الشعر الجميل كثير، لكنه غالبا إما أن يكون شعرا يعبر عن مشاعر الرجل فيصور خلجات نفسه ومجالات اهتمامه وتطلعاته وتهويماته، وإما أن يكون شعرا يصور المشاعر الإنسانية العامة التي يشترك فيها الجنسان معا. أما الشعر الذي يعبر عن عواطف المرأة الخاصة بالأنثى، والتي لا ينبض بها سوى قلبها، فإنه يكاد يكون لا وجود له، ويمكننا أن نعده ببساطة، من الشعر النادر، فأغلب شعر النساء أو الشعر الذي يتطوع بقوله الرجال على لسان النساء، لا يتردد فيه سوى رؤية الرجل وما تتضمنه من صور هي إلى الحس الذكوري أقرب منها إلى حس المرأة. لميعة عمارة، الشاعرة العراقية الرائعة، كسرت في شعرها هذه القاعدة، واستطاعت أن تنقل إلينا بصدق ما تنطوي عليه عواطف النساء من المشاعر الدفينة، مما يعجز شعر الرجال عن نقله.. في ديوانها (لو أنبأني العراف) قصيدة بالغة العذوبة تصور شدة تعلقها بمن أحبت، (يقول البعض إنه الشاعر العراقي بدر شاكر السياب). في القصيدة تناجي الشاعرة الحبيب الغائب بعد أن طال الانقطاع بينهما. وما يتبادر إلى الذهن أنه حين يطول الفراق بين الحبيبين، ويمتد الغياب بهما، ويزداد جدار الجفاء بينهما نموا، يوما بعد يوم، وبعد أن تحلق في سماء علاقتهما سحائب الغبار عالية تحجب أطلال حب احترق، فإن المتوقع أن تنبثق في ذاكرة كل منهما شجرة النسيان تمتد شامخة لتعمر القلب بسكينة السلوى، لكن لميعة تعترف بحقيقة غير هذه، حقيقة ربما يجد غيرها غضاضة في الاعتراف بها، هي تعترف أن الغياب والبعد وطول الجفاء، لم يغير شيئا من مشاعرها نحو الحبيب، وأنها مازالت هي هي، تلك المرأة المولعة به: مازلت مولعة، تدري تولعها مشدودة لك من شعري ومن هدبي من دونك العيش لا عيش، وكثرته درب يطول، فما الجدوى من النصب العيش بدون الحبيب لا معنى له، ما جدوى العيش إن لم يشرق المحيا البهي على صباحاتها يضيء أيامها ويسرج مساءاتها ! ولأنه لا معنى للعيش بدون الحبيب، فإن لميعة تظل ممسكة بخيط من أمل يتماوج أمامها بألوان الرجاء عسى أن لا يطول الغياب. تمسك بالخيط ترقبه يتجدد مشرقا مع كل صباح، ثم مع كل شهر، ومع كل فصل، لكن الحبيب لا يشرق، ومر الفصول يتوالى، صيف، يعقبه خريف، يعقبه شتاء، والسنون تتصرم واحدة إثر أخرى، والحبيب لا يعود! ما الذي يجعله يغيب بهذه القسوة ؟ مر الخريف بعيد الصيف، والتحفت من بردها الريح في تشرين بالسحب ولا سؤال، ولا أصداء من سمر فهل لصمتك يا أفديك من سبب ؟ وتخطر بالبال خاطرة مؤلمة، فينزف لها القلب عتبا وشجى، هل يمكن للأخرى أن تصرفه عنها ؟ كيف لها ! وكيف له! بمن تعوضني؟ يا من تقطعني شبها بتلك، وهذي، إذ تمثل بي ما ذاك عتب، وهل عتب يبلغني! لو كنت من مازن جادت بلا تعب لكنها طرقي مسدودة أبدا وإن تباهت بوفر الماء والعشب وبعد .. ماذا يبقى عند انسداد الطرق ؟ لا شيء، لا شيء سوى أمنية، أمنية تظل ترفرف على الهدب، سواء تحققت أو لم: عد لي صديقا ، أخا ، طفلا أدلله عد لي الحبيب الذي كم جد في طلبي عد سيدي، تلك دون الشمس منزلة أحلى المناداة عندي، سيدي وأبي فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة