يعيش الكثير من مبتعثينا في الخارج ما بين الاستقرار وهاجس العودة لبلادهم دون تحقيق الأهداف التي ابتعثوا من أجلها، وذلك بسبب العديد من العوائق التي تواجههم. ورغم تلك المعوقات تجدهم دائما سفراء لبلادهم، غيورين على مصالحهم وتراثهم وثقافتهم، أمناء على عقيدتهم، محافظين على قيمهم وعاداتهم، هدفهم من الغربة نقل العلوم والتقنية والتكنولوجيا إلى بلادهم، يعيشون دائما خلية عملٍ بين البيت والجامعة والمكتبة، يبحثون، يطالعون، يجمعون ما قرأوا ويلخصون ما فهموه. هدفهم نبيل، وغايتهم سامية. وفوق معاناتهم خارج البلاد أثناء الابتعاث التي استمرت من بداية الموافقة على ابتعاثه مرورا برحلة البحث عن موافقة الجامعة المراد الدراسة بها وانضمام المحرم لبرنامج الابتعاث، وغرابة احتساب صرف المكافأة (محدودة المدة) من بداية دخوله البلاد المبتعث لها بغض النظر هل بدأت بالدراسة أم لا؟!. ورغم تلك المصاعب التي احتلت أكبر مساحة ممكنة من عقلية المبتعث لا تكتمل سعادته عند حصوله على قبول الجامعة، فعليه أن يعاود البحث مرة أخرى، ولكن بطريقة مختلفة عن سابقتها، ففي هذه المرة اختلف مجال البحث من البحث عن بيئة تعليمية يمكن أن يتعلم بها إلى بيئة مغايرة تماما وهي بيئه الاستقرار والتأقلم مع الظروف التي ستلحق به عند انقطاع صرف المكافأة التي (حسبت من دخوله البلد المبتعث لها). وحال الانتهاء من تلك المصاعب التي لازمتهم فترة تواجدهم في الخارج والتلذذ بسعادة العودة لوطنهم ليبدأ الخوف مما هو خارج حساباتهم وما يستقبلهم أثناء بحثهم عن وظائف تتناسب مع تخصصاتهم ليجدوا من يقف لهم بالمرصاد من أعداء النجاح يضعون العراقيل أمامهم فلا وظيفة شاغرة فكل طلبات التوظيف تسبقها عبارة محبطة للخريج وشروط قاسية على كاهله وهي عبارة: (على أن يكون لديه خبرة لا تقل عن 5 سنوات)، هذه هي في حد ذاتها معاناة للخريج وأسرته وصدمة غير متوقعة مفاجئة يمكن أن توجب عليه البحث عن وظائف شاغرة في المنشآت النفسية. أود أن أوضح هنا عزيزي القارئ معاناة البعض من مبتعثينا خارج بلادهم، فهم يعيشون آمالا وأحلاما معلقة وأحيانا تظهر أمامهم بعض المواقف المحيرة والحرجة والمقلقة تجعلهم يفضلون العودة على الاستقرار. ومن الواجب علينا جميعا ألا نرمي بمعاناة البحث على مبتعثينا وحدهم التي انهكتهم قبل شروعهم بمسيرة الدراسة، وتتمثل معاناتنا هنا في البحث عن حلول تذلل تلك المصاعب التي تواجههم وذلك في استحداث مكتب مسؤول عن جميع متطلبات القبول في الجامعات إضافة إلى توفير العوائل التي تمنح سكن المبتعثين في الخارج من أجل سهولة تعلم اللغة، ولا يتم سفر الطالب بلا عنوان إلى حيث لا يعلم!. د. نواف الجهني جدة