نحن الآن في عام 1431 للهجرة وإذا استعرضنا محاولات اقتراب غير المسلمين من القرآن الكريم، فسوف نجد من خلال البحث أنها تقترب منذ حوالى تسعة قرون من الزمان. وللواقع فقد اقتربوا من القرآن بعد نزوله بحوالى خمسة قرون مترجمين لما جاء فيه ولم تتوقف محاولاتهم عند حدود المرة الواحدة. وبتطور النسق اللغوي واستقلال الإيطالية مثلا عن اللاتينية التي تعتبر لغة ميتة الآن ولم يعد العمل من خلالها متوافرا اللهم باستثناء فئات كلاسيكية جدا داخل الكاتدرائيات الكبيرة، فسوف نجد أن اللغة الإيطالية لها تجربة تخصها، وللفرنسيين تجربة تخصهم وكان الألمان سابقين عن الإنجليز في ترجمة القرآن ولا تزال الترجمات إلى اللغة الإنجليزية الحديثة إلى الآن محل مقاربة لمراجعات وتصويبات وحوار طويل أيضا.. وطبعا فتجربة الآخر مع الدين الإسلامي لا تزال محل تواصل وحوار ونقاش أيضا، ولسوف يأتي زمن بحسب نظرية المفكر الإنجليزي توماس كارلايل، الآيل وجوده الفكري للقرن الثامن عشر ميلادي يكتسح الإسلام الذي هو دين الله كل العوائق التي تقف أمامه في أوروبا وبهذه أو تلك فلكل شيء أوانه، ولكل رسالة غاية. ونحمد الله أولا وأخيرا أن الإسلام بريء مما يحاول آخرون إلصاقه بما ليس هو منه، إذ ليس للمرة الأولى ولا المرة الأخيرة يتحدث مسؤولون عن صناعة القرار في عامة الغرب أنهم لا يحاربون الإسلام مطلقا وإنما يحاربون التطرف وأعمال الإرهاب وما إلى ذلك من قيم لا علاقة لها بالإسلام، وبنفس وضوح الرؤية في وعي الغرب بما في ذلك عدم إقرارهم لموقف القس تيري جونز، فيجب علينا استغلال هذا الوضوح في الرؤية لمن تقع على عاتقه مسؤولية الحوار والتعامل مع المسلمين وخاصة في ضوء أن المسلمين في تزايد، وهم يمارسون حقوقهم بضمان الدستور. ومهما كان الواقع ثريا بأحداث الجدال الإعلامي وتهييج مشاعر الكراهية من خلال مواقف القس جونز أو من خلال قصة سائق التاكسي الباكستاني الذي تعرض لعدد من طعنات أحد الأمريكيين لا لدوافع عدائية غير أن السائق مجرد مسلم الديانة فقط لاغير، فقد ساق إلينا الإعلام أمريكيا وغير أمريكي رفض الرأي العام ورفض المسؤول عن القرار في عامة الغرب هذه الممارسات واعتبارها أعمالا غير مسؤولة لا تؤيدها محكمة ولا يقرها الدستور. [email protected]