يشعر عبدالله محمد أبكر أن الجلوس على المركاز هو استنشاق لحياة الماضي الجميل وتذكر لحقبة زمنية جالس فيها رجالات شامخين كالطود بحلمهم وفكرهم وتعاملهم وشفقتهم. وفي زمن التغريب الذي تعرض له اللباس يصر أبكر على ارتداء الغبانة المكية والصديرية والكوفية البلدي بشموخ واعتزاز غير آبه بنظرات وتعليقات المتطفلين. ولد أبكر عام 1387ه في حي جرول الذي يعتبر ملتقى البادية من تجار الخضراوات والمواشي، ومن بوابة مجالسة كبار السن طرق بوابة تدوين تراث مكة وخرج بكتابين هما حارات مكة وتراث مكة واحتفظ بكم كبير من الصور الأرشيفية التي أصبحت اليوم وثائق مهمة وقاعدة معلومات وثق فيها ملامح 12 حارة مكية تاريخية بشوارعها وأزقتها ومبانيها القديمة. وقبل أن تنفذ مشاريع توسعة الساحة الشمالية وتوسعة حي جرول، وثق بتصويرها فلم يترك مبنى أو شارعا أو أثرا تاريخيا إلا وقد صوره بكاميرا رقمية حافظا للأجيال إرثا كبيرا لحارات يزيد عمرها على 70 عاما. يقول أبكر: مجالستي لجلساء عمدة حي الشامية الراحل عبدالله بصنوي المولود في عام 1329ه حولتني من متذوق وعاشق لسرد ذكريات ومواقف كبار السن إلى مدون وباحث في التاريخ المكي، حيث لازمت مركاز البصنوي من عام 1407ه إلى 1412ه، وكانت كفيلة بإشباع ذائقتي بروعة وإجلال مكة، والتقطت كل تلك المشاهدات طيلة 25 عاما، وفتحت لي المجال بقراءة أكثر من 250 كتابا لمؤرخين ورحالة ومدونين تناولوا تاريخ قبلة الدنيا. حرص أبكر أن يلتقط جماليات المكان فكتب عن سوق الليل والنقا والشامية والمسفلة والقرارة والسليمانية، كما ولع بأخبار شخصياتها فدون أيامهم العتيقة بين المراكز والمقاهي واستحضر مفرداتها العتيقة وألعابها وفنونها وحكاياتها الفاتنة. شارك أبكر في برنامج خطى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقدم مشاركات في برنامج حكاوي عن صور الحج في برنامج في رحاب مكة، وبرنامج الساحل الغربي، ويستعد لكتابة مسودة كتابين جديدين عن قبلة الدنيا «كتاب المعجم المجاز في كنايات أهل مكة والحجاز»، «ونشأة الإدارات الحكومية في مكةالمكرمة دراسة تاريخية».