يعشق الكثيرون في شهر رمضان الكريم زيارة المنطقة التاريخية وسط جدة، لكن هذا الحرص في قضاء وقت بين عبق التاريخ ورائحة التراث والأجواء الرمضانية يزاحمه إقبال رواد المنطقة على شراء «البليلة» التي تشتهر بها المنطقة التاريخية في رمضان. والبليلة هي حبات من الحمص تطبخ بطريقة معينة يوضع عليها عند التقديم بعض المشهيات «بيض مسلوق، بطاطس مهروسة، كمون، خل، شطة ..إلخ» حسب طلب الزبون، وسط نداءات باعتها وهم يقولون: «يا بليلة بللوكي.. وسبعة جواري حملوكي، بليلة بللوكي.. وفي الخل غرقوكي.. هذي البليلة بالكوسة.. تعالي دوقيها يا عروسة». الذهاب إلى البلد أو المنطقة التاريخية في جدة يتم بشكل فردي، لكن أغلب الزيارات تكون جماعية لأصدقاء أو مجموعة إعلاميين أو فنانين وهكذا، حيث تجد شارع قابل مزدحما بالنجوم الذين يتناولون البليلة خلال خط سيرهم من بيت نصيف حيث متحف التراث، حتى المحمل حيث الشاي المغربي. على أطراف المنطقة التاريخية وعلى امتداد بوابة شارع قابل ستجد نفسك مشدوها بالتأمل في زخرفة الرواشين، وهي كالثغر الباسم على وجوه البيوت العتيقة. العم معتوق الشريف، من أقدم باعة البليلة في شارع قابل، حيث لا يكتفي بهذه المهنة بل يعد سفيرا للموروث الشعبي، حيث يمتع زبائنه بالكسرة وحكايات البحارة وأغنيات فوزي محسون، يقول العم معتوق: «للبليلة طرق تحضير متعددة تعتمد على نوع الحمص المستخدم وطرق التحضير»، وأضاف، «أنا أمارس هذه المهنة من باب إحياء التراث وعشق هذه المنطقة التاريخية التي نشأت فيها وأيضا من أجل المادة». من جهته، يقول الباحث التربوي الإعلامي الدكتور محمد سالم الغامدي: «المنطقة التاريخية تشعرك بعبق الماضي»، وأضاف، «نطالب بأن تكون حاضرة لنا وللأجيال المقبلة، وأن يكون للهيئة العليا دور في حمايتها من التخريب الذي ينهش جسدها».