تموت بعض القصص إلا عن جزيرة قماح فهي مزيج من القدم والجمال، لذا تظل الحكايات في صندوق الرواية للأجيال. ويبرز الصمت إلا من أصوات الأمواج حينما تتلاطم، العنوان الأبرز لقصة قماح تلك الجزيرة التي عرفها «الألمان» منذ مئات السنين، حيث فيها قلعة «جرمني» المشيدة لتتزود منها السفن المتجهة إلى اليمن والحبشة بالوقود وكانت مستودعا للفحم. فالسيارات متوقفة والزوارق تصطدم ببعضها على الشاطئ عندما تهب الرياح، مما ألحق التلفيات في قوارب الصيادين الذين لا يملكون غيرها لتوفير قوتهم اليومي. تتشكل مباني قماح من البيوت الصخرية القديمة والصناديق الخشبية والمباني الحديثة ولكن لا زالت الخدمات البلدية ضعيفة بسبب عدم وجود وسائل نقل للجزيرة. وللصيادين البسطاء من أهالي قماح قصة، فهم على الدوام في انتظار المقبل إليهم من سواح وزوار. إنه البسيط حينما يكون في مكان ناء. يبادر الصياد دهيس وهو رجل يماني الجنسية أمضى أكثر من 35 عاما في عرض البحر وتحول أخيراً إلى ناقل للعابرين بخلع الملابس والشماغ لكل عابر كي لا يتعرض للطرش «الماء المتطاير بسبب الأمواج». التعليم الصعب يظهر على المدارس في قماح القدم كحال الجزيرة، إذ أن الدراسة تتم في مبان قديمة مضى عليها عشرات السنين، ما جعل أعداد الطالبات والطلاب يتناقص بسبب عدم توفير الخدمات والتوجه نحو مدارس فرسان . ويبلغ عدد الطلاب في مدرسة قماح الابتدائية تسعة مع أربعة معلمين والمدير ومستخدم وحارس. وعدد الطالبات في مدرسة قماح للبنات أربع طالبات ومعلمتين ومديرة ويعود ذلك بسبب عدم وجود الخدمات التي من شأنها أن تشجع على الدراسة كعدم وجود مبنى ملائم للعملية الدراسية وغياب الكهرباء. الشيخ الطبيب في جزيرة قماح لا تتوفر خدمات صحية والطريقة الوحيدة للعلاج تتم بالزيارات المنزلية من قبل طبيب عام وممرض مرة واحدة كل أسبوع، حيث يتم استقبال الأطباء عند شيخ القرية ويتم علاج المرضى لمدة لا تتجاوز ساعة في الأسبوع والعودة سريعا لمحافظة فرسان. مشاريع قماح الخيرية لا تكتمل المشاريع الخيرية التي يتبرع بها رجال الأعمال لجزيرة قماح لا تكتمل ومشروع المياه توقف بعد أن تم تسليمه للمقاول الذي عمل لفترة بسيطة ثم اختفى، ويطالب السكان بتسريع الكهرباء والمياه وتوفير الخدمات البلدية. خريجات قماح محرومات من التدريس لا زال سكان محافظة قماح يتذكرون تعيين معلمات من الرياض ومكة المكرمة والمنطقة الشرقية وبعض المناطق الجنوبية للتدريس في جزيرة قماح، متكبدات المسافات ويقطعن الجزر والبحار من أجل التدريس بينما خريجات ومعلمات قماح محرومات من التدريس وسط مطالبات بتعيين خرجات الجزيرة للتدريس لإيقاف الهجرة إلى المناطق الأخرى من أجل التعيين. فرحة الجسر لم تكتمل يظل هاجس النقل من وإلى جزيرة قماح هاجس البسطاء هناك واستبشر الأهالي خيرا عندما شكلت لجان لبحث الاحتياجات والخدمات التي تحتاجها الجزيرة، حيث كانت التوصيات بربط جزيرة قماح بمحافظة فرسان بجسر طوله ثلاثة كيلو مترات، لكن اللجان غادرت الجزيرة قبل عام بوعود لم تتحقق وفرحة لم تكتمل، ليبقى مشروع الجسر حلم يراود السكان. شوارع ترابية وكهرباء مقطوعة المولدات الكهربائية التي لا تعمل، جعلت السكان يعيشون على «الفانوس» في انتظار تدخل شركة الكهرباء، بينما الشوارع لا زالت دون سفلتة أو توفير خدمات النظافة، حيث أرجع مصدر مسؤول في بلدية فرسان، أسباب عدم تدخل البلدية لتقديم خدمات إلى افتقار الجزيرة لوسائل نقل. قرى ختب والسقيد تبعد قرى ختب والسقيد وصير عن محافظة فرسان بأكثر من 45 كيلو مترا، ويطلق الكثير من السكان على تلك القرى فرسان الصغرى، كونها تنفصل عن فرسان ويربطها جسر خرساني بطول كيلو متر واحد، ويتنقل السكان بسياراتهم بين فرسان الكبرى والصغرى، وتتمتع القرى بالمناظر الخلابة والأجواء العليلة التي جعلت أهالي منطقة جازان وبعض المناطق الأخرى يقصدونها عطلة نهاية الأسبوع جنة النخيل تعد قرية سقيد مثالا حيا لطابع القرى القديمة من حيث النسيج الاجتماعي ونمط العيش، إذ يجتمع أهالي القرية بجوار أحد المنازل يتجاذبون أطراف الحديث مناقشين همومهم كضعف عمل إنشاء مركز الرعاية الصحية متذمرين بأسلوب البسطاء من توقف المقاول المنفذ للمشروع. مطالبين بسرعة الانتهاء من المركز الصحي وتنفيذه ليقدم خدماته لهم على نحو مباشر. معاناة الصيادين يعمل أكثر من 80 في المائة من سكان فرسان في الصيد، وهي المهنة المتوارثة من القدم ويعتمدون عليها كمصدر دخل، لكن التعليمات الجديدة بعدم تجاوز الصياد ثلاثة أيام في البحر ومن ثم العودة إلى المركز مرة أخرى وتجديد تصاريحهم، يرهقهم ويقلل من فرص الحصول على قوت أبنائهم مطالبين بمساواتهم بالمناطق المجاورة. الاغتراب المتقطع يحصل أبناء قرى السقيد وختب وبعض القرى الأخرى على مبالغ مالية تختلف حسب اختلاف المراحل والمسافات، فطلاب القرية يحصلون على مبلغ 150ريالا شهريا، بدل دراسة في القرية وهؤلاء بأحسن حال من الذين يدرسون في المرحلة الثانوية من الطالبات والطلاب في فرسان، حيث يحصلون على مكافأة شهرية بمعدل 300 ريال، لكنهم يدفعون 250 ريالا لوسيلة النقل إلى فرسان ويتبقى مبلغ 50 ريالا للطالبة والطالب شهريا، وهذه المكافأة «بدل الاغتراب» لا تصرف لهم بشكل شهري بل تبقى لعدة شهور ثم تصرف متقطعة. قرية ختب والطبابة السيارة وصلنا إلى قرية ختب وقت دخول صلاة المغرب ولفت نظرنا وجود مراسم للعزاء في القرية، وعند تقديم واجب العزاء قال قريب المتوفاة: «إنها الحالة الثالثة التي تموت في القرية قبل أن تصل المستشفى في فرسان، وذلك بعد أن تجاهلت الشؤون الصحية في المحافظة افتتاح مركز صحي». ويقصد سكان القرية من المرضى منزل شيخ القرية طوال السنوات العشرين الماضية للتطبيب ورغم أن سكان القرية على حد قولهم تعاونوا لبناء مركز صحي إلا أن الشؤون الصحية رفضت توفير أطباء. مطالب القرى مطالب أهالي قرى فرسان الصغرى ختب السقيد لا تتجاوز توفير المدارس الثانوية في القرية بدلا من قطع الطالبات والطلاب لمسافات بعيدة بينما يضطر البعض إلى الدراسة في جازان ونقل أسرته لتوافر الخدمات. ولم تدم فرحة السكان في القرية طويلا بالمدرسة التي نفذتها إحدى المؤسسات، مما تسبب في سقوط أجزاء من السقف، وتسرب المياه على رؤوس الدارسين، وطالب أبكر علي الجهات ذات الاختصاص بسفلتة شوارع القرية وإنارتها، بدلا من تركها تعيش في الظلام، وإيجاد مراكز للرعاية الصحية الأولية لتقديم الخدمات الصحية للسكان، وكذلك إيجاد مشروع سكني لشباب القرى، حيث ترتفع الأسعار في الأراضي، وتغيب الشقق المفروشة، وهذا يجعل الكثير من السكان عاجزين عن توفير الاحتياجات الهامة لأسرهم. جسر مهدد بالانهيار وجه أهالي فرسان وقرية السقيد وختب وأبو الطوق نداءهم إلى وزارة النقل بسرعة عمل صيانة للجسر الذي يربط فرسان بقراهم والذي تم إنشاؤه في عام 1406ه، حيث ظهرت عليه التشققات في قواعد الأعمدة وتشكل خطرا كبيرا على العابرين، وأوضح رئيس بلدية محافظة فرسان محمد الوتيد أن هناك العديد من المشاريع التي ستشهدها المحافظة وستكون الخطة المقبلة للقرى موفرة للخدمات حسب المخصصات لكل قرية.