يعتبر ختان الذكور في بعض محافظات الجنوب الاختبار الأكثر صعوبة في حياتهم، إذ إن تجاوز عرس الدم دون انهمار دمعة واحدة لتنطلق بعدها العرضة الجنوبية المصحوبة بالأعيرة النارية احتفالا بمولد رجل لكن بطريقتهم الخاصة. ويعد الختان في محافظة رجال ألمع ذا أهمية كبرى، إذ يجهز الأهالي العدة للشاب المختون كي يتجاوز الامتحان الأصعب في نظرهم في دلالة على الرجولة والشجاعة، حيث لا مكان للخوف أو الارتباك أو البكاء فيتوجب على الشاب أخذ الحيطة في حركاته وسكناته فالتوجع والريبة قشة تقصم ظهر أهله وتوقعهم في حرج في ظل لعبة الدم التي يحضرها ويختن فيها الكثير. ويروي الثمانيني طرشي الصغير قصة الختان في تلك الحقبة الزمنية، إذ إن الشاب لا بد أن يبلغ سنا معينة كي يختن، ويضيف الصغير: «في السابق كان الأب يزور الأسواق الشعبية ويضع قطعة قماش بيضاء وهي إشارة توحي أن هناك شابا سيختن، فتتوافد القبائل لحضور المناسبة التي كانت تدعى (الهود) ويقدمون الهدايا والزاد لوالد المختون، بينما تحضر النسوة قبل الختان ويبدأن في تهيئة مكان الاحتفال وترتفع أصواتهن بالزغاريد». ويضيف طرشي: يمتد الهود ثلاثة أيام أو أكثر على حسب استطاعة الأب ومكانته، تختار للمختون ملابس ذات ألوان زاهية ولحاف وهو لبس عسيري معروف، ومازال معظم الألمعيين يحرصون على اقتنائه لما له من ذكريات جميلة وبعد أن تحضر جميع العشائر والقبائل يقدمون العديد من الفنون الشعبية مثل «الدمة» والعرضة بعدها تبدأ عملية الختان. ويشير الصغير إلى أنه بعد انتهاء الختان يدور أقاربه وأهله حول موقع الختان، بينما يظل المختون ينزف دون أن يتحرك أو تدمع عيناه وربما يشارك المختون في العرضة ويعتمد ذلك على رباطة جأشه. ويضيف الصغير بالرغم من خطورة الموقف، إلا أن المختون يتحامل على الألم حتى لا يصفه الحاضرون بالجبن، وبعد انتهاء مراسم الاحتفال ينقل المختون إلى منزل والده ويطبب هناك بطريقة شعبية وبدائية قد تلحق به الضرر وتلزمه البيت عدة أشهر لينطلق بعدها إلى أبناء قبيلته مستعز بالعمل الذي أقدم عليه. أفاد طرشي أن ختانه تم عام 1373ه وكان حينها ابن ل15 عاما وشاركه أخوه في الختان.