والدي (سامحه الله) هاجسه الأكبر تزويجنا أنا وأخواتي .. الكبرى تزوجت بشكل طبيعي أما أنا فقد تأخر نصيبي فزاد ذلك من قلق والدي وتوجسه وفوجئت ذات يوم بخبر خطوبتي دون المقدمات التقليدية المتعارف عليها وحين تحريت عن الموضوع صعقت بأن والدي (عرضني) كهدية لأحد موظفيه في العمل ومبرره وقتذاك خوفه من أن يفوتني القطار كي لا أنضم لركب العوانس وهاأنذا تطلقت وانضممت لجحافل (المطلقات) لا لشيء فقط لمجرد أنه استرخصني وعاملني على أنني مجرد (هدية) فهو أصلا لم يكن مستعدا للزواج وأقحم فيه .. أرجو نشر رسالتي لتكون عظة لبعض الآباء فحالتي ليست فريدة وأعرف الكثير تزوجوا بهذا الأسلوب والنتيجة إما الطلاق أو حياة زوجية يخيم عليها النكد والكآبة وعدم الاستقرار. التعليق .. رغم إعجابي المنقطع النظير بالمثل العامي القائل: (اخطب لابنتك قبل أن تخطب لابنك ) ورغم يقيني بأن قطار عمر البنت يمضي سريعا أضف إلى ذلك قناعتي التامة بأن كل أب لا يهنأ له بال إلا بعد أن يزوج آخر بنت لديه .. دون أن نغفل وبلا أدنى خجل أو مواراة تصاعد نسبة العنوسة في المملكة .. إلى هنا نحن متفقون فما تقدم يعتبر بمثابة مسوغات لتزويج بناتنا دونما غلو أو تأخير لكن ما قد نختلف عليه هو الأسلوب المتبع في التزويج وأقصد تحديدا (الإهداء) الذي بدأ يتفشى في مجتمعنا وإن بشكل غير معلن أو «متواري» إن صح التعبير، نسمع مثلا أن ذلك الأب أهدى ابنته كزوجة لعمرو من الناس لمجرد أنه أعجب ببعض صفاته .. وآخر أهدى ابنته لزيد من الناس فقط لأنه وقف معه موقفا «رجوليا» في ضائقة أو أزمة عارضة .. وثالث أهدى أخته كزوجة لأحد أصدقائه الذين (يسمر !) معهم في الاستراحة .. ورابع أهداها لأحد مرؤوسيه على غرار ما حصل ( للمرسلة).. قد يسارع أحدهم متسائلا وبلهجة لا تخلو من الامتعاض وربما السخرية أين وجه الخطأ في ذلك طالما أن الأب أو الأخ ارتضى ذلك الرجل زوجا لابنته أو أخته.. ويضيف: إنهما أي الأب أو الأخ أدرى وأحرص على مصلحة بناتهم ؟. أكرر إن مبعث اعتراضي ليس على الغاية ذاتها بل الوسيلة المستخدمة وما يستتبعها من إشكاليات وتداعيات قد لا تحقق أصلا في كثير من الأحايين الغاية المقصودة. أدري أن كل رجل يسعى لتزويج ابنته أو أخته ويتمنى الرجل المناسب لها وقد ذكرت ذلك في مطلع المقال علما أن ذلك لن يسكتني عن القول وبشيء من المصارحة أن بعض الآباء يهدون بناتهم كزوجات لرجال يناسبونهم هم وليس بناتهم، وبكلمة أوضح أن المهدي له البنت إما أن يكون ذا مركز اجتماعي مرموق أو من الأثرياء .. إلخ.. دون التفكير في مصير البنت التي كثيرا ما تكون ضحية لمتاجرة رخيصة امتهنها والدها أو ربما أخوها لتحقيق مصالحه وأطماعه المريضة. نقول لهؤلاء كيف هانت عليكم بناتكم حين اتخذتموهن جسرا تترجلون عليه للوصول لغاياتكم؟.. وعزاؤنا الوحيد أن هذه الفئة قليلة في مجتمعنا وليست محور موضوعنا وسيقت من باب التذكير لعل وعسى أن تنفع الذكرى ولا نعود نسمع بتلك السلوكيات الممقوتة.. وعودة للفئة الأخرى الذين يهدون بناتهم عن حسن نية فهؤلاء أيضا كثيرا ما يتسببون في تعاسة بناتهم من حيث لا يدرون لأسباب عديدة منها أن الصفات التي استحسنها الأب في الرجل المراد ( إهداؤه ) ابنته كزوجة قد لا تكون كافية لتأهيله كزوج قادر على تحمل مسؤولية الزواج وأعبائه أو ربما تلك الصفات ( التي استعذبها الأب ) كانت مصطنعة وبكلمة أخرى مزيفة لاستمالة رضى الأب لتزويجه ابنته ومجرد أن يتزوجها تظهر الصورة الحقيقية لزوج ( الغفلة ) هذا من ناحية ومن ناحية أخرى قد تكون الصفات المذكورة حقيقية ولا غبار عليها لكنها تظل غير دقيقة ولا يعتد بها كونها شوهدت من منظار الأب أو الأخ فما يراه هؤلاء في الرجل يختلف عن ما تراه البنت وما يروق لهم قد لا يروق لها بل قد تمقته.. وأضف إلى تلك الأسباب أن الرجل الذي وقع عليه الاختيار قد يرضخ لقبول ( الهدية ) تحت عدة متغيرات ربما لا تكون الرغبة في الزواج من جملتها كالمجاملة مثلا أو لصلة القرابة التي تربطه بالأب وطمعا لإرضائه إلى غير ذلك من مآرب.. المفارقة المحزنة أن هذا الرجل قد يكون متزوجا وله أبناء ولم يفكر قط في الزواج من ثانية لكن كان العرض مغريا فلا يقوى على تفويته .. أترك للقارئ ليتصور تبعات ذلك وما قد يسببه هذا السلوك من تعاسة وخيبة ليس للزوجة ( المهداة ) ووالديها وحسب بل للزوج وزوجته السابقة وأبنائه. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 229 مسافة ثم الرسالة