منذ الثمانينيات ونحن ندعو لمواجهة الفكر الضال بالمسرح، والسينما، وبقية الفنون لأنها الوسائل الأقدر على هذه الحرب الفكرية، بعد ذلك بسنين جرت محاولات فاشلة لإنتاج مسرحيات للفكرة ذاتها بتوجيه إداري، ولكن هذه المسرحيات ضعيفة الفكرة والتنفيذ قام عليها غير مختصين، ومجتهدين للعمل بهذا المجال الصعب مثل مسرحية (وسط بلا وسطية) الشهيرة وكثير مثلها جاءت بشغب بسبب خطأ الطرح، وانعدام الطقس المسرحي في عرضها، وأخص بالذكر (وسط بلا وسطية) التي سببت شغبا لأنها مسرحية وعظية مباشرة تصادم واقعا بواقع، ولا تصادم الواقع بالفن ولم يكن هنا مستغربا أن تثير هذه المسرحية شغب الجمهور، فهي ليست متجاوزة ولكنها خطبة أكثر منها مسرحية، فقد كان أسلوبها الوعظي المدرسي، وسوء إخراجها، وعدم فهم منفذيها لمفهوم الطقس المسرحي، وعدم تقييمها بأدوات المسرح القيمي سببا في خلق اعتقاد واهم بأن المسرح غير قادر بكفاءة على مواجهة الإرهاب. اليوم وقد بدأنا نرى الاندحار الكبير لهذا التيار الضال، وشلل حركته، وفقد مؤيديه حان الوقت لغسل هذا الفكر بالفن الصحيح، وليس بفن المجتهدين، ومن لا يجدون عملا فيعتلون منبر الفن، وعلينا أن نخرج من الاستسهال والاسترخاص، والثقة بكل من قدم نفسه تحت مسمى كاتب أو فنان، أو منتج، وهو مجرد راكض للبحث عن رزق في مجال لا يفهمه، والبدء تقنيا في ترشيح المنتج من شوائب الجهل، واستعلاء كراسي الفن. جئت بهذا الموضوع لأن السيدة وفاء الشهري التي قرأت تفصيلا لمكالمتها في رمضان الماضي مع والدتها (نشرت مضمونها «عكاظ») وهي محتجزة بمكان مجهول في اليمن، هذه المكالمة أعادتني إلى كوميديا العبث في المسرح، وهي مدرسة قد تعرفونها ومن تخفى عليه فليراجع الموسوعات الأدبية، فلها رموزها في الأدب المعاصر، ولا تبتعد عنها حكاية السيدة هيلة القصير، وهما نموذجان للدراما المأساوية الضاحكة (مليودراما عبثية). نعم إنهما مهازل مضحكة مبكية مما يجعلنا أمام لا تدري أتضحك منه أم تبكي، وهنا فقط يتضح التيار الإرهابي والمتشدد بأنه تيار جاهل مليء بالتناقض وعدم الثبات، وهو ما نلحظه في تفاصيل تحرك الإرهاب العشوائي حتى وهو يقرر ويخطط، وإنه يفعل ما يفعل بخليط من قانون الفوضى، والتوجيه دون وعي، ولا تسمعوا لمن يقول إنه فكر فهو عكس الفكر، أو الفكر بمنظره المعكوس. ما أتمناه أن نبدأ بفرقة وطنية للمسرح على غرار المنتخب الرياضي، ترعاها الدولة وتدعمها للنهوض بالحركة المسرحية، وجعلها قادرة على مواجهة الإرهاب، والفكر الضال، ومشكلات المجتمع بدل الكثير من هذه الاجتهادات الفاشلة التي تستهلك المال وتسيء للفن ومنتج الجمعية العربية للثقافة والفنون فرع الرياض برموزها دليل على واقع مؤلم للحال المسرحي الفاشل في بلادنا، ومن سوء الحال المسرحي تدنى المستوى الدرامي حتى وصل هذا الفشل في فهم ماهية الفن إلى معظم برامج الدراما السعودية. أخيرا لا بد لوزارة الثقافة والإعلام الخروج من تجاهل كنوز الفن، والبدء بتأسيس فني علمي صحيح لفنون الثقافة البصرية، والسمعية، فأثر هذه الثقافة يفوق أي أثر آخر. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة