سوف تشغلنا عن التبصر في الرؤى المؤدية لغد أفضل، خصوصا أن الحلول الشكلية المعتادة، أثبتت أنها لم تعد تجدي، فخارطة الكرة الآسيوية تغيرت كثيرا، بينما نحن ما زلنا نجتر التاريخ كلما أوجعتنا النتائج. مؤسستنا الرياضية تعاني من مشكلات متعددة، إن لم تعالج فسنستمر في مساراتنا الخاطئة، ولا أعتقد أن سمو الرئيس العام الشاب الذي حظي بثقة ملك الإنسانية، غير مطلع على هذه المعيقات، التي تمثل البيروقراطية وترهل الإدارات وثغرات الأنظمة أهم مصادرها. أميرنا الشاب، رجل قانون وفارس وشاعر، ومن هذه المنابع المتناغمة، ستوفر له رؤى وآفاق رحبة، تعينه على إحداث نقلة تاريخية في الرياضة السعودية، فضمير القانون سيكون كاشفا وموجها للقرار، وإقدام الفارس سيقتحم معاقل التردد، أما حكمة الشاعر وفلسفته، فهي التي ستعيد ترتيب المنظومة، كما يرتب الشاعر قصيدته، تحت صخب الانهيارات الشعرية المربكة، فسموه يعرف جيدا، متاعب البنائية وما تحتاج له من جرأة، في الشطب والتعديل وترتيب الخيارات، وفك العلاقة الشائكة بين دهشة الذات ومستلزمات النص، وبين الجماليات المغرية والضرورات الحتمية لإعمار البنيوية الرصينة، فالجماليات الشكلية ذات البهرجة والمفردات الباهتة والصور المنطفئة، غالبا من تفرغ النص من قيمته، وتقضي على الجماليات الفنية للعمل الشعري، كما أن الخوف من الناقد، قد يجعل بنائية النص مرتعشة، وهو ما يجب أن يستبعده أميرنا الشاعر، كلما أراد أن يبني قرارا، كما يفعل عندما يجلس لمعالجة قصيدة صاخبة. يبدو أنني أوغلت في التهويمات الشعرية، وأدخلت القارئ الرياضي في متاهات معقدة، بعد أن سيطرت عوالم الشعر على مفردتي لكون من تولى أمر رياضتنا، شاعر يعرف كل خفايا صراعات بناء النص، التي تشبه تماما بناء منظومة إدارية، تحتاج لبث الحياة فيها لتنتج عملا خلاقا ، يستحق الاحتفاء والمباهاة. رياضتنا تشبه القصيدة المتمردة المبعثرة، تحتاج للسيطرة على الأفكار والأخيلة، ومعالجة التشابكات الشعرية المربكة، لذا فإنها تنتظر من أميرنا الشاعر، أن يعالجها كقصيدة معمورة بالمفردات النابضة والصور المبتكرة والتجديد المثير للدهشة والفرح.