من عادتي في بعض الأمسيات أن أمارس المشي في الممشى المخصص لذلك على طريق الملك عبدالله. ليلة البارحة لم أستطع أن أكمل السير بعد أن روعت بمشهد عكر علي مزاجي وسبب لي الرعب، كان هناك ثلاثة من الشباب الصغار يمتطون وقوفا سطح سيارة من نوع (فان) تتهادى بهم وسط الطريق الواسع والمزدحم بالسيارات، وكانوا مبتهجين بتصرفهم يهتفون ويصفقون ربما احتفالا بمناسبة ما، فوددت لحظتها أن أوقفهم لأوبخهم على ذلك السلوك وأرغمهم على النزول، فقد رأيت أولادي متمثلين فيهم، لكن في تلك اللحظة عينها هالني أن رأيت أحدهم يطير في الفضاء من فوق سطح السيارة ليسقط على الأرض، كان المنظر مؤلما وقاسيا بالنسبة لي، فتجمدت في مكاني ولم أستطع أن أكمل السير. من المسؤول عن ضبط هذه الأنواع المنحرفة من السلوك لدى بعض المراهقين؟ أهي الأسرة أم المدرسة أم الأنظمة العامة؟. هذا السؤال يتردد صداه في ذهني كلما صدمت بمشاهدة سلوك غير مرض يبدر من مراهق ومراهقة. وإذا كان من المتفق عليه أن حسن التربية والتوجيه في سن الطفولة المبكرة والمتأخرة داخل الأسرة وفي المدرسة، يترك أثره الجيد على سلوك الفرد، إلا أن ذلك لايعد ضمانا لسلامة سلوكه متى بلغ سن المراهقة، فأحيانا بعض المراهقين يقعون تحت تأثير رفاقهم فينساقون معهم إلى ممارسة بعض أنواع العبث الخطير الذي يتسم بشيء من المغامرة، أو يتضمن قدرا من الإثارة لما فيه من التحدي والمخالفة للعرف العام وما يصحب ذلك من إحداث انفعالات تبعث في نفوس المراهقين متعة وتشبع بعض احتياجاتهم النفسية، لذا أحيانا، نجد هؤلاء الشباب الصغار يقعون في بعض المخالفات دون انضباط. ومن هنا يضحى من المحتم وجود أنظمة عامة لضبط السلوك العام تدعم عمل الأسرة والمدرسة وتفرض وجودها على الناس جميعا، فتضع الجزاءات المناسبة لمن يخالفها متجاوزا المسموح به، سواء كان ذلك في الطريق أو في السوق أو المطاعم أو المطارات أو أي مكان عام آخر.. ذلك المنظر المروع الذي شاهدته ليلة البارحة، ما كان له ليحدث لو أن نظاما صارما من المرور كان يراقب الطريق، ويرصد ما يحدث فيه من مخالفات، فأولئك الشبان الصغار هم وإن كانوا ضحايا تربية أسرية مهملة، إلا أنهم أيضا ضحايا مجتمع غير مبال. وإن أمكن لنا أن نغفر للأسرة إهمالها التربية بحجة الجهل وغياب الوعي لدى الوالدين أو من يقوم مقامهما، فإنه من غير الممكن التجاوز عن عدم مبالاة المجتمع بإهمال تربية أفراده وعدم إجبارهم بأنظمته الصارمة على الانضباط وعدم التجاوز. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة