أكثر ما يمكن قوله الآن هو أن دولة لبنان اليوم على كف عفريت، لا أحد يدري ما يصنع بها، ولا ما تصنع لنفسها، ورغم وضوح الآيديولوجيات وتباين الطوائف داخلها، إلا أن التدخلات والولاءات الخارجية أبلغ تأثيرا فيها. يترقب الجميع صدور القرار الظني وقد تم تسليمه بشكلٍ رسميٍ، واستبقه البعض بتصريحات ومواقف، كما فعل حسن نصر الله في خطابه الأخير، كما استبقه البعض الآخر في ذات السياق بتسريبات إعلامية ذات طابع استخباري، كما فعل تلفزيون الجديد بهدف الشوشرة والإساءة للفريق الآخر. سعت السعودية جهدها للتهدئة والحل في لبنان، وقدمت مبادرات سعودية سياسية مهمة رغبة في دعم المصالحة العربية العربية، كما جرى في قمة الكويت الاقتصادية وفي غيرها من المواقف، وسعيا لتجنيب لبنان الأسوأ فقد نسقت مع سوريا حتى كان تفاهم (سين سين) الذائع الصيت هو الأفضل، ولكن السعودية لا تستطيع الاستمرار في مسعى تقدم فيه المبادرات ولا يقابلها الطرف الآخر بالمثل، بل ربما قابلها بالعكس، معتقدا أنه الأذكى والأكثر وعيا. واليوم حين انسحبت السعودية، وحانت ساعة الحقيقة وأزفت ساعة الصفر، وقدم المدعي العام قراره الظني للمحكمة العالمية في لاهاي، تداعى فرقاء مختلفون في المنطقة إلى دمشق وخرجوا ببيان يطالب بإحياء محور (سين سين) أي السعودية وسوريا من جديد. سبق هذا الموقف السياسي الجماعي تصريحات نارية لحسن نصر الله، حسب فيها أنه قد أعلن المخفي وكشف المستور، ولكن مصبها النهائي هو في تأييد موقفه، ودعم تصلبه، ضد محكمة دولية يدعمها العالم بأسره، حتى تكون عادلة ومستوفية للحقائق على الأرض، وللشهود على مستوى البشر، وللأدلة كقائد وهادٍ. تعب الطرف المناوئ للمحكمة حتى يقنع الناس بأنها محكمة مسيسة، فلم يقتنع به إلا أتباعه، وتعب لإقناع العالم بأن لديه انتقادات قانونية تجاهها، فلم يظفر إلا بإشعال قضية شهود الزور، وقضية شهود الزور حتى لو كانت صحيحة فهي لا تعدو أن تكون دليلا في قضية، أو ورقة في محاكمة طويلة الذيل عريضة الأثر. حين يصدر القرار الظني رسميا، فإن المناورات الصغيرة هنا وهناك ستختفي، ولن يبقى على الطاولة إلا نقاش الحقائق والوقائع، وتمحيص الأدلة والبراهين، وستصبح أوراق حزب الله التي يهدد بها ويهدد بها من وراءه أوراقا في مهب الرياح العالمية، وسينتظر الجميع الحكم النهائي الذي سيصدر من لاهاي، ولن يجري في لبنان اضرابات أشد مما جرى في بلاد البلقان من قبل، ولن تكون قضيته أكثر تعقيدا من التعقيدات في تلك البلدان التي حلت قضاياها وانتهت معاناتها. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 250 مسافة ثم الرسالة