احتضن مركز الملك فهد الثقافي في الرياض مؤخرا، معرض الفن السعودي المعاصر، في دورته ال21، وهو يعد من أهم المعارض التشكيلية المتخصصة في المملكة، والذي شارك فيه 183 فنانا وفنانة، بما يقارب 662 عملا تشكيليا، تم قبول 177 عملا منهم ل79 فنانا وفنانة منهم، واحتشدت الأعمال الفنية المشاركة بلمسات فنية رائعة، وتنوع كبير في اللوحات، بحيث كان لكل فنان خصوصية. ولا شك، أن هذا المعرض وغيره من المعارض المحلية الأخرى بما يمثله من تجارب فنية مختلفة، تساهم في إثراء حركة الفنون التشكيلية السعودية، هو بمثابة تشجيع للفنانين والفنانات في المملكة على الإبداع وتبادل التجارب، كل حسب تقنياته وأسلوبه الذي يميزه، واستقطاب التشكيليين والتشكيليات من جميع مناطق المملكة، وتوفير جو تنافسي بينهم، واكتشاف مواهب فنية جديدة، والارتقاء بالذائقة الفنية، ونشر الثقافة البصرية في شتى الفروع التشكيلية، الرسم والتصوير التشكيلي، النحت التشكيلي، الخزف، الطباعة، الحفر، الجرافيك، الباتيك، الرسم الرقمي، والأعمال المركبة في الفراغ، لتكتسب البيئة الجمالية دلالة حضارية في بلادنا. فضلا عن ذلك، فإن هذه المعارض تمثل لجمهور المتلقي نافذة متجددة للتعرف على الأساليب الفنية الحديثة، والمدارس الفنية المختلفة، وتوفير مساحة رحبة للمشاهد والمتذوق والناقد، فلهذا الفن جمهوره ومتذوقوه، وقد لاقى رواده الكبار خلال العقود الماضية صعوبات مجتمعية لتوصيل رسالتهم الفنية، من أمثال الرضوي والسليم، حيث كان يواجه الفن في مرحلتهم الزمنية قصورا في فهم المجتمع، بيد أن المجتمع اليوم أصبح أكثر تقديرا وفهما للوحة التشكيلية أو أي قطعة فنية أخرى، إذ لا يكاد يخلو بيت أو مكتب من وجود قطعة فنية تزينه، لتكون مثل هذه الأعمال والمعارض بحق واجهة مشرفة للإبداع والرقي في الفن التشكيلي السعودي المعاصر. وتم اختيار الأعمال الفائزة بجوائز اقتناء، في معرض الفن السعودي في نسخته الأخيرة، وفق معايير فنية تضمنت القيم الفنية والجمالية للعمل الفني، والأسلوب الأدائي المتميز للفنان، والفكرة، والأصالة، والتقنية، والمعاصرة، وجاءت الجوائز كالتالي: جائزتا اقتناء قيمة كل منهما عشرة آلاف ريال، جائزتا اقتناء قيمة كل منهما ثمانية آلاف ريال، جائزتا اقتناء قيمة كل منهما سبعة آلاف ريال، وجوائز تشجيعية أخرى. ولكن الملفت والمثير للدهشة والاستغراب، هو القيمة المادية البخسة للجوائز، والتي تدور في فلك عدة آلاف من الريالات، أي أن أكبر جائزة تقل عن ثلاثة آلاف دولار، ونحن نتحدث عن معرض كبير على مستوى المملكة كلها، وليس على مستوى منطقة أو حتى مدينة، ويعقد برعاية الدولة ممثلة في وزارة الثقافة والإعلام، وفي مجال فني تمثل مفرداته المعروضة في العالم من اللوحات التشكيلية وغيرها قيمة فنية تقدر بعشرات الملايين من الدولارات للوحة الواحدة.. فهل يتناسب ذلك كله مع قيمة جوائز المعرض البخسة؟! [email protected]