تتعدد أساليب وتقنيات الفنون بصفة عامة، وفن الجرافيك بصفة خاصة، لأن وسائل التعبير في هذا الفن ذات آفاق واسعة غير محدودة، ولهذا يمكن أن يجد كل فنان رؤية خاصة به في العمل الفني، وأن يطوع الخامة التي بين يديه، وما يصاحبها من تقنيات فنية، لإخراج عمل يبرز شخصيته، ويبعث على الإعجاب. إن إمكانيات المبدع في أن يصوغ العمل، ويخرجه للمتلقي، بالشكل المعبر عن الفكرة، والمحتوي على العناصر والمعاني والعبارات البصرية بجدارة وتميز من بين الآخرين، ممن تشابهت معهم الفكرة أو التقنية، تلك الإمكانيات هي التي تحقق له الخصوصية والتفرد، بحيث يصل إلى ضالته الفنية، من خلال حسن استخدام الأدوات والتقنيات الجرافيكية بأسلوبه الخاص. والتأثير الحقيقي لفنان الجرافيك وتميزه، يكشف عنه مدى قدرته على تسخير أدواته، لتعبر، عبر السطح البارز، أو السطح الغائر، أو السطح المستوي، وسواء أكان سطحا صلبا، أو مرنا، لتصافحها عيون جمهور المتلقين بترحاب وشغف. وتقنيات الجرافيك، رغم كون الفنان الذي يمارسها يمر أحيانا ببعض المراحل الصعبة، بحيث يقف حائرا في بعض الأعمال، بين احتمالات الحذف أو الإلغاء أو الإضافة أو الإعادة أو التعديل، وذلك كله عبارة عن عمليات ذهنية تتصارع في الذاكرة، وتتفاعل مع الأدوات، قبل أن تستقر على صورة ما. إلا أن التميز الحقيقي لفنان الجرافيك يتمثل في قدرته على التعرف على النتيجة النهائية لعمله، بإحساس مسبق لما سيؤول إليه من شكل، هو في الأصل من وضع لبنات أفكاره، ومقاييسه ونمطه وشكله النهائي تداعب مخيلته بشكل مستمر أثناء العمل في كل مراحله، وقبل أن يخرج للنور. وهناك من فناني الجرافيك من يجمعون بين إجادة التعامل مع اللوحة الزيتية والفرشاة، وبين استخدام الجرافيك، ذي التقنيات المختلفة والصعبة، وهذه المزاوجة بين إجادة النوعين، يخدم أحدهما الآخر، في إبداع تجارب ترسخ في ذاكرة التشكيل. [email protected]