خمسة عشر عاما وكرتنا السعودية ماضية في التراجع، في كل محطة انكسار، تقدم لنا وعود بالمعالجة، وبعد هدوء المشاعر ننسى كل شيء، بل ننسى حتى الوعود، ونعود لنبني آمالا جديدة، تنهار بصورة مريعة في أول منافسة.. آخر الوعود كانت بعد فشلنا في التأهل لكأس العالم الأخيرة، وهي وعود رسمت على إجراءات شكلية لم تأت بالعلاج المنتظر، فجاء خروجنا من نهائيات كأس آسيا في الدوحة مؤلما وجارحا لمشاعرنا الوطنية، وكالعادة قدمت لنا وعود جديدة، لا تختلف عن سابقاتها إلا في صياغة الكلمات.. شيء جديد جاءت به تبعات خروجنا المذل، وهو أن كتاب الرأي في صحفنا المحلية، أخذوا من الإعلام الرياضي زمام المطالبة بالإصلاح، بعد أن كان الإعلام الرياضي هو من يتولى ذلك عبر إطروحات مائية، لا تترك أثرا، لأن (أغلب) إعلامنا الرياضي يتسم بالسطحية والنفعية، وهو أنه كان يفاخر بلا وعي، بشراكته المعلنة في مسيرة الاتحاد السعودي لكرة القدم، وهي شراكة لا تستقيم مع الدور المفترض للإعلام، لأنها تفرغه من دوره الرقابي وتورطه بالتبعات، ولا أعرف كيف رضي الإعلام الرياضي بهذا التشابك المحرج.. خلال الأيام التي أعقبت خروجنا المذل من كأس آسيا، تابعت تعاطي الإعلام الرياضي للأزمة، وبكل أسف أن التعاطي جاء هشا وباهتا، بل إن أغلبه اتسم بالسطحية، وهو شيء متوقع لاعتبارات كثيرة، وتداخلات كبيرة أربكت ضمير الإعلام الرياضي، مما جعله عاجزا عن التفاعل مع الأزمة.. في الجانب الآخر جاء تعاطي كتاب الرأي مركزا وواعيا، وقال في خمسة أيام ما لم يقله الإعلام الرياضي في خمسة عشر عاما من الثرثرة اليومية، التي لا تقول شيئا مفيدا يمكن الاعتماد عليه في بناء رؤى منطقية.. إعلامنا الرياضي (في أغلبه) لا أحد يعرف ما ضميره، هل ضميره ساذج أم تبعي، أم هو بلا ضمير، أم أن ضميره يعاني من آفة التعصب للأندية، مما جعله غير قادر على الرؤية الواضحة، للمسار الخاطئ الذي كانت تسير فيه كرتنا السعودية، منذ سنوات طويلة.. في صبيحة خروجنا المؤلم من كأس آسيا، كتبت إحدى الصحف المتخصصة، وعلى صدر صفحتها الأولى عنوانا بالخط العريض، قالت فيه (بدأت تصفية الحسابات)..!! ادفعوا هذا العنوان إلى الأمام قليلا، وستجدون أنه سيفرغ كل الإطروحات التي ستنقاش الواقع البائس من مضامينها، عندما يصنفها مسبقا بأنها تصفية حسابات..!! لنفترض أن المنادين بالإصلاح المحتشم من كتاب الشأن الرياضي لهم حساباتهم، فماهي حسابات كتاب الرأي الذين طالبوا بإلإصلاح الشامل، وما هي حسابات القناة السعودية الرياضية، التي تعاطت مع الأزمة بطريقة مهنية محترمة، بعد أن طالها الإصلاح المهني، الذي تبناه ورعاه صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن سلطان.