أطلق رئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير صباح أمس عمليات الاقتراع في الاستفتاء حول مستقبل الجنوب السوداني، مشيدا ب«اللحظة التاريخية» التي يمثلها هذا الاستفتاء الذي شهد إقبالا «كثيفا جدا» منذ ساعاته الأولى. وحضر الزعيم الجنوبي إلى مركز اقتراع يقع إلى جانب ضريح الزعيم التاريخي لجنوبيي السودان جون قرنق حيث أدلى بصوته، وإلى جانبه السيناتور الأمريكي جون كيري. قال كير وهو يرفع إصبعه وعلامة الحبر عليه بعد أن شارك في الاقتراع «إنها اللحظة التاريخية التي طالما انتظرها شعب جنوب السودان». وأضاف «أقول للدكتور جون (قرنق) ولكل الذين قتلوا معه إن جهودهم لم تذهب سدى». وكان قرنق وقع اتفاق السلام في 2005 الذي فتح الباب أمام إجراء هذا الاستفتاء قبل أن يقتل في حادثة تحطم مروحية كانت تقله من أوغندا إلى جنوب السودان. وأعلن المتحدث باسم مفوضية الاستفتاء جورج ماكير أن كل مراكز الاقتراع في جنوب السودان فتحت أبوابها وأن الإقبال على الاقتراع «كثيف جدا». وقال ماكير «فتحت كل مراكز الاقتراع في جنوب السودان وشماله ولم نبلغ بأي شكوى». من جهته قال نائب رئيس مفوضية الاستفتاء شان ريك «لا استطيع أن أعبر عما نشهده. إنها مشاركة لم نر بكثافتها أبدا في السابق حتى خلال الانتخابات الأخيرة» التي جرت في أبريل (نيسان) الماضي. وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة الثامنة من صباح أمس، وشوهد جنوبيون وهم يقفون في صفوف طويلة في جوبا عاصمة الجنوب منذ ساعات الصباح الأولى بانتظار دورهم للاقتراع. وشهدت مكاتب الاقتراع أيضا إقبالا كثيفا في مدينة بنتيو الجنوبية النفطية في ولاية الوحدة حسب صحافيين في المكان. وفي مدينة رومبيك عاصمة ولاية البحيرات «كانت الصفوف طويلة وتضم مئات، بل آلاف الأشخاص بانتظار الاقتراع»، حسبما نقل الصحافي السوداني بني جدعون المقيم في هذه المدينة لفرانس برس. من الناحية الأمنية أعلن المتحدث باسم الجيش الشعبي لتحرير السودان فيليب اغوير «لم تحصل أي اشتباكات في ولاية الوحدة والوضع هادئ في كامل جنوب السودان». وقال هذا المتحدث إنه لا يملك معلومات في الوقت الحاضر عن الوضع في منطقة أبيي النفطية الواقعة بين الشمال والجنوب والتي كان يفترض أن تشهد استفتاء الأحد أيضا لتقرر ما إذا كانت ستنضم إلى الشمال أو إلى الجنوب. لكن هذا الاستفتاء أرجئ إلى موعد لاحق لخلافات كبيرة حول من يحق له المشاركة فيه. وإذا كان الجنوبيون قد اصطفوا في طوابير طويلة منذ ساعات الصباح الأولى في جنوب السودان بانتظار دورهم للمشاركة في الاقتراع فإن الإقبال على الاقتراع في الشمال كان ضعيفا. وكان نحو 115 ألف جنوبي سجلوا أسماءهم في شمال السودان للمشاركة في الاستفتاء. وبلغ عدد المسجلين للمشاركة في الاستفتاء ثلاثة ملايين و930 ألفا في السودان والشتات بينهم ثلاثة ملايين و754 ألفا في الجنوب السوداني. ولا بد من مشاركة 60% على الأقل من المسجلين في الاستفتاء لتعتمد نتيجته. وفي رسالة طمأنة إلى الجنوبيين أكد رئيس حكومة الجنوب السوداني سلفا كير السبت تمسكه بالتعايش السلمي بين الشمال والجنوب في السودان. وأعلن كير من مقر الرئاسة عصر السبت أن «لا بديل عن التعايش السلمي» بين الشمال والجنوب. وأضاف كير «لا عودة إلى الحرب والاستفتاء ليس نهاية المطاف بل هو بداية مرحلة جديدة». وحسب اتفاقية السلام الموقعة في 2005 فإن الفترة الممتدة بين الاستفتاء ويوليو (تموز) 2011 ستكون مرحلة انتقالية تمهد للانتقال إلى الانفصال في حال جاءت نتيجة الاستفتاء في هذا الاتجاه.