كنت قبل عام في زيارة للمراكز الحدودية الشمالية التابعة لحرس الحدود، ومرة أخرى كنت قبل بضعة أيام في منطقة شرورة في زيارة خاصة للمراكز الحدودية التي تتمركز على حدودنا الجنوبية. وحقيقة، كان تصوري شيئا والواقع شيئا آخر، وفعلا ليس الخبر كالمعاينة؛ كنت أسمع عنهم ورأيت ما لم أكن أسمع أو أتصور. هؤلاء البواسل الذين نذروا أرواحهم وأوقاتهم في سبيل المحافظة على أمننا وسلامتنا وراحتنا، انقطعوا عن أهليهم ومجتمعاتهم بالأيام والليالي بل بالأسابيع، وقفوا لينالوا شرف المرابطة في سبيل الله. هؤلاء الأبطال يجلسون في وهج الصحراء ولفيح بردها وتحت أشعة الشمس الحارقة والليالي الدامسة بالساعات الطوال من أجل أن ننعم نحن بالأمن والأمان والراحة والاطمئنان، ويطمئن كل داخل لهذا البلد لحج أو عمرة أو عمل أو غير ذلك، بل وتعمر الأوطان بالخيرات والثمرات والطاعات. إنهم يقفون وراء إحباط أية محاولات للاعتداء علينا أو للتسلل غير المشروع أو محاولات تهريب المخدرات والمسكرات وغير ذلك كثير. هؤلاء بجلالة عملهم يصدق فيهم أنهم يحافظون على الضرورات الخمس الواجب رعايتها في جميع الأديان التي بحفظها صلاح المعاش والمعاد ونظام أحوال الدارين، فهم يساهمون في المحافظة على ديننا ومعتقداتنا وإقامة شعائر الدين، وعلى أعراضنا وعقول شبابنا من المسكرات والمخدرات، وعلى أنفسنا ودمائنا، وأموالنا وممتلكاتنا. ولا نشك أن البناء فقط لا يكفي، بل لا بد من الحماية والحصانة وهذا أمر معلوم لكل عاقل. لهم مني ومن كل مواطن في هذا البلد ومسؤول كل تحية وإكبار وإجلال لكل فرد أو قائد منهم. ونرفع أكف الضراعة للمولى العلي القدير أن يحفظهم وأن يبارك في جهودهم، وتحية أخرى أسطرها لكل من عاونهم وساعدهم وحفظ أهليهم في غيبتهم.. ويدا بيد لبناء وأمن البلد. د. يوسف الباحوث