يعتقد الكثيرون ومن جملتهم بعض الكتاب والصحافيين أن كل ما يلاحظ أو يرصد من أخطاء وتجاوزات لجهة الأجهزة الحكومية أو مسؤوليها لا بد أن يثار بالكلية في الصحافة إن بصورة مقال أو خبر أو تقرير وما شابه على اعتبار أنه يشكل أحد أهم مقتضيات مهنة الصحافة: أقول ليس بمعظمها فثمة أخطاء وربما تجاوزات من العبث بل من الخطورة بمكان بسطها إعلاميا وقبل أن ينتابكم الاستغراب أو ربما تتندرون.. أسارع بطرح سؤال عام للجميع بما فيهم بل على رأسهم الإعلاميون هو: ما الهدف الأسمى من نشر الأخطاء والتجاوزات بالمفهوم العريض ؟. الجواب الشاخص والبديهي بالطبع هو لمعالجتها وجريا للحؤول دون ظهورها أو تكرارها.. وأقول ما بال الأمر إذا علمنا يقينا أن نشر تلك الأخطاء والتجاوزات يفاقمها وبكلمة أدق يزيد كمها ويوسع رقعتها.. الطبيعي أو لنقل المفترض سوف تبادرون بالتساؤل عن ماهية ومعايير مثل هذه المخالفات والتجاوزات بحسبانكم (الكلام موجه للإعلاميين ) تأبون بأن تكونوا الأداة التي تسهم من حيث لا تعلمون بالإضرار بالمصلحة العامة بوصفكم معنيين بالإصلاح وليس العكس.. نستطرد المعيار هو أي خبر أو معطى إعلامي يحتمل ومن الوارد اتخاذه قبل جهات أخرى (مؤسسات، مستوصفات ومدارس أهلية، تجار .. إلخ، قائمة المنتفعين) ذريعة لممارسته وتسويقه بمعنى من المعاني يوظف الخبر أو المقال كغطاء يتدثر به ضعاف النفوس لتبرير بل قل لتمرير تجاوزاتهم دون أدنى وجل أو قيد أنملة من الحياء وللإيضاح نضرب مثلا: كلنا يعلم أن وزير الصحة د. عبد الله الربيعة قد صرح لناحية عموم المستوصفات والمراكز والمستشفيات باستقبال الحالات الطارئة وإلزامهم بالتعامل معها وفق ما تقتضيه الحالة بل توعد من يخالف هذا التعميم.. ولنفرض جدلا أن أحد المستشفيات أو حتى المستوصفات (الحكومية) ولسبب غير معلوم لم يستقبل حالة طارئة وأقول حالة واحدة .. وتصادف وجود كاتب أو صحافي المؤكد سيعتبرها سبقا صحافيا ونحسبه لن يفوته. المؤكد أيضا أن هذا الطرح سيحوز على كم هائل من تعليقات وردود القراء المدبجة بالمديح والإشادة لكونه عرى مفارقة مستهجنة تبعث على التندر والاستياء وإن شئت خيبة الأمل.. لكن ماذا بعد انتهاء الحفلة وحين ينفض السامر ؟، الطبيعي والمتوقع أن أغلب إذا لم نشأ القول جل المستوصفات والمستشفيات (الأهلية) لن تستقبل بعد هذا الخبر أو المقال أي حالة طارئة والذريعة الجاهزة والمبيتة إن صح التعبير أن المستوصف أو المستشفى الفلاني (الحكومي) لم يستقبل الحالات الطارئة !. (لاحظوا قد تحور الحالة لحالات !) ولسان الحال يقول إذا لم يمتثل الجهاز المعني ضمنا (القدوة) بتطبيق التعميم لا ضير أو غضاضة تلحق بنا إن نحن تخاذلنا عن الالتزام به أو حتى تجاهلناه جملة وتفصيلا هذا إذا لم تقال صراحة بشيء من التبجح وتكون الصحافة والحالة تلك قد أسهمت من حيث لا تدري في انتشار التجاوزات وتفاقمها عوضا عن تقويضها.. أكرر هذه مجرد فرضية للإيضاح فحسب.. عموما بوسعنا أن نقيس على ذلك بقية الأمور المهم أن المعيار والغاية اتضحا أو نحسبهما كذلك.. بالنتيجة يجب ألا يتعجل الكاتب أو الصحافي بالنشر فعليه الاستدراك متوسلا الحس الصحافي وقبله وبعده بحسه الوطني أبعاد القضية المراد طرحها مهما كانت مثيرة وتبعث على التبجيل والتصفيق واستطرادا قد تجلب الشهرة فالكاتب أو الصحافي الرصين ليس الذي يرصد الأخطاء ويكتشف التجاوزات والمخالفات بحذق بل الذي يستشعر بتأن التبعات ويستشرف المعطيات والتداعيات وبكلمات أوضح مدى تأثيرها على الصالح العام بالمجمل.. إلى ذلك بمقدورنا القول إن الصحافة وفق هذا المنحى تكون قد درأت وإن شئت أجهضت الكثير من الأخطاء والتجاوزات لمجرد عدم نشر مثل هذه القضايا تأسيسا على المعيار أعلاه.. السؤال المهم والمتوقع هل يكتفي بذلك؟، بصيغة أوضح ماذا عن المصدر المتجاوز الذي لم يتم النشر عنه درءا للتذرع به (توظيفه لغايات ومنافع أهلية) وبكلمة حجب لهدف أهم وأسمى.. بطبيعة الحال من غير المفيد الاكتفاء بالإجراء سالف الذكر فثمة تدابير لعل أهمها إرسال مذكرة (موثقة) من الصحيفة للجهة المخالفة تشعرها بالمخالفة.. نوعها ووقت حصولها وتداعياتها بهدف معالجتها وعدم تكرارها.. أزعم أن هذا التوجه لو طبق سوف تتقلص الكثير من التجاوزات والمخالفات.. أليس هذا هو المراد والمطلوب من الصحافة ؟. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 229 مسافة ثم الرسالة